عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحنيت رؤوسنا يا شيخنا الجليل

علمنى أبى فيما يعلم الآباء احترام حكمة الشيوخ، وان أنحنى أمام خبرتهم التى عركتها الحياة واصقلتها، لانها محصلة تجارب السنين وايام الشباب والمشيب، خاصة إذا كان الشيخ جليلا.. وثيق الصلة بالتدين والدين، فتكون لحكمته براهين اكثر من مجرد الحكاية

، ولكنى فى تلك اللحظة المريبة، بحثت عن حكمة الشيخ الجليل، فلم أجدها وغيرى، بحثت فى الأسباب والعلل، ولم أقتنع بها، فكيف أقنع بأن مفتينا الذى تسير وراء فتواه وحكمته أمة الإسلام فى أغلب المعمورة قد راودته لهفة الشوق لزيارة الأقصى، ففعل، دون أدنى اعتبار للتوابع، ودون ان ينظر فى تفاصيل المشهدين السياسى والاجتماعى على الأصعدة الثلاثة، المصرى..الفلسطينى.. الإسلامى، كيف نقبل والمشاهد الظلماء تتجسد أمامنا تباعا عبر التاريخ، تلونها دماء آلاف الشهداء القتلى فلسطينين..مصريين فى عشرات المذابح نفذتها إسرائيل لإشباع حلم دولة يهود الكبرى من النيل للفرات ، كم من الآبرياء قتلوا،كم من بيوت هدمت على رؤوس أصحابها الفلسطينين، كم من جرائم القتل والتدمير سجلها التاريخ ولا يزال.
المشاهد الظلماء ممتدة ولا تنتهى يا شخينا الجليل، فقبل أيام قلائل من زيارتك المشهودة للأقصى، وفى صورة ادمت قلوبنا، رقد مئات الاسرى الفلسطينيين أمام كاميرات العالم على اسرتهم القذرة المتهالكة بسجون إسرائيل، بلا طعام ولا شراب، وقد أعلنوا إضرابا حتى الموت اعتراضا على سياسة القمع التى تمارسها معهم سلطات الاحتلال الصهيونى، من اعتقال إدارى بلا تهمة أو محاكمة، وسجن انفرادى، وما يتردد من إجراء تجارب علمية عليهم بتجريب أدوية او فيروسات أو غيرهما، واعتبارهم فئران تجارب.
وقبيل هذا، كان مشهد التماس مع مصرنا، حيث رفعت إسرائيل «مدفع» لا عصا التهديد فى وجه مصر، وكالت لها الاتهامات بالتهاون والصمت على ما تزعمه إسرائيل من أعمال إرهاب فى سيناء موجه ضدها، وما روجت له من انطلاق صواريخ «غراد» على صوبها، وتلويحها بالرد بقوة على هذه الصواريخ بتدخلها المباشر فى سيناء، للقضاء على ما تزعمه من شبكات ارهاب سيناوى مدعوم من إيران ومن «خزعبلان».
وعلى التوازى مع المشهدين، تقف يد حكومة الاحتلال مصوبة بالاتهامات والتشويه نحو حدودنا، تروج لعمليات إرهاب قريبة على أرضنا، فيروزتنا «سيناء» فى احتفالية عيد تحريرها، لتسلبنا فرحة ذكرى الانتصار، ولتشتت انتباهنا، وتروع سياحنا، وتضرب المزيد من اقتصادنا، كم يساوى اشباع شوقك للاقصى يا شيخنا، امام الغضب الإسلامى والرفض المصرى، وتجمهر الشعب للمطالبة

بإسقاط حكمتك، اقصد برحيلك، كما تساوى كلمات الشيخ عكرمة صبرى خطيب المسجد الأقصى ضدك، حين قال ان زيارتك انتهاك لجميع المحارم وتعد لكل الخطوط متهما اياك بالـ«كذب» على الشعب المصرى والمسلمين حين قلت انك لم تر جنديا إسرائيليا واحدا داخل ساحة الأقصى، وقال هو ان جنود الصهاينة هم من أمنوا لك زيارة الأقصى، وان الجنود الإسرائيليين كانوا دوما ولا يزالون فى ساحة الأقصى ينتهكون حرماته فى كل الأوقات، والله لقد أحنيت رؤوسنا يا شيخنا الجليل.
هل كان ينقصنا التفتت والانقسام فى هذا الوقت ونحن موزعون بين مخاوف انتخابات الرئاسة وتشتت الدستور بين عناصر لجنة لم تقم لها قائمة، وبين التوجس من تمسك العسكر بالسلطان، هل كان ينقصنا الانقسام ونحن نرفض زيارة إخواننا المسيحيين للقدس بعد موت البابا شنودة، وكان يحرم عليهم الزيارة والقدس مدنسة بالاحتلال، هل كنا نحتاج إلى قضية أخرى أيا كان حجمها لنلوك الآراء ونخوض حرب الكلمات والاتهامات، لقد أحنيت رؤوسنا يا شيخنا الجليل أمام العالم الإسلامى، أمام الفلسطينيين أصحاب الأرض المنهوبة، أمام أنفسنا وضمائرنا، أما كان من باب أولى أن تسعى لزيارة غزة المحاصر، لترى بعينك حجم الذل والمهانة والقتل البطىء بدم بارد لإخوننا الفلسطينيين على أيدى المحتل الغاشم، أما كان أجدر ان تقلع أصلا عن شوقك ولا تلبى نداء الزيارة، إنا والله لمحزونون حزنا أضيف إلى أحزان عام مضى منذ قامت ثورتنا، تلك التى بتنا نبحث عنها فى الأرجاء فلا نجد منها إلا السراب، سامحك الله، لكن ذاكرة الشعوب لا تسامح.