رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

السياسة وفن الكذب على الشعب

المصدومون فى تراجع الإخوان المسلمين عن موقفهم السابق، وترشيح الشاطر لخوض انتخابات رئاسة الجمهورية، رغم تأكيد كليهما «الإخوان والشاطر» بكل الوعود والعهود السابقة بما خالف هذا الترشح، هؤلاء المصدومون ليس لهم أى حق فى الصدمة أو حتى الدهشة،

فلا صدق فى السياسة، ومن يعتقد أن هناك سياسياً فى العالم لا يكذب، فهو واهم، فما بالنا بمن هم يتصدرون المشهد السياسى فى مصر لأول مرة، ويخوضون التجربة السياسة العملية لأول مرة، ويحاولون إثبات وجودهم ونفوذهم وسيطرتهم على كل مقاليد السلطة أيضا لأول مرة.
فكلمة سياسة فى مصدرها اللغوى مشتقة من كلمة ساس، يسوس ثم سياسة، واصل كلمة ساس يطبق معناه الإنسان الذى يسوس الدواب، فيقال «ساس الدابة»، أى قام على أمرها من الإطعام والشراب والترويض والرعاية، أى أن أصل «ساس» كان مقصوراً على الدواب حتى اقتنصه الإنسان ليسوس به أخاه الانسان، فيقوم بقيادتهم وتدبير أمرهم، وإصدار الأوامر إليهم ونهيهم، ليسيرها على نهجه، أو على ما أراده هو، ومن يسوس البشر هو سياسى فى مصطلحنا وعرفنا، وكما كان الإنسان قديما يبذل كل ما بوسعه من حيل وقوة وشد و«رخى» ليهيمن على دابته ويسوسها، يبذل كل سياسى كل ما بوسعه من قوة ونفوذ ووعود وكذب على الآخرين ليسوسهم، ويكون هو السياسى الذى يتمتع بفن إدارة هذا «القطيع» عفوا أقصد هذا المجتمع.
ويذهب المعجم القانونى إلى تعريف السياسة أنها أصول أو فن إدارة الشئون العامة للمجتمع، لكن هذا التعريف يبدو مهذبا جدا، لأنه لم يتطرق إلى الأساليب التى يتبعها السياسى لتحقيق تلك الإدارة للمجتمع، قد تبدو كلماتى مقدمة طويلة، ولكن ما أردت الوصول إليه هو أنه لا يوجد سياسى على وجه الأرض لم يكذب، ولم يستخدم كل الحيل والألاعيب ليحقق نجاحات سياسية، ويصل إلى مبتغاه فى الهيمنة والسيطرة.
لذا ليس غريبا أن يعد الإخوان بعدم ترشيح أحد منهم لانتخابات الرئاسة، فيرشح، وليس غريبا أن نرى تسجيلات فيديو للشاطر يؤكد فيها أنه لا يفكر فى ترشيح نفسه، ثم يرشح، إنها لعبة السياسة، التى يجب أن نسميها باسمها الصحيح «فن الكذب لإدارة المجتمع»، ولسنا مطالبين بأن نصدق كلمات هؤلاء أو وعودهم حتى وإن أقسموا، بل علينا أن نبحث وراء الكلمات والوعود، ونفكر مليا، هل تتفق كلماتهم ووعودهم مع مصالحهم «ولا أقل مصالحنا نحن الشعب»، فإن لم تتفق، فهم كاذبون.
علينا أن نراقب جيدا فيما يجرى الآن وراء الكواليس، تلك الاجتماعات السرية المكثفة بين الإخوان والعسكرى لتسوية الملفات الشائكة، لن يضير العسكرى أن ينجح إخوانى أو ليبرالى أو علمانى فى رئاسة

الجمهورية، المهم أن يكون هناك اتفاق مسبق مع من سينجح، أو من يعتقدون أنه سينجح لعدم المساس بمصالحهم ومكاسبهم، أو حتى امتيازاتهم، فإذا ما حدثت التسوية تم بها ضمان الوضعية الخاصة للمؤسسة العسكرية بما يضمن عدم الاقتراب بالاستثمارات الاقتصادية للجيش، سيتم التوافق، ونفس القصة فى تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور، لا يهم اعتراض الشعب بكل فئاته، إذا يبدو أن شرعية الشعب انتهت، كما انتهت شرعية الثورة، المهم الآن توافق المصالح، فإذا ما تم الاتفاق على عناصر فى اللجنة التأسيسية المرتقبة للدستور، تضمن صياغة مواد دستورية لا تمس مصالح المؤسسة العسكرية، سيتم تمرير هذه اللجنة ومباركتها، وستبذل كل «الجهود السياسة» من فن الكذب لإقناع الشعب بأنه ليس بالإمكان أفضل مما كان، وسينتهى تشكيل اللجنة الدستورية بصورة أو بأخرى، وسيتم وضع مواد دستورية تضمن مصالح «دولهم ودكهوما» وسيتم اللعب على وتر أن الشعب يريد أن «يخلص» فإطالة أمد تشكيل اللجنة الدستورية، وإطالة حبال صياغة الدستور ومن ثم إعلانه، سيعنى إطالة أمد حكم العسكر، وبقاء الفترة الانتقالية إلى أجل غير معلوم، وسيكون فى هذا حجة وذريعة مقنعة، ولا ننسى فى هذا الأصل فى «الحدوتة» وهو المصلحة، فإذا ما تحققت الأخيرة حصل التوافق بل قل التحالف، وكانت المباركة، وهذا هو جوهر السياسة فى مضمونها الذى لا يعترف به الساسة أنفسهم، وهو فن الكذب لإدارة المجتمع، فمن الساسة من يكذب حتى يتجمل، ومنهم من يتجمل بالكذب، ومنهم يتجمل أولا ثم يكذب كصاحبنا «البلكينى» هؤلاء الذين لا يمكن أن نطبق عليهم قول رسولنا الكريم الذى ذكر من آيات النفاق إحداها «إذا حدث كذب» لأن الساسة لا يقولون إلا كذبا وإن أقسموا على الصدق.

[email protected]