«أَوَّلُ دَعْوَةِ الْمُرْسَلِينَ»
هَذَا الدِّينَ الْعَظِيمَ الَّذِى أَكْرَمَنَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِهِ، مَبْنَاهُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ الْأَصِيلِ الَّذِى أَرْسَلَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ أَجْمَعِينَ، وَهُوَ الْإِسْلَامُ الْعَامُّ، أَلَّا يُعْبَدَ إِلَّا اللهُ، وَأَلَّا يُعْبَدَ اللهُ إِلَّا بِمَا شَرَعَ.
قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (المؤمنون:23).
فَهَذَا دَعْوَةُ أَوَّلِ رَسُولٍ بَعْدَ حُدُوثِ الشِّرْكِ.
وَقَالَ هُودٌ لِقَوْمِهِ: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (الأعراف:59).
وَقَالَ صَالِحٌ لِقَوْمِهِ: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}.
وَقَالَ شُعَيْبٌ لِقَوْمِهِ: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}.
وقَالَ إِبْرَاهِيمُ (سلم) لِقَوْمِهِ: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (الأنعام: 79).
وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (الأنبياء: 25).
وَقَالَ تَعَالَى:{وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آَلِهَةً يُعْبَدُونَ} (الزخرف: 45).
وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات: 56).
وَقَالَ هِرَقْلُ لِأَبِي سُفْيَانَ -لَمَّا سَأَلَهُ عَنِ النَّبِيِّ (ص)-: مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟ قَالَ أَبُوسُفْيَانَ: يَقُولُ: (اعْبُدُوا اللهَ وَحْدَهُ، وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ). أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ دَعْوَةَ الْمُرْسَلِينَ إِنَّمَا هِيَ: (دَعْوَةٌ إِلَى عِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ).
هَذَا التَّوْحِيدُ أَوَّلُ وَاجِبٍ عَلَيْكَ، وَآخِرُ وَاجِبٍ عَلَيْكَ، وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْكَ فِيمَا بَيْنَهُمَا.
أَوَّلُ مَا يَدْخُلُ بِهِ الْعَبْدُ الْإِسْلَامَ هُوَ هَذَا التَّوْحِيدُ، وَآخِرُ مَا يَخْرُجُ بِهِ مِنَ الدُّنْيَا؛ قَالَ (ص): (مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، دَخَلَ الْجَنَّةَ). كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ.
إِنَّ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ يَجِبُ إِخْلَاصُهَا للهِ تَعَالَى.
وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ أَجمَعِينَ.