عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وصف «الأسطورة».. لا يليق بمحمد ولا بالمسيح

بوابة الوفد الإلكترونية

نشرت جريدة الأهرام ملفاً رائعاً عن النبى محمد صلى الله عليه وسلم فى ملحق الجمعة الصادر يوم 10 مايو 2019 الموافق الجمعة الأولى من شهر رمضان الكريم. تضمن الملحق مجموعة من المواد الجديدة والقديمة التى تدل على التوفيق فى الاختيار، وهو ما يستحق عليه الأستاذ محسن عبدالعزيز المشرف على الملحق والفريق الذى يعمل معه، الإشادة والتحية والتقدير على ما بذلوه من جهد كبير.

تميز الملحق بالتنوع فى 8 صفحات، وكأنها كتيب صغير ولكنه شديد الثراء، فقد تصدره مقال للأستاذ محسن عبدالعزيز بعنوان «محمد صلى الله عليه وسلم أعظم عظماء التاريخ» وعن يمينه قصيدة خليل مطران «رسالة محمد.. رسالة الله» وعن يساره قصيدة «ترتيلة محمد» من شعر: جوته وترجمة: بهجت عباس. وازدان الملحق بمجموعة من الموضوعات: الرسول صلى الله عليه وسلم بين منهج «هيكل» وفلسفة «وجدي»: لنبيل عمر. فقه السيرة.. كتاب الغزالى الذى أغضب المتصوفة والسلفيين: لخالد عميرة. فعلها «العقاد» إذن.. محمد بين العبقرية والنبوة: لمحمد شمروخ. البطل فى صورة رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم: لتوماس كارلايل، ترجمة: محمد السباعي. محمد رسول الله: لمايكل هارت، ترجمة: أنيس منصور. رسول الله: لإميل درمنجم، ترجمة: محمد عادل زعيتر. يُتم النبى صلى الله عليه وسلم: لأسامة الرحيمي. «حياة محمد» كما رآها «لامارتين»: لرانيا حفني. محمد رسول الحرية: للدكتور جابر عصفور. أمام قبر الحبيب: لخالد عميرة. الفاتح لما أغلق: لوسام سعيد. أروع قصة حب فى حياة الرسول صلى الله عليه وسلم: للدكتور محمد حسين أبوالحسن. آثار النبى صلى الله عليه وسلم فى القاهرة المحروسة: لولاء جمال.

ومن أروع المقالات فى الملحق مقال للمفكر الأستاذ صلاح سالم، يقدم فيه لمحات حول أوجه التقارب والاختلاف بين الأنبياء فى الديانات السماوية الكبرى: الإسلام والمسيحية واليهودية، مشيراً إلى أن المسيحية ركزت على إصلاح الذات الإنسانية للوصول إلى صلاح الآخرة، وأن الإسلام انطوى على نزعة إيجابية لتغيير العالم، وأن عظمة النبى محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه تجلت فى الاتجاه إلى إصلاح الدنيا، ولذلك «يصبح التاريخ فى نظر الإسلام بمثابة سجل المحاولات البشرية الدائبة لتحقيق الملكوت الإلهي، وتنضوى أبعاده الثلاثة فى علاقة جدلية، فالحاضر هو نتيجة الماضي، والمستقبل ينهض على ما نقوم به الآن، فإذا كان ثمة مصاعب أو أخطاء نعانيها اليوم فمن الممكن تلافيها غداً لأنها ليست قدراً محتوماً، بل هى محصلة تفاعل إرادتنا التى نملكها مع التاريخ الذى لم ينته بعد». والمقال يدعو المسلمين فى عصرنا الحالى لنفض غبار التخلف عن حاضرهم ومستقبلهم، مستمدين الإرادة مما دعا إليه الإسلام، وما أنجزته الحضارات العالمية، ومنها الحضارة الإسلامية، عندما أخذت بشروط الفعل الحضاري، وينبه إلى أننا هبطنا عن الصورة الراقية التى صنعها النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لذا يجب أن نصعد إليها مرة أخرى «وإلا فلا قيمة كبيرة لعباداتنا، ولا معنى جوهريا لوجودنا».

ولا يعيب المقال سوى أن صاحبه أطلق وصف «الأسطورة» على النبى محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك النبى عيسى المسيح عليه السلام. وقد بدأ هذا الوصف فى عنوان المقال «محمد صلى الله عليه وسلم الأسطورة فى قلب التاريخ» وتكرر فى المتن فى أكثر من موضع.

وفى اعتقادي، أن المؤلف تعجل فى استخدام هذا الوصف، متأثراً بالدلالة الجديدة التى أضفاها الناس على الكلمة فى الفترة الأخيرة، فهم يصفون الشخص الذى يأتى ببطولات رهيبة بأنه «أسطورة»، وحدث هذا مع الفنان محمد رمضان الذى لقبوه بالأسطورة بعد أدائه دوراً فى مسلسل حمل هذا الاسم، وأيضا اللاعب

المصرى العالمى محمد صلاح الذى قدم نموذجاً رائعاً فى التفوق بصورة لافتة للأنظار، جعلته قدوة للفتيان والشباب، ومصدر فخر للصغار والكبار.

الدلالة الجديدة للكلمة تشير إلى الشخص العظيم الذى يمكن أن نقول عنه مجازاً إنه «معجزة»، وهذه الدلالة غير راسخة، ولا نضمن أن تستقر فى المستقبل، لتزيح الدلالة القديمة.

الدلالة الأصلية للكلمة التى ما زالت مستخدمة حتى اليوم تشير إلى ما توارثته الأمم من قصص عن الأفعال خارقة للعادة فى الأزمنة الغابرة، ولكن هذه القصص ليست حقيقية ولم تقع فى أرض الواقع.

وبالعودة إلى المعجم الوسيط نجد أن كلمة «الأسطورة» تدل على: الخُرافة، والحكاية التى ليس لها أصل.

وكنت أرجو ألا يقع المؤلف فى خطأ إطلاق «الأسطورة» على النبيين محمد وعيسى عليهما الصلاة والسلام، فهما لم يأتيا بخرافة، والمقال نفسه يؤيد هذا.

بل إن أسلوبه الفكرى الفلسفي، كان يحتم عليه ألا يقع فى هذه الزلة، خاصة أن المعنى الفلسفى للكلمة يحمل معنى الخرافة، ففى الفلسفة «الأسطورة: قصة خيالية ذات أصل شعبى تمثل فيها قوى الطبيعة بأشخاص يكون لأفعالهم ومغامراتهم معانٍ رمزية، كالأساطير اليونانية التى تفسر حدوث ظواهر الكون والطبيعة بتأثير آلهة متعددة» (المعجم الفلسفي، د. جميل صليبا، جـ 1).

والاستخدام القرآنى لكلمة «الأسطورة» لا يحمل معنى العظمة مطلقا، وإنما يعنى ما جاءت به الأمم السابقة من أكاذيب، ففى تكذيب المشركين لما جاء به النبى محمد صلى الله عليه وسلم من القرآن كانوا يقولون إنه «أساطير الأولين»، ومنه قول الله عز وجل: ﴿وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَٰذَا ۙ إِنْ هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (31)﴾ (سورة الأنفال)، وقوله تعالى: ﴿وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5)﴾ (سورة الفرقان).

ولأن الخيال من السمات المميزة للإنسان، فإنه قد يؤدى به إلى الإبداع وتقديم ما هو مفيد للبشرية، أو يقوده إلى اختلاق الأكاذيب ونشرها بين الناس. و«الأسطورة» ما هى إلا خيال نشأ فى أذهان بعض الأشخاص، لكنه عبارة عن قصص مختلقة وتحمل الأكاذيب.

وفى تفسير لنشأة الأساطير لدى الأمم، يشير أمين سلامة فى كتابه «الأساطير اليونانية والرومانية» إلى أنه «إذا رجع الإنسان بمخيلته إلى بدايات الزمن الغامضة وجد أنه: إذا لم تُنِر الديانة الحقيقية ذهن الإنسان، ولم تفسر له العلوم الأشياء ونشأتها، فإنه قد يلاحظ مولد ما نسميه بالأساطير».