رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الإمام الشافعى

بوابة الوفد الإلكترونية

سؤال المسابقة

س: أين ولد الإمام الشافعى؟

أبو عبدالله محمد بن إدريس الشافعيّ المطَّلِبيّ القرشيّ هو ثالث الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الشافعى فى الفقه الإسلامى، ومؤسس علم أصول الفقه، وهو أيضاً إمام فى علم التفسير وعلم الحديث، وقد عمل قاضياً فعُرف بالعدل والذكاء.

وإضافةً إلى العلوم الدينية، كان الشافعى فصيحاً شاعراً، ورامياً ماهراً، ورحّالاً مسافراً.

أكثرَ العلماءُ من الثناء عليه، حتى قال فيه الإمام أحمد: «كان الشافعى كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس»، وقيل أنه هو إمامُ قريش الذى ذكره النبى صلى الله وعليه وسلم بقوله: «عالم قريش يملأ الأرض علماً».

ولد الشافعى بغزة عام 150 هـ، وانتقلت به أمُّه إلى مكة وعمره سنتان، فحفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع سنين، وحفظ الموطأ وهو ابن عشر سنين، ثم أخذ يطلب العلم فى مكة حتى أُذن له بالفتيا وهو فتىً دون عشرين سنة. هاجر الشافعى إلى المدينة المنورة طلباً للعلم عند الإمام مالك بن أنس، ثم ارتحل إلى اليمن وعمل فيها، ثم ارتحل إلى بغداد سنة 184 هـ، فطلب العلم فيها عند القاضى محمد بن الحسن الشيبانى، وأخذ يدرس المذهب الحنفى، وبذلك اجتمع له فقه الحجاز (المذهب المالكي) وفقه العراق (المذهب الحنفي).

عاد الشافعى إلى مكة وأقام فيها تسع سنوات تقريباً، وأخذ يُلقى دروسه فى الحرم المكى، ثم سافر إلى بغداد للمرة الثانية، فقدِمها سنة 195 هـ، وقام بتأليف كتاب الرسالة الذى وضع به الأساسَ لعلم أصول الفقه، ثم سافر إلى مصر سنة 199 هـ.

وفى مصر، أعاد الشافعى تصنيف كتاب الرسالة الذى كتبه للمرة الأولى فى بغداد، كما أخذ ينشر مذهبه الجديد، ويجادل مخالفيه، ويعلِّم طلابَ العلم، حتى توفى فى مصر سنة 204 هـ.

وكان الشافعى يستمع إلى المحدِّثين، فيحفظ الحديث بالسمع، ثم يكتبه على الخزف أو الجلود، وكان يذهب إلى الديوان يستوعب الظهور ليكتب عليها، والظهور هى الأوراق التى كُتب فى باطنها وتُرك ظهرها أبيض، وذلك يدل على أنه أحب العلم منذ نعومة أظفاره.

قال الشافعى: «لم يكن لى مال، فكنت أطلب العلم فى الحداثة، أذهب إلى الديوان أستوهب منهم الظهور وأكتب فيها»، وقال: «طلبت هذا الأمر عن خفة ذات اليد، كنت أجالس الناس وأتحفظ، ثم اشتهيت أن أدون، وكان منزلنا بمكة بقرب شِعب الخَيْف، فكنت آخذ العظام والأكتاف فأكتب فيها، حتى امتلأ فى دارنا من ذلك حبان».

إضافةً إلى حفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية، اتجه الشافعى إلى التفصُّح فى اللغة العربية، فخرج فى سبيل هذا إلى البادية، ولازم قبيلة هذيل، قال الشافعي: «إنى خرجت عن مكة، فلازمت هذيلاً بالبادية، أتعلم كلامها، وآخذ طبعها، وكانت أفصح العرب، أرحل برحيلهم، وأنزل بنزولهم، فلما رجعت إلى مكة جعلت

أنشد الأشعار، وأذكر الآداب والأخبار».

ولقد بلغ من حفظه لأشعار الهذليين وأخبارهم أن الأصمعى الذى له مكانة عالية فى اللغة قال: «صححت أشعار هذيل على فتى من قريش يقال له محمد بن إدريس».

لما عاد الشافعى إلى مكة تابعَ طلبَ العلم فيها على من كان فيها من الفقهاء والمحدثين، فبلغ مبلغاً عظيماً، حتى أذن له مسلم بن خالد الزنجى مفتى مكة بالفتيا، فقد روى عن مسلم بن خالد الزنجى أنه قال للشافعي: «أفت يا أبا عبدالله، فقد والله آن لك أن تفتي»، وهو ابن خمس عشرة سنة، وقيل: وهو ابن ثمانى عشرة سنة، وقيل: وهو ابن دون عشرين سنة.

لما انتشر اسم إمام المدينة مالك بن أنس فى الآفاق، وتناقلته الركبان، وبلغ مبلغاً عظيماً فى العلم والحديث، سمت همة الشافعى إلى الهجرة إلى المدينة المنورة فى طلب العلم ومما روى عن الشافعى فى هذا المقام أنه قال: «فارقت مكة وأنا ابن أربع عشرة سنة، فرأيت ركباً فحملنى شيخ منهم إلى المدينة، فختمت من مكة إلى المدينة ست عشرة ختمة، ودخلت المدينة يوم الثامن بعد صلاة العصر، فصليت العصر فى مسجد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ولذت بقبره، فرأيت مالك بن أنس رحمه الله متزراً ببردة متشحاً بأخرى.

عاد الشافعى إلى مكة، وأخذ يُلقى دروسه فى الحرم المكى، والتقى به أكبر العلماء فى موسم الحج، واستمعوا إليه، وفى هذا الوقت التقى به أحمد بن حنبل، وقد أخذت شخصية الشافعى تظهر بفقه جديد، لا هو فقهُ أهلِ المدينةِ وحدَهم، ولا فقهَ أهلِ العراقِ وحدَهم، بل هو مزيج منهما، وخلاصةُ عقل الشافعى الذى أنضجه علم الكتاب والسنة، وعلمُ العربية وأخبار الناس والقياس والرأى، ولذلك كان من يلتقى به من العلماء يرى فيه عالماً هو نسيجٌ وحدَه.