((التَّوْحِيدُ أَوَّلُ وَاجِبٍ عَلَى الْعَبِيدِ))
إِنَّ اللهَ (تبارك وتعالي) خَلَقَنَا؛ لِنَعْبُدَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ, وَلِأَجْلِ هَذِهِ الْغَايَةِ أَرْسَلَ اللهُ الْمُرْسَلِينَ, وَنَبَّأَ النَّبِيِّينَ, وَأَنْزَلَ الْكُتُبَ, وَلِأَجْلِ تَحْقِيقِ هَذِهِ الْغَايَةِ قَامَتِ الْمَعْرَكَةُ بَيْنَ جُنْدِ الرَّحْمَنِ وَجُنْدِ الشَّيْطَانِ؛ فَلِأَجْلِ تَوْحِيدِ اللهِ، وَلِأَجْلِ إِخْلَاصِ الْعِبَادَةِ لِوَجْهِهِ كَانَ هَذَا كُلُّهُ.
عِبَادَ اللهِ! التَّوْحِيدُ أَوَّلُ مَا أَمَرَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِهِ مِنَ الْوَاجِبَاتِ, وَأَوَّلُ أَوَامِرُ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ تَوَجَّهَ بِهَا اللهُ فِى أَوَّلِ أَمْرٍ فِى سُورَةِ الْبَقَرَةِ أَوَّلُ أَمْرٍ فِى الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} [البقرة: 21].
هَذَا أَوَّلُ أَمْرٍ فِى الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ أَمَرَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِهِ، وَأَرْسَلَ لِأَجْلِهِ الرُّسُلَ وَأَنْزَلَ لِأَجْلِهِ الْكُتُبَ، وَلَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْ أَحَدٍ أَخَلَّ بِهِ عَمَلًا.
عَلَيْنَا أَنْ نَجْتَهِدَ فِى تَحْقِيقِ التَّوْحِيدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ وَكَمَا أَنَّ اللهَ لَا يَقْبَلُ مِنْكَ الصَّلَاةَ إِلَّا إِذَا أَتَيْتَ بِشَرْطِ الطَّهَارَةِ؛ فَيَنْبَغِى عَلَيْكَ أَنْ تُقِرَّ أَنَّ اللهَ لَا يَقْبَلُ مِنْكَ عَمَلًا وَلَا قَوْلًا وَلَا اعْتِقَادًا حَتَّى تَأْتِيَ بِشَرْطِ التَّوْحِيدِ.
وَالتَّوْحِيدُ: هُوَ إِفْرَادُ اللهِ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَالْأُلُوهِيَّةِ وَالْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ.
*تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ: وَهُوَ الْعِلْمُ وَالْإِقْرَارُ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْخاَلِقُ الرَّزَّاقُ الَّذِى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ، وَيُحْيِى ويُمِيتُ.
*وَتَوْحِيدُ الْأُلُوهِيَّةِ: وَهُوَ إِفْرَادُ اللهِ بِالْعِبَادَةِ؛ كَالدُّعَاءِ، وَالنَّذْرِ، وَالذَّبْحِ، وَالِاسْتِغَاثَةِ، وَمَا أَشْبَهَ.
*وَتَوْحِيدُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ: وَهُوَ إِثْبَاتُ مَا أَثْبَتَهُ اللهُ لِنَفْسِهِ، أَوْ أَثْبَتَهُ لَهُ رَسُولُهُ (ص) مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ؛ كَمَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَعَظَمَتِهِ، مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٍ وَلَا تَكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلٍ.
عَلَيْنَا أَنْ نَعْلَمَ التَّوْحِيدَ، وَأَنْ نَصْبِرَ عَلَى تَعَلُّمِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَغِيظُ الشَّيْطَانَ شَيْءٌ إِلَّا الدَّعْوَةُ إِلَّى تَوْحِيدِ اللهِ، لِأَنَّ فِيهَا الْخُصُومَةَ؛ وَلِذَلِكَ تَنْزِلُ السَّكِينَةُ فِى مَجَالِسِ تَعْلِيمِ التَّوْحِيدِ.
وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ أَجمَعِينَ.