رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. محمد سعيد رسلان يكتب: حقيقة الصيام

د. محمد سعيد رسلان
د. محمد سعيد رسلان

إنَّ الصِّيَامَ الْحَقِيقِى هُوَ الصِّيَامُ عَنْ سَائِرِ الْمَعَاصِى وَالذُّنُوبِ وَالْآثَامِ؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ؛ فَلَا يَرْفُثْ -وَالرَّفَثُ: هُوَ ذِكْرُ الْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ عِنْدَ النِّسَاءِ خَاصَّةً-فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أو قَاتَلَهُ؛ فَلْيَقُلْ: إِنِّى صَائِمٌ، إِنِّى صَائِمٌ».

وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ».

النَّبِى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-يَجْعَلُ لَنَا هَذَا الْأَمْرَ قَائِمًا عَلَى نَحْوٍ بَدِيعٍ جِدًّا، يَقُولُ: «لَيْسَ الصِّيَامُ مِنَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ... »، مِنْ أى شَىء هُوَ إِذَنْ؟!!

يَقُولُ النَّبِى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «... إِنَّمَا الصِّيَامُ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ».

حَقِيقَةُ الصِّيَامِ وَكَمَالُ الصِّيَامِ فِى الِامْتِنَاعِ وَالْكَفِّ عَنِ اللَّغْوُ وَالرَّفَثِ، عَنِ الْكَلَامِ الَّذِى لَا يُجْدِى، وَعَنِ الْكَلَامِ الَّذِى لَا يُفِيدُ، وَعَنِ الْكَلَامِ الَّذِى لَا لَكَ وَلَا عَلَيْكَ؛ فَهَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ فِى تَفْسِيرِ اللَّغْوِ؛ لِأَنَّ اللَّغْوَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ هَاهُنَا ثَوَابٌ وَلَا عِقَابٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مُضِى الْوَقْتِ عَلَى حَسَبِ الْمُبَاحِ يَتَأَتَّى بِخِزَانَةٍ فَارِغَةٍ يَوْمَ الْعَرْضِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى، وَعِنْدَئِذٍ يَكُونُ تِرَةً كَمَا أَخْبَرَ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وَأَمَّا الرَّفَثُ فَهُوَ كُلُّ نُطْقٍ بِقَبِيحٍ، وَكُلُّ قَبِيحٍ مِنْ مَنْطُوقٍ فَهُوَ

رَفَثٌ، فإذا مَا اسْتَطَاعَ الْإنسان أَنْ يُلَجِّمَ لِسَانَهُ بِزِمَامِهِ بِزِمَامِ الشَّرْعِ فَصَارَ فِى يَدِهِ، يَقُودُهُ حَيْثَ يُرِيدُ وَيُصَرِّفُهُ كَيْفَمَا يَشَاءُ عَلَى مُقْتَضَى قَوَاعِدِ الشَّرْعِ الْأَغَرِّ، فَقَدْ صَامَ حَقًّا، ثُمَّ هُوَ زَادٌ بَعْدُ؛ إذ يَتَدَرَّبُ الْمَرْءُ شَهْرًا كَامِلًا لِحِيَاطَةِ اللِّسَانِ مِنْ آفَاتِهِ، وَلِتَجْمِيدِ هَذَا اللِّسَانِ مِنَ الْوُقُوعِ فِى زَلَّاتِهِ بِجَمِيعِ آفَاتِهَا.

يَقُولُ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلهِ حَاجَةٌ فِى أَنْ يَدَعَ -أَى يَتْرُكَ-طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ».

مَا الصَّوْمُ إِلَّا تَغْيِيرٌ لِلنفس الْإنسانيَّةِ، وَإِخْرَاجٌ لَهَا عَمَّا اعْتَادَتْهُ وَعَمَّا أَلِفَتْهُ، هُوَ إِخْرَاجٌ لَهَا بِتَغْيِيرٍ لِحَنَايَاهَا وَثَنَايَاهَا وَتَصَوُّرَاتِهَا وَعَادَاتِهَا وَفِكْرِهَا، فَإِنْ لَمْ يَقَعْ هَذَا التَّغْيِيرُ فَكَبِّرْ عَلَى الصَّائِمِينَ أَرْبَعًا، فَلَمْ يَفْعَلُوا شَيْئًا، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِى الْعَظِيمِ!!

وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ أَجمَعِينَ.