رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

اللغة والقوة والسياسة

بوابة الوفد الإلكترونية

«اللغة هى العصا السحرية التى من خلالها تفرض السياسة سلطتها».

العلاقة بين اللغة والقوة والسياسة علاقة جدلية؛ كلاهما يؤثر فى الآخر، فاللغة تُعَدُّ أداة مهمة فى الخطاب السياسى، وعاملًا مهمًّا من عوامل الإقناع، والتزوير والتضليل وصناعة التحيُّز، وصناعة الشعارات، واستثارة الرمز اللغوى فى الخطاب السياسى، فاللغة هنا تصنع القوة التى تُغيِّر وتقنع وتُحفِّز وتُضلِّل.

 

< السياسة="" وقوة="" الرموز="">

ليست اللغة أداة لمسرح الأحداث السياسية فقط، وإنما تُعد اللغة جزءًا من الأحداث السياسية نفسها، فهى تُشكِّل معنى الأحداث، وتساعد على تشكيل الأدوار السياسية والسلوك العام للشعب؛ لذلك تتكامل اللغة مع الأحداث، كل منهما يُكمل الآخر، ويُحدِّد كل منهما معنى الآخر والقصد منه.

فبالنظر- مثلًا- إلى الرموز اللغوية الآتية:

 (الأمن القومى)، (المخابرات)، (الوطن).

نجد أنها تؤثر فى السلوك السياسى لدى العامَّة حين تستخدم بعض الحكومات هذه الرموز اللغوية لإثارة العامَّة وتحفيزهم إلى تقديم المزيد من التنازلات والتضحيات فى أوقات الأزمات، ومواجهة أعداء الدولة.

أيضًا قد تتسبَّب المصطلحات نفسها فى إثارة نوع من القلق لدى أفراد الشعب حين تلجأ الحكومة لفرض قوانين استثنائية للسيطرة على الأمن.

فمن المهم أن نضع فى الاعتبار الآثار التى تعكسها اللغة السياسية على فكر الناس ومشاعرهم وسلوكياتهم.

   

•   الخطاب السياسى واستثارة الرموز اللغوية

يلجأ الخطاب السياسى إلى استثارة الرموز فى عقول ونفوس المخاطبين من أفراد الشعب كى يتمكَّن من

تحقيق أهدافه.

فحين يكون الهدف صرف الناس عن أمور معينة فإنه يصف هذه الأمور، وتلك الأعمال بأنها: تمرُّد، تخريب، خيانة، مُناهَضة للسلطة، قلب نظام الحكم، جماعة محظورة، إرهاب، تطرُّف، تمويل خارجى، أجندات

أجنبية... إلخ.

وفى المقابل فإن الأمور نفسها يمكن وصفها بأوصاف إيجابية تثير فى النفس رضًا، وفى العقل اقتناعًا، فيمكن مثلًا أن نجد الأوصاف الآتية:

ضحايا الفقر، ضحايا الجهل، ضغوط نفسية... إلخ.

ولنضرب مثلًا على هذه المفاهيم: حيث يمكن وصف السجين بأنه: سفاح ومجرم، ويمكن وصفه بأنه ضحية الفقر، أو مضطرب العقل، أو مظلوم.

وما من شك فى أن هذه التعبيرات السياسية هى رموز لغوية تثير فى عقولنا ونفوسنا اهتمامًا خطيرًا يُؤثِّر على نظرتنا للقضية أو الشخص.

ونجاح السياسة أو فشلها فى الوصول إلى أهدافها فى الإقناع والتواصل مع الشعب وتوجيه أفراده نحو الهدف السياسى المطلوب، يتوقف على حسن توظيف الرموز اللغوية التى لها رصيد فى عقول أفراد الشعب ونفوسهم.

وعلى المستوى العالمى تظهر هذه الحقيقة فى إطلاق أمريكا جملة من التعبيرات السياسية، واستخدامها كرموز لغوية تثير فى نفوس الشعوب التعاطف مع موقف أمريكا، والاقتناع به أو تبريره- على الأقل- للشعب الأمريكى، ليظل مساندًا لحكومته، ومؤيدًا ومناصرًا لها.

والحديث موصول إن شاء الله تعالى.

‏dr. [email protected] com