رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

آداب المستفتي


المستفتي (أي السائل) هو الركن الثالث والاخير من أركان عملية الافتاء وينبغي علي المستفتي التحلي بعدد من الاداب يتيح الاستفادة علي الوجه الامثل من الفتوي والمفتي فان مراعاة المستفتي لهذه الاداب تكمل المنظومة الحضارية بين أطراف العملية الافتائية ومن هذه الاداب ما يلي:

1 ـ حفظ الأدب مع المفتي: فالمفتي عالم في الدين ومتخصص في الشريعة الاسلامية فعلي العامي اذا ذهب اليه مراعاة الادب واعتبار منزلته في تخصصه كمن ذهب الي طبيب يستشيره ويسأله عن العلاج فكذلك يراعي المستفتي حفظ الادب مع من يفتيه فيجله ويحترمه لعلمه ولانه مرشد له. ولا ينبغي أن يسأله عند هم أو ضجر أو نحو ذلك مما يشغل القلب.

2 ـ عدم الاصرار علي مطالبة المفتي بالحجة والدليل: فقد اختلف الفقهاء هل للمستفتي أن يطالب المفتي بالحجة والدليل والراجح انه لا ينبغي للمستفتي أن يطالب المفتي بالدليل وذلك ليس من باب التحكم والكهنوت وانما لمراعاة حال المستفتي فالاصل في العامي انه لا علم له بالدليل أصلاً ولا بقطعية الدلالة وظنيتها ومطالبته بالدليل قد تكون من باب الشغب والتناظر بين المتخصصين وغير المتخصصين فنحن لا نمنع من المناظرة والإثراء الفكري والعلمي ولكن ينبغي أن تكون تلك المناظرات والمناقشات بين أهل الاختصاص فليس هناك من فائدة علمية من أن يناقش المريض الطبيب في التشخيص وسبب هذا التشخيص مثلاً.

3 ـ عدم الإكثار من السؤال في غير فائدة: فيكره كثرة السؤال أو السؤال عما لا ينفع في الدين أو السؤال عما لم يقع أو أن يسأل عن صعاب المسائل أو عن الحكمة في المسائل التعبدية. قال ابن عباس رضي الله عنه (يصف صحابة النبي صلي الله عليه وسلم): ما كانوا يسألون إلا عما ينفعهم وقال لعكرمة: «اخرج يا عكرمة فأفت الناس ومن سألك عما لا يعنيه فلا تفته فانك تطرح عن نفسك الناس» (الذهبي في سير أعلام النبلاء ج 5 ص 5).

4 ـ حُسن تخير من يفتيه: ينبغي أن يتحري المستفتي قصد العالم المتخصص في علوم الشريعة المجتمع علي أهليته للفتوي والتحري في هذا الامر ـ خاصة في عصرنا هذا ـ أهم من التحري في قصد الطبيب الحاذق فان الخطأ في قصد الطبيب الحاذق يفسد عليك أمر المعاش أما الخطأ في قصد العالم فيفسد عليك المعاش والممات.

5 ـ مصارحة نفسه اذا كان يعلم أن باطن الامر بخلاف ما سأل: ان المفتي يفتي بالظاهر وبما تبين من أدلة وقد يدعي انسان حقاً ليس له ويقيم عليه الادلة والشهود فيجيبه المفتي طبقاً لتلك الادلة أو الشهود وبمقتضي الظاهر ويكون للمسألة أمر باطن لم يُطلع المستفتي المفتي عليه وهنا لا يجوز للمستفتي العمل بتلك الفتوي اعتماداً علي انها فتوي للمفتي لان المفتي لو اطلع علي باطن الامر وصدق المستفتي في عرض مسألة لم يفت بما أفتي به وفي هذا المعني يقول ابن القيم: «ولا تخلصه فتوي المفتي من الله اذا كان يعلم أن الامر في الباطن بخلاف ما أفتاه كما لا ينفعه قضاء القاضي له بذلك كما قال النبي صلي الله عليه وسلم: «من قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذه فانما أقطع له قطعة من نار» (البخاري ومسلم). والمفتي والقاضي في هذا سواء ولا يظن المستفتي أن مجرد فتوي الفقيه تبيح له ما سأل عنه اذا كان يعلم أن الامر بخلافه في الباطن سواء تردد أو حاك في صدره لعلمه بالحال في الباطن» (اعلام الموقعين لابن القيم ج 4 ص 195).

وان وجد المستفتي أكثر من عالم وكلهم عدل وأهل للافتاء فقد ذهب جمهور الفقهاء الي أن علي المستفتي الاختيار بينهم يسأل منهم من يشاء ويعمل بقوله فان سأل المستفتي أكثر من مفت فاتفقت أجوبتهم فعليه العمل بذلك ان اطمأن الي فتواهم وان اختلفوا ذهب جمهور الفقهاء: الحنفية والمالكية وبعض الحنابلة وابن سريج والسمعاني والغزالي من الشافعية الي أن العامي ليس مخيراً بين أقوالهم يأخذ بما شاء ويترك ما شاء بل عليه العمل بنوع من الترجيح والترجيح يكون باعتقاد المستفتي في الذين أفتوه أيهم أعلم فيأخذ بقوله ويترك قول من عداه.

Normal 0
false false false
EN-US X-NONE AR-SA
MicrosoftInternetExplorer4

الشاهد..

آداب المستفتي

بقلم: فضيلة الإمام علي جمعة

مفتي الجمهورية

المستفتي (أي السائل) هو الركن الثالث والاخير من أركان عملية الافتاء وينبغي علي المستفتي التحلي بعدد من الاداب يتيح الاستفادة علي الوجه الامثل من الفتوي والمفتي فان مراعاة المستفتي لهذه الاداب تكمل المنظومة الحضارية بين أطراف العملية الافتائية ومن هذه الاداب ما يلي:

1 ـ حفظ الأدب مع المفتي: فالمفتي عالم في الدين ومتخصص في الشريعة الاسلامية فعلي العامي اذا ذهب اليه مراعاة الادب واعتبار منزلته في تخصصه كمن ذهب الي طبيب يستشيره ويسأله عن العلاج فكذلك يراعي المستفتي حفظ الادب مع من يفتيه فيجله ويحترمه لعلمه ولانه مرشد له. ولا ينبغي أن يسأله عند هم أو ضجر أو نحو ذلك مما يشغل القلب.

2 ـ عدم الاصرار علي مطالبة المفتي بالحجة والدليل: فقد اختلف الفقهاء هل للمستفتي أن يطالب المفتي بالحجة والدليل والراجح انه لا ينبغي للمستفتي أن يطالب المفتي بالدليل وذلك ليس من باب التحكم والكهنوت وانما لمراعاة حال المستفتي فالاصل في العامي انه لا علم له بالدليل أصلاً ولا بقطعية الدلالة وظنيتها ومطالبته بالدليل قد تكون من باب الشغب والتناظر بين المتخصصين وغير المتخصصين فنحن لا نمنع من المناظرة والإثراء الفكري والعلمي ولكن ينبغي أن تكون تلك المناظرات والمناقشات بين أهل الاختصاص فليس هناك من فائدة علمية من أن يناقش المريض الطبيب في التشخيص وسبب هذا التشخيص مثلاً.

3 ـ عدم الإكثار من السؤال في غير فائدة: فيكره كثرة السؤال أو السؤال عما لا ينفع في الدين أو السؤال عما لم يقع أو أن يسأل عن صعاب المسائل أو عن الحكمة في المسائل التعبدية. قال ابن عباس رضي الله عنه (يصف صحابة النبي صلي الله عليه وسلم): ما كانوا يسألون إلا عما ينفعهم وقال لعكرمة: «اخرج يا عكرمة فأفت الناس ومن سألك عما لا يعنيه فلا تفته فانك تطرح عن نفسك الناس» (الذهبي في سير أعلام النبلاء ج 5 ص 5).

4 ـ حُسن تخير من يفتيه: ينبغي أن يتحري المستفتي قصد العالم المتخصص في علوم الشريعة المجتمع علي أهليته للفتوي والتحري في هذا الامر ـ خاصة في عصرنا هذا ـ أهم من التحري في قصد الطبيب الحاذق فان الخطأ في قصد الطبيب الحاذق يفسد عليك أمر المعاش أما الخطأ في قصد العالم فيفسد عليك المعاش والممات.

5 ـ مصارحة نفسه اذا كان يعلم أن باطن الامر بخلاف ما سأل: ان المفتي يفتي بالظاهر وبما تبين من أدلة وقد يدعي انسان حقاً ليس له ويقيم عليه الادلة والشهود فيجيبه المفتي طبقاً لتلك الادلة أو الشهود وبمقتضي الظاهر ويكون للمسألة أمر باطن لم يُطلع المستفتي المفتي عليه وهنا لا يجوز للمستفتي العمل بتلك الفتوي اعتماداً علي انها فتوي للمفتي لان المفتي لو اطلع علي باطن الامر وصدق المستفتي في عرض مسألة لم يفت بما أفتي به وفي هذا المعني يقول ابن القيم: «ولا تخلصه فتوي المفتي من الله اذا كان يعلم أن الامر في الباطن بخلاف ما أفتاه كما لا ينفعه قضاء القاضي له بذلك كما قال النبي صلي الله عليه وسلم: «من قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذه فانما أقطع له قطعة من نار» (البخاري ومسلم). والمفتي والقاضي في هذا سواء ولا يظن المستفتي أن مجرد فتوي الفقيه تبيح له ما سأل عنه اذا كان يعلم أن الامر بخلافه في الباطن سواء تردد أو حاك في صدره لعلمه بالحال في الباطن» (اعلام الموقعين لابن القيم ج 4 ص 195).

وان وجد المستفتي أكثر من عالم وكلهم عدل وأهل للافتاء فقد ذهب جمهور الفقهاء الي أن علي المستفتي الاختيار بينهم يسأل منهم من يشاء ويعمل بقوله فان سأل المستفتي أكثر من مفت فاتفقت أجوبتهم فعليه العمل بذلك ان اطمأن الي فتواهم وان اختلفوا ذهب جمهور الفقهاء: الحنفية والمالكية وبعض الحنابلة وابن سريج والسمعاني والغزالي من الشافعية الي أن العامي ليس مخيراً بين أقوالهم يأخذ بما شاء ويترك ما شاء بل عليه العمل بنوع من الترجيح والترجيح يكون باعتقاد المستفتي في الذين أفتوه أيهم أعلم فيأخذ بقوله ويترك قول من عداه.