رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حقيقة الإفتاء

نحتاج في عصرنا هذا أن نعرف ما هو الإفتاء، وما هي مبادئه، وما هي أركانه، وما هي مكانته في الدين ونشأته التاريخية، كما نريد أن نوضح أركان عملية الإفتاء من تعريف الفتوي والمفتي والمستفتي موضحين شروط وآداب كل ركن من هذه الاركان الثلاثة، وذلك من خلال سلسلة من المقالات، ولتكن البداية بتوضيح مفهوم الإفتاء.

1 ـ والفتوي لغة: اسم مصدر بمعني الإفتاء، والجمع: الفتاوي، يقال: أفتيته فتوي وفتيا اذا أجبته عن مسألته، والفتيا تبين الاحكام الشرعية والاستفتاء لغة: طلب الجواب عن الامر المشكل ومنه قوله تعالي: (ولا تستفت فيهم منهم أحداً) (الكهف: 22) وقد يكون بمعني مجرد سؤال ومنه قوله تعالي: (فاستفتهم أهم أشد خلقاً أم من خلقنا) (الصافات: 11)، قال المفسرون: أي اسألهم. والمفتي لغة: اسم فاعل أفتي، فمن أفتي مرة فهو مفت. قال الصيرفي: »هذا الاسم موضوع لمن قام للناس بأمر دينهم وعلم جمل عموم القرآن وخصوصه وناسخه ومنسوخه وكذلك السنن والاستنباط ولم يوضع لمن علم مسألة وأدرك حقيقتها فمن بلغ هذه المرتبة سموه بهذا الاسم ومن استحقه أفتي فيما استفتي فيه« (راجع الفروق للقرافي ج 117/2). قال ابن تيمية عند سؤاله عن حكم التتار علي سبيل الفتوي: يجب قتال هؤلاء بكتاب الله وسنة رسوله واتفاق أئمة المسلمين وهذا مبني علي أصلين: أحدهما: المعرفة بحالهم. والثاني: معرفة حكم الله في مثلهم (انظر مجموع فتاوي ابن تيمية 510/28) وهما عنصرا الفتوي: الواقع ثم حكم الله تعالي في مثله.

2 ـ ويختلط مفهوم الافتاء مع مفاهيم متقاربة أخري لذا نري أن التفريق بين تلك المفاهيم في غاية الاهمية كما انه يساعد في تحديد المصطلحات والمفاهيم التي توفر سرعة التفاهم ووضوح لغة الحوار. فحتي نستخلص المعني المحدد للفتوي نحتاج الي التفريق بين معناها وبين معان أخري تتداخل أحياناً معها مثل القضاء أو الفقه فالفقه هو: العلم بالاحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية (راجع نهاية السول للإسنوي 19/1) بينما الافتاء هو: تبين مبهم حاصل في مسألة يراد بيان حكم الشرع فيها (راجع دستور العلماء 14/3) وعلي ذلك فالفقيه: يبين حكم الله تعالي من غير بحث عن الواقعة ولا ما يكتنفها من حوادث، أما القضاء فهو: إلزام ذي الولاية بحكم شرعي بعد الترافع اليه (راجع ظفر اللاضي، صديق خان ص4).

3 ـ والمتأمل في تلك التعريفات يجد انه علي الرغم

مما بين الفقه والافتاء والقضاء من علاقة قوية إلا أن:

< الفقيه:="" يستنبط="" أحكام="" الله="" تعالي="" من="" الادلة="" التفصيلية="" وتلك="" الاحكام="" تحقق="" مقاصد="" الشريعة="">

< المفتي:="" فهو="" يدرس="" الواقع="" ثم="" يلتفت="" الي="" الفقه="" ليأخذ="" منه="" حكم="" الله="" تعالي="" في="" مثل="" هذه="" الواقعة="" بما="" يحقق="" مقاصد="">

< القاضي:="" فانه="" يتدخل="" لتغيير="" الواقع="" ويلزم="" أطراف="" النزاع="" بما="" عليه="" حكم="" الله="">

4 ـ وقد تتشابك تلك الوظائف بعضها مع بعض فيقوم القاضي بدور الفقيه أو المفتي ويقوم الفقيه بدور المفتي إلا انه سيظل هناك فرق بين تلك المعاني ووظائف القائمين عليها فالفتوي غير ملزمة وحكم القاضي ملزم ولذلك فلا سلطان للمفتي علي الناس ولكن السلطان للقاضي فحكمه ملزم ينفذ علي الخلق ظاهراً أي عند الناس والمجتمع وباطناً أي عند الله سبحانه وتعالي فلو أفتي المفتي أحدهم بطلاق زوجته يمكن لهذا المستفتي أن يسأل عالماً آخر غيره أو يقلد مذهباً آخر أما لو حكم القاضي بطلاق نفس الزوجة فانها تصبح محرمة عليه ويحل لها بعد انقضاء عدتها أن تتزوج بزوج آخر أمام الله وأمام الناس.

5 ـ وعليه فاذا كان القضاء يزيد علي الفتوي في الالزام فان الفتوي أعم من القضاء من جهة الموضوعات التي تتناولها حيث إن كل ما يتأتي فيه الحكم تتأتي فيه الفتوي وليس العكس فالعبادات كلها لا تدخل تحت نطاق القضاء فلا يدخل تحته الحكم بصحة الصلاة أو بطلانها وكذلك أسباب العبادات كمواقيت الصلاة ودخول شهر رمضان وغير هذا من أسباب الأضاحي والكفارات والنذور والعقيقة لان القول في كل ذلك من باب الفتوي.