عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"التوك شو".. مجمعات إستهلاكية

اتجهت برامج التوك شو خلال الفترة الأخيرة إلي سياسة »التطبيل« واللعب علي عواطف الناس بمعني أنها تري اتجاه الموجة ثم تركب عليها، أملاً في الوصول إلي الجماهير في الشارع المصري

حتي لو كان الأمر ضد المصلحة العامة، لأن ما يحدث الآن في الكثير من الأماكن داخل مصر من مظاهرات فئوية لا يمكن وصفه بأي حال من الأحوال بأنه مع مصلحة الوطن، كما أن التقليل من شأن بعض المسئولين الحاليين في الدولة، والضغط عليهم بحجة أن البلد في حالة ثورة، وعلي المسئول أن يتنازل ويرضخ ويركع في الأرض لكي ينال رضاء الناس أمر ليس في الصالح العام، بل إنه يسقط هيبة الدولة والتي بسقوطها لن تكون هناك دولة، لم نسمع ولم نشاهد برامج التوك شوك نزلت شوارع القاهرة ونقلت بالكاميرات الشوارع التي تم احتلالها من قبل بائعي الشاي وحمص الشام، خاصة في ميدان التحرير، وفوق كوبري قصر النيل و6 أكتوبر في المنطقة التي تعلو النيل مروراً بميدان عبدالمنعم رياض، ولم نجد في هذه البرامج من يقول لهؤلاء البائعين عيب أو لا يصح استغلال موقف الدولة حالياً لفرض أسلوب البلطجة، لأنه مع الأسف بعض من هؤلاء الباعة بلطجية يحاولون فرض سياسة الأمر الواقع، ولو باستغلال القوة، لكن البرامج تحولت إلي مجمعات استهلاكية تهدم أي شيء يرضي الناس، ولو في النهاية سيكون ضد صحتهم العامة، فكم من اللحوم الفاسدة تم توزيعها عن طريق هذه المجمعات لمجرد أن المواطن راض عنها لأنها رخيصة الثمن، لكن في النهاية لا يهم أن كل هذا المواطن في النهاية سوف يرقد في أحد المستشفيات يصارع الموت.. هكذا هي برامجنا الآن وسابقاً وفي المستقبل أيضاً، مجمعات استهلاكية، الضيوف مكررون لدرجة أننا نشاهد ضيفاً واحداً في أكثر من برنامج في يوم واحد بنفس ملابسه، ففي أحد الليالي شاهدنا الدكتور يحيي الجمل في أكثر من برنامج ، وكان محور الحديث واحداً، والفارق في الزمن بين فقرته في البرنامجين خمس دقائق، والأمر ليس بالصعب لأن الاستوديوهات الآن في مكان واحد بمدينة الإنتاج الإعلامي، وبالتالي لا توجد مشاكل، وهذا الأمر تكرر مع ضيوف آخرين، تكرار الضيوف والموضوعات المطروحة لم يعد هو السبب في فقدان هذه البرامج للمصداقية عن المشاهد المصري والعربي، لكن عدم احترام الضيوف والتقليل من شأنهم وأقصد هنا نوعية معينة من الضيوف ممن يشعر فريق العمل داخل البرنامج بتراجع شعبيته أي أنه علي غير هوي الناس.

وأتصور أن هذا الأمر ظهر بوضوح خلال حلقة »العاشرة مساء« التي تم استضافة وزير الداخلية السيد منصور العيسوي، الحوار كله كان به نوع من الاستخفاف من جانب مقدم البرنامج، إلي أن قام شخص يدعي أنيس بعمل مداخلة، وتحدث بشكل غير لائق مع الوزير، من حق المواطن أن ينتقد أداء الداخلية، ومن حقه أن يعرض مشاكله، ويقول كل السلبيات، لكن هناك شيئاً اسمه أدب الحوار، خاصة إذا كان الضيف مسئولاً كبيراً في الدولة، كما أن عمره يجبرنا أيضاً علي احترامه، لأن كل الأديان السماوية تجبرنا علي احترام الكبير، خاصة أن الرجل كانت ردوده غير مستفزة مثل وزراء حكومة نظيف، لذلك عندما يقال له »إن رؤيتك الأمنية غير جيدة ويا ريت تقدم استقالتك«، و»قهوة المعاشات في انتظارك«.. فهذا أمر غير مقبول، وكنا من الممكن أن نغفر هذا الأمر للبرنامج لو أن مقدمته تدخلت،

وأوقفت هذه المهزلة أو علي الأقل تؤكد رفض البرنامج لمثل هذا الأسلوب، كما تفعل مع الكثير من الضيوف، لكن هذا لم يحدث، انتهت المداخلة، ودخل آخر علي الهاتف، ثم عادت المذيعة لتطرح ما قاله السيد أنيس وكأن المكالمة جاءت علي هواها.

وبعد أن طرح الكاتب الصحفي الزميل محمد أمين هذه القضية في عموده في »المصري اليوم« عادت مقدمة البرنامج وأعطتنا درساً خلال الحلقة التي عرضت مساء الأربعاء الماضي واتصلت بالمتحدث الرسمي بوزارة الداخلية، والرجل أيضاً كان لطيفاً جداً، لكنها حاولت من خلال الحديث معه أن تقول للأستاذ محمد أمين إن الناس في الداخلية »موافقين« علي اللي حصل، وأنت مالك يا أخي، لكن حتي في هذه الزاوية لم تكن الزميلة مقدمة البرنامج قد اتخذت القرار الصائب لسبب بسيط هو أن الحكاية ليست في أن هناك مشكلة بين الداخلية والبرنامج، لكن الحكاية هي أدب الحوار، كما أن الحكاية ليست في أن المتحدث هو مواطن عادي أو أحد العاملين في البرنامج لأننا جميعاً مواطنون من حقنا التعبير عن أي وجهة نظر ولكن بأسلوب محترم، خاصة أن العالم كله يشاهد برامجنا، ولا يجوز أن ندعم الحوار بهذا المنطق والأسلوب، كما أن الحوار جاء مواكباً لارتفاع صوت البلطجة في الشارع المصري، والقضاء عليها ليس مهمة الأمن فقط.

لكن برامج التوك شو مهمة أيضاً في تهيئة المناخ العام لعودة الهدوء إلي الشارع، لكن استضافة بعض الوجوه التي تساهم في تأجيج المواطنين أمر لم يعد مقبولاً، خاصة أن الكثير من المواطنين بدأوا يشعرون بالاكتئاب بسبب ما تقدمه البرامج وتنشره الصحف لدرجة أن الكثير منا قاطع وسائل الإعلام والمثقفين والكتاب والفنانين، خاصة الذين يرون أن الدنيا سوداء، منح المواطنين الثقة في الحكومة الحالية، ومنح أعضاء الحكومة الثقة في أنفسهم ضرورة، خاصة أن بعض الوزراء الحاليين تجمدوا في أماكنهم خشية انقلاب الناس ضدهم، وبالتالي فهم في حاجة لدعم الإعلام بدلاً من السخرية منهم علي الهواء مباشرة، والمشكلة أن كل مقدمي البرامج الآن تصوروا أنهم الشعب يتحدثون باسمه دون أن يعرفوا مشاكلهم الحقيقية.. ولك الله يا مصر، في عصر مبارك عانينا من نفاق الإعلام لنظامه، والآن نعاني من نفاق إعلامي جديد، وفي النهاية الضحية هو الشعب.