..وكان موعدهم الصبح
كتبت مقالاً في نفس المكان الخميس الماضي بعنوان «إن موعدهم الصبح»، وقلت عندما يطلع الصباح ستكون مصر علي موعد مع مليونية جديدة.. مليونية تنقذ الوطن وتحمي الثورة.. وكان موعدهم الصبح.. فقد شهد ميدان التحرير أول مليونية بعد الثورة حيث كانت مليونية النصر التي ألقي فيها الدكتور القرضاوي خطبة الجمعة هي آخر عهدنا بالمليونيات.
لقد انتفض المصريون متأثرين بموقعة العباسية التي شوهت وجه الثورة، وأيقن الجميع أن الذين دبروا لهذه الموقعة كانوا يريدون دفع البلاد إلي الفوضي والسقوط.
وكان موعدهم الصبح.. فقد اختفي الذين حاولوا المساس بهيبة الجيش، وتشويه صورة المؤسسات الوطنية التي تحمي البلاد من الأخطار الخارجية.
كانت المليونية استفتاء علي جيش مصر الذي حمي الثورة، ورفض قادته إطلاق الرصاص علي المتـظاهرين وذلك باعتراف الرئيس المخلوع في نص التحقيقات التي جرت معه ونشرتها صحيفة الدستور.
لقد جدد الشعب البيعة للجيش ليواصل القيام بدوره الوطني في هذه المرحلة الحرجة من عمر الوطن.. وعاد شعار «الجيش والشعب ايد واحدة» مدوياً في الميدان من جديد.
جدد الشعب الثقة في مؤسساته الوطنية المخلصة التي تسهر علي حماية الوطن من الأخطار الخارجية وفي مقدمتها جهاز المخابرات العامة الذي اتهموه بالتدخل لفض اعتصامات التحرير ومظاهرة العباسية.
لقد أراد بعض المخربين أن يشغلوا جهاز المخابرات عن دوره في اصطياد الجواسيس، وإحباط محاولات العدو الصهيوني في التجسس علي مصر. ونسي هؤلاء المغرضون أن جهاز المخابرات لم يكن يوما مثل جهاز مباحث أمن الدولة ولا البوليس السياسي، وأن هذا الجهاز خاض معركة صعبة قبل حرب أكتوبر عندما اخترق وباقتدار جدار الأمن الإسرائيلي وساهم في تحقيق النصر، وهو ما يؤكد أن دور هذا الجهاز مكمل لدور الجيش في حماية الوطن.
لقد أعجبتني لافتة رفعها أحد المتظاهرين مكتوب عليها «ياسيادة المشير لا تحزن إن الله معنا».. تلك العبارة التي قالها الرسول صلي الله عليه وسلم لصاحبه أبو بكر عندما اشتدت بهما محنة الغار.. وهذه اللافتة التي
لقد رأيت في ليالي الثورة بسطاء المصريين وسط ميدان التحرير يقدمون أرواحهم فداء للوطن، ورأيت شباب الإخوان والوفد وغيرهم من الشباب الذين لا ينتمون إلي أي حزب أو جماعة وهم مرابطون علي أرض الميدان، ولم يخرج أحد منهم يطنطن في وسائل الإعلام ويتحدث عن بطولاته وأمجاده، وعلي الجانب الآخر فوجئنا بأسماء وألقاب ما أنزل الله بها من سلطان، وكلها تحتكر الثورة وتتحدث باسمها، والأكثر من ذلك فوجئنا بمئات من الشباب ينصبون أنفسهم أوصياء علي الثورة، ومنحوا أنفسهم حق التدخل في كل شئ بدءا من تشكيل الحكومة واختيار الوزراء انتهاء بتحديد موعد الانتخابات وطريقة إجرائها وهو ما دفع الكاتب الكبير فهمي هويدي أن يطلق عليهم جمهورية التحرير الشقيقة.
لقد جاءت جمعة الإرادة الشعبية بمثابة نقطة نـظام علي طريق الثورة وتصحيح المسار، وقطع الطريق أمام القلة التي حاولت دفع البلاد الي الفوضي والسقوط.