عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الذين طغوا فى الانتخابات

كنا على موعد مع ميلاد جديد فى يوم انتخابات الرئاسة.. يوم تاريخى لم يحدث فى بلدنا على مر العصور.. يوم أبهرنا فيه العالم من جديد.. يوم قالت فيه وسائل الإعلام العالمية إن المصريين أبهروا العالم للمرة الثانية فى إشارة إلى أن الثورة المجيدة كانت الإبهار الأول

خرجت بعد عصر اليوم الأول لأدلى بصوتى فى احدى لجان الجيزة فوجدت مشهداً دمعت له عيناى.. وجدت طابوراً من الرجال يزيد على 500 شخص، وعلى الجانب الآخر طابوراً من النساء لا يقل عن طابور الرجال.. وعلى الرغم من شدة الحرارة، إلا أن مظاهر السعادة كانت تغطى وجوه المصريين.. والأمل فى غد أفضل كان يحركهم إلى الصندوق بكل ثقة وثبات.

خرج المصريون قاصدين صناديق الاقتراع فى يوم العرس.. يوم الديمقراطية.. وقف الجميع فى طوابير الانتخابات التى شاهدناها من قبل فى الاستفتاء وانتخابات الشعب.. لم تسجل أحداث اليوم حالة عنف واحدة، ولا حتى مشادات كلامية.. واختفت المعارك الدامية التى كان يسقط فيها الضحايا بالمئات أيام العادلى وأحمد عز.

كان المشهد مثالياً.. وكان الشعب المصرى هو البطل.. واستحق جيش مصر العظيم.. قادة وجنود التحية والإعزاز.. وأضاف قضاة مصر وساماً جديداً على صدورهم.

أثبت الشعب المصرى أنه شعب عظيم وخيب آمال وظنون المتربصين به خاصة فى الخارج وأولهم الكاتب الكبير جهاد الخازن الذى روج لنظرية الفشل وتوقع حدوث انقلاب عسكرى.. ضرب الشعب المصرى أروع المثل وأدلى بصوته فى مشهد تاريخى.. وتقبل النتيجة على عكس ما راهن الكثيرون.

ولا يستطيع أحد أن يصف مظاهر الغضب السلمى عند بعض الشباب الذين خرجوا إلى ميدان التحرير بأنه خروج على المشهد وذلك لعدة أسباب: أولها أن عدد المتظاهرين كان محدوداً، وأن التظاهرة انتهت بعد ساعات.. والأهم من ذلك أنها كانت سلمية ولعل كلمات المرشح حمدين صباحى فى احدى الفضائيات كانت قاطعة.. فقد دعا إلى التعبير عن الغضب سلمياً ورفض أى أعمال عنف.

أما حادث حريق مقر الحملة الانتخابية للفريق شفيق فهو حادث عارض، لا يعبر عن طبيعة الشعب المصرى، خاصة بعد أن تبين وجود شخص يحمل لقب ناشط سياسى، قام بعملية التحريض ومعروف عنه القيام بنفس الدور فى أحداث أخرى مثل ماسبيرو والعباسية وهى أحداث لم يكن لها علاقة بالانتخابات.

على الجانب الآخر لم يخل المشهد من عواجيز الفرح الذين خاضوا مع الخائضين فى شأن الانتخابات التاريخية التى أبهرت العالم.

وقبل أن أتطرق لهؤلاء أتوقف قليلاً أمام تصريحات وردود أفعال مرشحى الرئاسة الذين خرجوا من السباق فى جولته الأولى.. كنت أتمنى أن يبدأ كل مرشح  مؤتمره الصحفى بتوجيه التهنئة إلى المرشحين المتنافسين فى جولة الإعادة وهو ما لم يحدث.. وتعجبت كثيراً من تصريحات الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح التى رفض فيها نتيجة الانتخابات ووصفها بأنها مزورة، وهذا القول فيه تجنى على المشهد برمته، لأن كلمات الدكتور أبوالفتوح لن تغير من الواقع شيئاً.. فقد كنا جميعاً شركاء فى هذه الانتخابات التاريخية وما ذكره الرجل عن المبيت بعيداً عن مقار الفصول وعدم تسليم المندوبين محاضر الفرز كانت صالات نادرة، لأن اللجان التى تابعناها كان المبيت أمام الحجرة التى بداخلها الصندوق، والمحاضر تم تسليمها على نماذج للمندوبين.. الشئ الوحيد الذى أوافقه عليه هو عدم تسليم المرشحين صورة من كشوف الناخبين، وهذا الأمر مسئول عنه المرشحين أنفسهم لأنهم ارتضوا بذلك  ولم يهددوا بالانسحاب من الانتخابات فى حالة عدم تسلمهم الكشوف.

أما المرشح حمدين صباحى الذى حقق نجاحاً يستحق التقدير فإن هجومه على ما أسماه بالدولة الدينية فى بداية تصريحاته هو أمر مستغرب، لأن هذا المسمى ليس له وجود لا بين الإخوان ولا السلفيين ولا غيرهما.. والأمر يتعلق بالمرجعية الإسلامية.. وهذه المرجعية لا يجب أن ينكرها صباحى على الإسلاميين لأنهم لم ينكروا عليه مرجعيته «الاشتراكية الناصرية» التى يتبناها.

أما الذى يستحق الإشادة فهو السيد عمرو موسى الذى بدأ تصريحاته، مؤكداً أنه سيظل جندياً مخلصاً فى خدمة الوطن بصرف النظر عن النتيجة،وكذلك جاءت تصريحات الدكتور محمد سليم العوا لتؤكد على اتزان الرجل وحكمته.

أما عواجيز الفرح فقد أفزعهم ذلك المشهد التاريخى وتناقلوا حديثاً أشبه بحديث الإفك.. حديثاً لا يردده

إلا مختلون، نصبوا أنفسهم أوصياء على الشعب والوطن.

البداية كانت بدعوة لقيطة تقول أن الأمر يستوجب تنازل الدكتور محمد مرسى لصالح حمدين صباحى.. الغريب أن بعض الموتورين روجوا لهذه الفكرة خاصة فى الفضائيات، وطرحوها للنقاش القانونى، حتى فوجئنا بالنائب عمرو حمزاوى يتشنج لهذا الأمر ويطلق تصريحات يؤكد فيها قانونية هذا الطرح.. ولم تهدأ الأمور إلا بعد تصريحات المستشار فاروق سلطان رئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات والتى نفى فيها إمكانية حدوث ذلك من الناحية القانونية ولسان حال الرجل يتعجب من طرح مثل هذا الهراء فى سؤال على الهواء.

ولهؤلاء أقول: من الذى نصبكم أوصياء علينا؟ وباسم من تتحدثون؟ هذه واحدة.. أما الثانية فهى أن الأصوات التى حصل عليها الدكتور مرسى ليست شقة مفروشة حتى يتنازل عنها إلى من يشاء، وإنما هى أصوات مشروطة ومقرونة بشخص المرشح وبرنامجه، وهى ـ أى الأصوات ـ ملكية خاصة للناخب وليس للمرشح ولا يجوز التعامل عليها بأى صورة من الصور سواء كان ذلك بالتنازل أو غيره.. أما الثالثة فهى أن كل من أعطى صوته للدكتور مرسى هو مواطن عاقل وراشد وكامل الأهلية ولا يجوز لحمزاوى ولا غيره أن يتدخلوا فى اختياره أو يقتربوا من صوته وأن هذا خط أحمر.

أما الدعوة الثانية فقد جاءت من مذيعة العاشرة مساء وضيفها أبوالغار وملخصها هو تنازل كل من مرسى وشفيق عن الإعادة لصالح حمدين وأبوالفتوح.. ولا أدرى كيف لمذيعة أذرفت الدموع على الهواء فى أعقاب خطاب مبارك الشهير قبل موقعة الجمل أن تنصب نفسها وصية على أكثر من «10» ملايين مواطن.

لقد شاهدت المذيعة وهى تسأل وبراءة الأطفال فى عينيها عن إمكانية وجود حل سحرى للأزمة الحالية.. فرد عليها ضفيها أبوالغار طالباً من الدكتور مرسى والفريق شفيق التنازل لحمدين وأبوالفتوح.. هكذا ببساطة.

والغريب أن المذيعة إياها قالت له إن هذا الحل صعب لأن طبيعة الدكتور مرسى والإخوان لا تقبل بهذا!

ولمذيعة العاشرة وضيفها أقول: كيف نطلب من اثنين من المرشحين حصلا على نصف أصوات الناخبين، واحتلا المركزين الأول والثانى أن ينسحبا من السباق لصالح المرشحين الثالث والرابع؟

أى منطق فى هذا؟ وإذا كان الحل السحرى يستهدف إرضاء من صوتوا للمرشحين الثالث والرابع فهل يرجع ذلك الى أن الذين أدلوا بأصواتهم لحمدين وأبوالفتوح هم مواطنون مصريون من الدرجة الأولى، وأن الذين أعطوا أصواتهم لمرسى وشفيق هم مواطنون من الدرجة العاشرة ويحملون الجنسية المصرية بالانتساب وأن جنسيتهم الأصلية هى الجنسية الموزمبيقية؟

إن مصيبة هذا الوطن تتمثل فى النخبة التى فرضت وصايتها على الشعب فترات طويلة ثم سقطت هذه النخبة بفعل الثورة، وتحاول اليوم أن تمارس دورها القديم، ولكنها لا تعرف أن المارد المصرى انطلق ولن يسمح لأحد أن يتلاعب بمصيره، ويعبث بمستقبله.