رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المشير والجنرال

اقتربت من مطبخ الحكومة ودائرة صنع القرار في مجلس الوزراء طوال 16 عاماً كنت خلالها محرراً لشئون مجلس الوزراء بجريدة «الوفد».. وعلى مدار تلك السنوات اطلعت على أسرار وكواليس ومواقف لم يكن معظمها مسموحا بنشره خلال فترة النظام السابق..

وكان المشير حسين طنطاوي من أبرز الشخصيات التي أثارت جدلاً كبيراً داخل مقر مجلس الوزراء طوال السنوات الماضية.. خاصة فيما يتعلق بموقفه الوطني من القضايا المهمة والاستراتيجية أو مواقفه المتعلقة بالخصخصة العشوائية أو تزاوج السلطة بالمال، وكذلك ظاهرة الوزراء من رجال الأعمال.
وعندما علمت بترشيح المجلس العسكري للواء عمر سليمان مدير المخابرات السابق انتابنتي حالة من الدهشة ليس فقط بسبب الرفض الشعبي لعودة الجنرال سليمان الى صدارة الحكم وسعيه لاعادة انتاج النظام الجديد وتعليق المشانق للمعارضين.. ولكن الصدمة كانت من موقف المشير نفسه.. ذلك الموقف الذي يختلف تماما مع مواقف سابقة كان المشير والجنرال طرفي نقيض فيها.
وعلى الرغم من خروج الجنرال سليمان من سباق الرئاسة بقرار من لجنة الانتخابات.. إلا أن هذا الخروج لا يلغى مساندة ودعم المشير والمجلس العسكري لمدير المخابرات السابق ودفعه الى تقديم أوراق ترشحه واستقباله من قبل أفراد الشرطة العسكرية استقبال الرؤساء والفاتحين أمام مقر لجنة الانتخابات.
ولأن هذا الدعم مازال مستمراً خاصة فيما يتعلق بالحراسة والموكب الذي يرافق سليمان في تحركاته، وكان آخرها أثناء تقديمه واجب العزاء في زوجة الفريق شفيق، وكان ذلك وسط حراسة غير مسبوقة أثارت استياء الكثيرين.
ونظراً لهذا التقارب غير المفهوم بين المجلس العسكري والجنرال سليمان فإن الأمر يستلزم من المشير الاجابة عن مواقف سابقة داخل مقر مجلس الوزراء كان الاثنان - المشير وسليمان - طرفين أصيلين فيها.. خاصة أن بعض هذه المواقف أمر يتعلق بقضايا استراتيجية مهمة.. ولعل أبرز تلك المواقف هو الموقف الغريب للرئيس المخلوع والجنرال سليمان من قضية تعمير سيناء.. فالعلاقة التي كانت تربط الاسرائيليين بالرئيس المخلوع واللواء سليمان كانت معلومة للجميع خاصة أن الاسرائيليين أنفسهم قالوا إن الاتصالات بينهم وبين سليمان كانت تجرى من خلال خط مفتوح طوال 24 ساعة.. وقد انعكست تلك العلاقة على الموقف من تعمير سيناء.. فقد أوفد الرئيس المخلوع مدير المخابرات الى مقر مجلس الوزراء أثناء تولي الدكتور نظيف رئاسة الحكومة وذلك لبحث قضية تعمير سيناء، وكان هناك اتفاق ثلاثي بين مبارك وسليمان ونظيف الذي كان لا يعدو كونه خيال مآتة في المجلس، وكان مقتضي الاتفاق هو السماح للشركات الأجنبية بالدخول لتعمير سيناء، وكانت التربيطة الثلاثية تستهدف في الأساس مواجهة المشير وإجباره على تنفيذ الخطة.
وعندما بدأ الاجتماع الذي أحيط بالكتمان والسرية اقترح نظيف الذي كان جالساً على رأس الاجتماع الاستعانة بالشركات الأجنبية في تعمير سيناء، وهنا وافق على الفور الجنرال سليمان وقال: إن هذا هو الحل الأمثل لتنمية هذا القطاع، وهنا قرأ المشير المسألة ورد بعنف وقال: أبداً لن أسمح بدخول أي أجنبي الى سيناء.. ولن يعمر سيناء إلا المصريون.. والشراقوة جاهزون.. وانسوا حكاية الأجانب هذه لأنها غالباً ما تكون ستاراً لأشياء كثيرة، وأقول للمشير هل نسيت هذا الموقف؟ وإذا كنت تذكره فلماذا تجاهلته وأنت تدفع بسليمان للترشح للرئاسة؟
وأذكر المشير بموقف آخر.. فقد تساءل الكثيرون عن مصير الجنرال سليمان في أعقاب الأيام الأولى للثورة، حتى أن بعضهم طالب بأن يكون له دور في المرحلة الجديدة من خلال أي منصب قريب من المجلس العسكري، وهو

ما لم تتم الاستجابة له حتى الآن.. وأنا أقدر للمشير ذلك فلماذا الانقلاب على هذه المواقف الثابتة التي تستند الى حقائق تمنع سليمان من الاقتراب من أي موقع مهم خاصة في هذه المرحلة؟
وأطلب من سيادة المشير أن يسترجع الذاكرة ليتأكد أن الرئيس المخلوع نفسه لم يستأمنه في أوقات الشدة ومنها مرضه الأخير.. فعلى الرغم من العلاقة التي تبدو قوية بينهما - الرئيس ومدير المخابرات - إلا أن مبارك رفض محاولات اللواء سليمان للحصول على الختم الخاص بالتوقيع على القرارات والمكاتبات، وقال له إن التوقيع مع سليمان عواد لمن أراد أن ينجز بعض الأمور المهمة.
لقد تعجبت من تصريحات اللواء ممدوح شاهين والتي قال فيها إن قضايا اللواء عمر سليمان ليست عندنا - ويقصد القضاء العسكري - وأقول للواء شاهين إن محاكمة عمر سليمان هي أمر يخص المجلس العسكري وليس القضاء  العسكري، فالبلاغات موجودة عند النائب العام وفي القضاء العادي ولكن لا توجد إرادة سياسية لمحاكمته، وأعتقد أن تحقيقات قضية تصدير الغاز تدين اللواء سليمان بشكل قاطع.. ولا يعقل أبداً أن نحاكم وزير البترول سامح فهمي عن جريمة لم يرتكبها.. فالمجلس العسكري يعلم أن رئيس الوزراء في عهد مبارك كان رئيساً للسكرتارية، والوزراء كانوا سكرتارية السكرتارية.. أما القرار فكان للرئيس وأسرته وبعض المقربين وعلى رأسهم مدير المخابرات.
وإنني أطالب المجلس العسكري بالإفراج عن نص التحقيقات في قضية تصدير الغاز خاصة الأوراق التي تحمل توقيع اللواء عمر سليمان، وأعتقد أن محاكمة هذا الرجل ستكشف الكثير من الحقائق الغائبة.

توضيح من صفوت الشريف:
تلقيت اتصالاً هاتفياً من إيهاب نجل صفوت الشريف وزير الاعلام ورئيس مجلس الشورى الأسبق أبلغني خلاله رداً من والده على ما جاء في مقال الأسبوع الماضي من أنه - أي الشريف - تعرض بالقول لما كان ينوي الرئيس مبارك أن يفعله قبل الثورة، وهو اجراء تعديل وزاري شامل بعد الانتخابات، وأن المشير كان سيكون أول الخارجين في هذا التغيير.. قال الشريف في رده إنه لم يتعرض لهذا الموضوع في السجن، وأنه منذ دخوله طرة لم يتحدث في أي موضوعات سواء فيما يخص الماضي أو الحاضر، وأنه - أي الشريف - لم يكن على علم بموضوع التغيير الذي تناوله المقال.