عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المشير.. وعمر سليمان.. ونزلاء طرة

عندما دخلت القوات الأمريكية الحدود العراقية.. كان أول قرار اتخذته القيادة الأمريكية هو القبض على عدد كبير من رموز نظام صدام حسين.. القرار تم تنفيذه بعد ساعات قليلة من سقوط النظام العراقي، وكان من بين المقبوض عليهم وزير التجارة العراقى الذى اعتاد زيارة مصر كثيرًا خلال فترة تصدير السلع الغذائية للعراق ضمن برنامج النفط مقابل الغذاء..

ووقتها أعرب أحد الوزراء الاقتصاديين عن حزنه من القبض على وزير التجارة العراقي، وقال للدكتور يوسف والى وكان وقتها نائبا لرئيس الوزراء أو أمينا عامًا للحزب للحاكم لقد ذهب الوزير العراقى إلى الجحيم وكنت أتمنى أن يهرب قبل أن يقع فى أيدى الأمريكان المجرمين.. هنا ابتسم الدكتور والى ورد قائلا: الأمريكان يقبضون على رجالهم ليحموهم! وبعد شهور قليلة فوجئنا بالوزير العراقى يعيش فى أرقى منتجع فى العالم بعيدا من جحيم العراق، وتأكدت بذلك مقولة الدكتور والى.
وعندما قامت ثورتنا العظيمة تذكرت تلك الواقعة.. خاصة عندما تولى المجلس العسكرى زمام الأمور بصفة مؤقتة وألقى القبض على رموز النظام وأودعهم سجن طرة، ولكن كنت أجاهد نفسى حتى لا تسيطر تلك الرؤية على أفكاري، وقلت إن القياس هنا خاطئ لأن الظروف مختلفة.. وظل هذا الهاجس يطاردنى خاصة بعد أن شاهدنا المحاكمات الهزلية المضحكة سواء لمبارك ونجليه أو لجميع الرموز المقيمين فى بورتو طرة.
وعندما رشح المجلس العسكرى اللواء عمر سليمان لمنصب رئيس الجمهورية قبل ساعات من غلق باب الترشح، وعندما شاهدت اللواء حمدى بدين قائد الشرطة العسكرية يستقبله استقبال الرؤساء أثناء تقديم أوراق ترشيحه.. تأكدت أن الهاجس الذى يطاردنى هو طيف من الحقيقة خاصة بعد أن اكتملت فصول المسرحية فى مشهدها الأخير.
وإذا كان خبر ترشيح عمر سليمان قد أحدث زلزالا بين المصريين.. فإن الأمر لم يختلف كثيرًا داخل بورتو طرة.. بل كان الزلزال أشد قوة وأكثر دهشة.. فقد سادت الفرحة بين أغلب رموز النظام المحبوسين، وتبادلوا التهاني، وندم بعضهم  على ما يدور منهم خلال الفترة الماضية نتيجة فقد الثقة وغموض المصير! كان صفوت الشريف أول النادمين على ما قاله فى حق المجلس العسكرى والمشير.. ويبدو أن الأحداث أخرجت الشريف عن هدوئه ولم يدر بخلده، أن النظام يمكن أن يعود من جديد.. فالرجل - أى الشريف - كشف فى إحدى جلسات السجن عن سر خطير وهو أن مبارك كان ينوى إجراء تغييرات شاملة فى القوات المسلحة، وأن هذه التعديلات كانت ستشمل المشير نفسه وكان مقرراً لها قبل الانتخابات ثم تم تأجيلها إلى ما بعد الانتخابات حتى قامت الثورة.. وقال الشريف لو جرت التغييرات ما نجحت هذه الثورة، وما استمر المشير فى منصبه لا قبل الثورة ولا بعدها.. وزاد الشريف بكلمات ربما يدفع ثمنها ويظل داخل جدران السجن ولن يعود مع عودة النظام على أيدى عمر سليمان وتوقفت آمال صفوت الشريف من العودة إلى المنزل أو السفر إلى الخارج تكريما له على ما قدمه للنظام طوال 30 عاما ورهانه فى ذلك على عمر سليمان نفسه.
أم جمال مبارك فقد انتشى وتهلل فرحا، وعادت إليه أحلام التوريث، وفاتح أحمد عز رئيس أركانه قائلاً: سنعود وستعود معنا أمانة السياسات وسأكون أنا الوريث الوحيد لأنكل عمر رد عليه أحمد عز قائلاً  ولماذا لا يكون أزواج بنات الرجل هم الورثة الشرعيين له فى حكم مصر.. فرد عليه جمال قائلاً: لسببت بسيط هو أن أنكل عمر نفسه يعلم أنه لا زوج ابنته الأولى يصلح ولا الثانية.. فزوج الأولى كان يرأس الهيئة العامة للاستعلامات بقرار جامله فيه أبى لأن الرجل لا يصلح أن يكون رئيس حي.. أما زوج الثانية فقد كان مدير أعمال رجل الأعمال الهارب حسين سالم، وأن هذا السبب وحده يكفى لابعاده عن المشهد السياسي.. بل يمكن أن

يقوده إلى السجن إذا انتشر الخبر.. وهنا تهللت أسارير أحمد عز فقال لجمال اذكرنى عند ربك- أى يتوسط له عند عمر سليمان- وعرض عز أن يخصص جزء كبير من الأموال المهربة للانفاق على الحملة الانتخابية للسيد عمر سليمان طالما أن ذلك سيكون الطريق إلى تحقيق حلم التوريث وعودة أمانة السياسات والسيطرة على أمانة التنظيم فى الحزب الجديد الذى سيتم تأسيسه من رجال الحزب الوطنى المنحل.
أما الدكتور سرور فقد طلب من رموز النظام نزلاء بورتو طرة أن يقفوا خلف الرئيس الجديد عمر سليمان، ولكن اشترط عليهم أن يعود لكرسى رئاسة مجلس الشعب للعام الـ21 ليحقق رقماً قياسياً عالمياً فى رئاسة البرلمان، كما اشترط أيضاً أن يحتفظ بنفس الموكب المخصص للدكتور سعد الكتاتنى خاصة سيارات الجيب والحراسة.. ولا نملك إلا أن نقول سامحك الله يا دكتور كتاتنى لقد أسأت إلى نفسك وإلى الإخوان جماعة وحزبا- عندما ظهرت فى هذا الموكب المستفز الذى سيظل يذكره الناس طويلاً.
أما الخاسر الأكبر فى بورتو طرة فكان أنس الفقى وزير الإعلام فى عهد مبارك فقد جلس يندب حظه ويبدى الندم على ما فعله فى أعقاب دخوله السجن.. وقال لمن حوله: كنت الوحيد الذى دخل جنة الثلاثة الرئيس وحرمه ونجله الوريث.. أما اليوم فسأكون الخاسر الأكبر وربما ينتقمون منى بعد إعادة انتاج النظام.. والحكاية أن أنس الفقى تطوع من تلقاء نفسه عقب دخوله السجن وذهب إلى أحمد المغربى وقال له أريد أن أبوح لك بسر حتى يستريح ضميري- لاحظ أن السيد أنس الفقى لديه ضمير حي - فقال له المغربى ماذا حدث؟ قال الفقى للمغربى صديقك جمال مبارك هو الذى جاء بك إلى السجن.. فقد ذهب إلى والده وطلب منه التضحية بثلاثة حتى يهدأ الرأى العام وكنت أنت أول الثلاثة ووافقه على ذلك زكريا عزمى وكانت النتيجة كما ترى. لم يسيطر المغربى على نفسه والتقى بجمال مبارك وقام بتوبيخه على مرأى ومسمع من الكثيرين.
الخلاصة أن ردود الفعل على قرار ترشيح العسكرى لعمر سليمان كانت متباينة بين نزلاء بورتو طره.. فهناك فريق يستعد للعود إلى السلطة بعد إعادة انتاج النظام، وفريق آخر يرى أنه سيعود إلى المنزل على أحسن حال وليس إلى أحضان السلطة والنظام.. ولكن مساء الثلاثاء تحطمت أحلام الفريقين بعد صدور قرار نهائى من لجنة الانتخابات باستبعاد عمر سليمان.. ولكن ماذا قال كل واحد منهم بعد صدور «القرار الصدمة»؟ هذا ما سنتناوله فى المقال القادم إن شاء الله.