رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الإعلام والانهيار العظيم

كلما فشل مشروع مصري أو تجمد في غرفة الإنعاش أتذكر المقولة العبقرية التي أطلقها الممثل (أنتوني كوين) في فيلم زوربا اليوناني: (هل رأيت انهيار أعظم من هذا؟) فعلاً نحن نعيش في انهيارات ولا أحد يريد أن يتعلم ممن سبقونا،

أو حتي من فشلنا وإخفاقاتنا التي أصبحت متكررة وتقطع القلب يا ولداه، وآخر هذه الإخفاقات هو إخفاق وفشل الإعلام الخاص المصري، فها هو يغلق القنوات التي فتحها ويستغني عن كثير من العاملين فيها، بالرغم أن تجربة إخفاق الإعلام الحكومي المصري نعيشها ونتجرعها كل يوم؟.. لكن القطاع الخاص تصور أنه الأشطر  والأعلي مهنية، لذلك توغل وكبر وظهرت فجأة قنوات كثيرة؟.. وأغدقوا علي المذيعين ومقدمات البرامج الملايين، ونسوا أن السقطة الكبري للإعلام الحكومي هي التوسع غير المدروس، ولم يتعلموا من قناة واحدة في مبني صغير في بلد أصغر هي قناة الجزيرة (الجزيرة) التي استطاعت أن تهز الوطن العربي كله وأن تصل إلي العالمية، بالمهنية والتقنية والتفرد والاتقان وليست بالمصداقية.
وتصور الإعلام الخاص أن هامش الحرية الممنوحة لهم بعد ثورة ٢٥ يناير سيستمر ويتسع ويتوغل وينتشر؟.. ونسوا أو تناسوا ثورة ٢٣ يوليو المجيدة، والحريات التي سلبتها من الشعب لأنها طبعاً مجيدة ولأن الشعب كان مع الزعيم؟
وتصوروا أيضاً أنه يكفي الإعلام أن يكون عبارة عن مكلمة وقعدة حلوة، فتعددت وتنوعت المكلمات، وللأسف لم تكن بريئة من الإعلانات والبيزنس فكانت المكلمة  السياسية مع ضيوف استراتيجيين ونخبة غيرت ولاءاتها مع الأحداث والتقلبات ففقدت مصداقيتها وحضورها؟.. ومكلمة طبية مع أطباء يعرضون بضاعتهم ويمنون المشاهدين بكل الحلول والشفاء التام؟.. ومكلمة دينية أتحفنا فيها المشايخ وأساتذة الأزهر والدعاة الجدد بكل الحكم والمواعظ من البخاري إلي فتح الباري، ومكلمة الطبيخ من الملوخية إلي الطعمية المحشوة فستق والمهلبية.
وحينما انصرف المشاهدون عن أغلب هذه البرامج خاصة السياسية.. كان الملجأ الآمن هو العودة للماضي الجميل!، وجلسنا نحن المشاهدين قابعين في الماضي نتذكر ونتحسر.. ولكن لم يفكر أي

من القائمين علي هذه القنوات في  المستقبل.. وتلفت أصحاب القنوات وشركات الإعلانات حولهم!.. فلم يجدوا غير المنوعات اللبنانية ذات الفورمات العالمية.. في بلد فيه كل هذه البنية التحتية من معاهد باليه وفنون شعبية وموسيقي عربية وموسيقي عالمية وكل هذه الفرق.. لا يستطيعون تقديم برنامج منوعات واحد فقط مدروس ومحترم، لا يعتمد علي الارتجال والراقصات المعتزلات والممثلين النص «لبة».
وفي بلد كبير أبدع الكوميديا بكل أشكالها لا تستطيع قناة واحدة تقديم برنامج كوميدي لا يعتمد علي الإفيهات التي تعيدنا إلي روض الفرج وعماد الدين أو برامج الهواة الفيسبوكية؟
ولا تستطيع قناة واحدة أن تغامر وتنتج بالشباب مسلسلات قصيرة اجتماعية ليست تهريجية بل تقوم علي كوميديا الموقف التي تناقش حياتنا الآنية.. التي يحتاجها الناس بشدة هذه الأيام بعيداً عن برامج الحارة الظالمة والقتل والخطف والساقطات والراقصات.
تذكروا ولا تنسوا أنه في الوقت الذي استسلم فيه التليفزيون المصري الحكومي لشروط السوق واستعان بالنجوم الذين تركتهم السينما، وأعطاهم وصرف علي الأعمال الملايين!.. كان التليفزيون السوري يقدم مسلسلات محترمة ومختلفة بممثلين لا يعرفهم أحد.. واستطاع أن يصنع نجومه وهذا هو ما كان يفعله التليفزيون المصري سابقاً.. وحدث الانهيار العظيم.
وفي الوقت الذي استغرقت شاشاتنا برامج القعدة الحلوة السهلة كانت برامج المنوعات والتمثيليات القصيرة تنتشر وتتفوق في لبنان.