رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الأخلاق والسينما والمجتمع

قال الشاعر (إنما الأمم الأخلاق ما بقيت) ولم يقل أبداً إن الفنون هي الأخلاق ما بقيت، بل قال الجميع (إن الفنون جنون)، وبالطبع لم يقصدوا الجنون (الذي يدفع الناس لتقطيع هدومها) بل الجنون الجميل الذي تقدمه عقول مبدعة تستطيع أن تحول العادي والمألوف إلى غير عادي وإلي أعمال ممتعة ومدهشة.

حقيقة أن غاية الفن الأولى هي إسعاد المواطن وتسليته وإمتاعه ولكن إذا استطاع الفن أن يتجاوز هذة الغاية البسيطة حيث تتعدد وسائله ليقدم بطرق فنية مقنعة أفكاراً نبيلة وقضايا مجتمعية بجانب المتعة ويحلق فى آفاق أرحب فيصبح راصداً لأخطاء المجتمع والحكومات والأفراد لذلك يصير فناً خالداً وجميلاً يمتع ويثري العقل والوجدان ويكون باعثاً للتقدم والارتقاء للأفضل في المجتمع.
ولكن كثيراً ما تتعرض الفنون في مصر وخاصة السينما لأنها الفن الجماهيري الأوسع انتشارا للدعاوي التي تتمسح في الأخلاق والدين وتتظاهر أنها تخاف علي المجتمع وثوابته، وهي في باطنها من أجل حماية الحكومة وفسادها، أو من أجل حماية أفراد وتصرفات ضد الشعب، إن ربط الفن بالأخلاق حيلة كل النظم الديكتاتورية التي تريد تزييف الواقع البائس الذي تعيش فيه الجماهير، وقد لجأت الدولة في أوقات سابقة إلى قوانين تعجيزية لا تتيح للشباب أو أصحاب الفن الجاد العمل بسهولة ويسر خاصة في السينما، ولأن السينما فن تعشقه الجماهير استطاع تجار الفن إشغال الفراغ الذي تسببت فيه الدولة بقوانينها المجحفة وقدموا فنا بدائياً ساذجاً يداعب الغرائز وقد وجد فيه الشباب الصغير المراهق والطبقات المحرومة ضالتهم للتنفيس عن مشاعرهم المكبوتة بعد أن تركتهم الدولة في العراء دون تعليم مناسب يتيح لهم عملاً أو وجود أماكن آدمية للسكن أو أي فرصة لتكوين عائلة أو يعيشوا حياة طبيعية، ولكن حينما استطاعت هذه السينما الرديئة في محاولة منها لتلبس ثوب الجدية أن تتناول ولو بعيد مشاكل الشباب الفقير والفساد المنتشر!! هنا انتفضت الحكومة وتذكرت الأخلاق وبدلاً من تذليل

العقبات الإنتاجية التي تتيح للفنانين الكبار والشباب لكي يقدم السينما التي يريدها، لجأت إلى المنع والمصادرة، وحينما فشلت في ذلك مازالت تبحث بكل الوسائل عن طريق تدجين السينما ومحاولات أن تقدم فناً من وجهة نظر الحكومة ولا يخدش حياءها.
فكانت محاولات وزارة الثقافة لتغيير القوانين من أجل التضييق والمنع أو تكوين كيانات رقابية موازية للرقابة تحت أي دعاوي.
ثم دخلت وزارة الشباب علي الخط أيضا حيث لوح وزيرها الشاب بإجراءات مراجعة لمساندته للسينما.
أما الإعلاميون فقد وجدوا في موت سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة المناسبة الأمثل لكي يتحدثوا عن أخلاق السينما وأخلاق فاتن حمامة؟
والحقيقة أنني أعتقد أن حمرة الخجل هربت ولم تعد، فالإعلاميون الذي ينطقون علي الهواء بأحط الألفاظ، ويتشاجرون مثل الديوك علي الهواء، ويعطي أغلبهم أسوأ المثل في التحول والانتهازية وتغير المواقف!! ينقدون السينما ويطالبونها بالأخلاق ويتحسرون علي سينما فاتن حمامة؟ يا للهول، إن الحكومات المتعاقبة علي الشعب المصري منذ عشرات السنين والتي تتحدث عن الإنجازات بالكذب وهي التي أفقرت الشعب وأذلته، هي أول من مارس الخروج علي الثوابت الأخلاقية والإنسانية.
أعيدوا للمجتمع أدبه ولإعلامه المهنية والاحترام وأقيموا العدالة بين الطبقات، حاكموا أنفسكم وأصلحوا من شأنكم قبل أن تحاكموا فن السينما فهو في النهاية خيال وليس واقعا مثلكم.