رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هل تواجه "المحروسة" غضب الرب؟

الشيخ فرحات المنجي-صليب
الشيخ فرحات المنجي-صليب متي

توقف الكثيرون أمام المشهد الذي بثته إحدي القنوات الفضائية أثناء تغطيتها لمغادرة الحجاج المصريين إلي الأراضي المقدسة، عندما قال أحد الحجاج البسطاء «أنا هدعي لمصر ربنا يحميها من الغضب»

، وهو نفس الأمر الذي يكرره بعض الشيوخ في المساجد والقساوسة في الكنائس ممن يتبنون فكرة أن ما تشهده مصر هذه الأيام من فوضي وكوارث وانفلات أمني وأخلاقي يرجع إلي غضب الله علينا.
فهل الله غاضب علي مصر فعلا؟ وهل يعاقب الله مصر بذنوب حكامها وسكانها؟ هذا السؤال وضعناه أمام رجال الدين الإسلامي والمسيحي، فقال الشيخ فرحات المنجي الداعية الإسلامي، إن الثورات حين تقوم يكون لها خط معين ورؤية واضحة تسير فيها، وهو ما تم أثناء ثورة يناير، لكن بعد تحقيق الهدف وخلع الرئيس السابق عادت العشوائية في اتخاذ القرارات وانقلب الاتحاد إلي فرقة، وأصبح كل واحد يبحث عن نصيبه في تورتة الثورة.
وقال المنجي: رحماك بنا يا رب وبهذا البلد الأمين من الانفلات المستشري في البلاد، وما لم يحدث في النظام السابق في أشد جبروته حتي أصاب أخلاقنا وقضي علي السلوكيات التي تباهينا بها في فتره الثورة، حتي صارت العلاقات الإنسانية مستوحشة وعاد الابن ليقف أمام أبيه، والطالب يتمرد علي معلمه وعلي كبار المهن والخبراء بدعوي الحرية.
وأضاف المنجي: الكل يفعل الآن ما يريد دون وازع من ضمير أو رقابة أخلاقية, وإذا لم تعتدل كفه الميزان ونعود إلي صوابنا فلنقل علي البلد السلام, لكنه شدد في الوقت نفسه علي أن ما يحدث في مصر لم يصل إلي معني الغضب من الله، لكنه نتيجة ما نفعله بأنفسنا ونتيجة لتخلي كل منا عن دوره الحقيقي.
ويختلف الدكتور جمال قطب - رئيس لجنة الفتوي الأسبق بالأزهر الشريف -مع الفكرة بشكل كامل لأنه يري أن البحث في القدريات شيء محبط ومشتت، خاصة في المواقف الاجتماعية التي يستحب ألا يذكر فيها القدر.
«رحم الله مصر من أعنف التجارب التي تمر بها» هذا ما قاله الدكتور رشاد عبد اللطيف، نائب رئيس جامعه حلوان، مضيفا أن ثورة يناير كانت تتسم بالسلمية وخسائرها لا تذكر مقارنة ببعض الدول الأخري، وهذا يعود لرحمة الله بالمصريين لأننا شعب طبيعته مسالمة، فألقي الله في قلوب الحكام الرعب فانسحبوا دون أضرار بالغة علي الشعب.
وأوضح عبد اللطيف أن ما يحدث عقب الثورة يشبه غزوة أحد عندما انتصر المسلمون وانشغلوا بجمع الغنائم، وفي هذا الوقت مال عليهم العدو فهزمهم, فانشغلنا بأنفسنا وغنائم الثورة التي كان من  الممكن تأجيلها، مؤكدا أن ما نعيشه الآن ابتلاء من الله لانشغالنا بالغنيمة دون النظر إلي الصالح العام, وأوضح أن المصري مرتبط بنهر النيل ولديه ترابط أسري وهدوء نفسي، وهو ما يختلف عن الطبيعة الإنسانية في سوريا وليبيا باعتبارها مجتمعات رعوية تعتمد علي التنافس للوصول إلي الطعام وصعب أن يحدث ثورة بها دون صراع شرس علي المكتسبات.
وطالب عبد اللطيف بالعودة إلي الله لنتقيه فيما نفعل والعمل بضمير حتي ننأي بأنفسنا عن أي توجهات خاطئة, بجانب البعد عن الأنانية التي أصبحت تحركنا، فنتنازل عن المصالح الشخصية لتحقيق الصالح العام.
وعلي الجانب المسيحي شدد القمص صليب متي ساويرس، عضو المجلس الملي، علي أن الخير يأتي من الله، والشر من البشر، وأن مصر بلد متفرده خصه الله بالذكر في التوراة والإنجيل والقرآن، وبها أماكن مقدسة لكل الأديان.
ويضيف متي أن الله اختبر مصر كثيرا ووقعت تحت وطأة الاحتلال أكثر من مرة، إلا أن المستعمر لم يستطع السيطرة عليها أو تحويلها كيفما شاء لأن الله حفظ هويتها، والطريف أنها هي من أضافت للمستعمر ولم يقدر أن يؤثر فيها.
ووصف متي ما نعيشه الآن من

الاضطرابات بأنه تجربة منحها لنا الرب لنحاول الإصلاح من أنفسنا، ومراجعه النفس بعد المعاصي, وتحدث التجربة بانشغال الإنسان عن عبادة ربه بأمور دنيوية، واتجاهه إلي المعاصي وخصوصاً أن الله يقول «ارجعوا إلي فارجع إليكم».
وعن الفتن المفتعلة بين الأقباط والمسلمين قال متي إن الجميع لابد أن يعلم أننا نعبد الإله الواحد، ومن المعاصي أن نكفر بعضنا البعض، لأننا نعيش في مركب واحد إذا طفت علي السطح سرنا في أمان وإذا ثقلت غرقت وغرقنا معها, وأضاف إرادة الله في تنوع الأديان لحدوث تنافس علي الخير وليس الشر.
ونصح متي بالنظر إلي ثوره 1919 التي لم تفرق بين أحد والآخر وكانت لها أهداف موحدة وسامية, ويجب أن نكافح الغول المتوحش وهو الفقر، ونتكاتف من أجل التنمية والعمل بمحبة وتسامح وقبول للآخر، ونعمر مصر لأن الله سيحاسبنا علي ما فعلنا بها، ولو سار كل مصري علي نهج صحيح إعمالا للقيم الدينية والمجتمعية والأخلاقية وتنابذ الخلاف فيما بيننا وتعامل بسماح سنحقق ما نريده وننتشل مصر من ضياعها لأننا نعيش في وطن يضمنا جميعا.
ورفض الأنبا مرقص اسقف كنائس شبرا الخيمة ان يكون ما يحدث بمصر غضب من الله لأن الله يأتي منه الخير فقط، والتصرفات الخاطئة هي التي تعكر صفو ثوره مصر لأنها فردية  وصدرت عن بعض البلطجية الذين لا يرتبطون بالدين كما يجب، ولا تنسب إلي الله.
أما المحن فهي اختبار لكل البشر وهي تحمل بداخلها منحة يمنحها لنا الرب, وهو ما أضافه مرقص, قائلا: يجب علي كل إنسان أن يتبع الله في الخير، ويسمع وصاياه والبعد عن الأشرار والأفكار الموجهة التي تضر به وبالمجتمع.
ورفض الدكتور جرجس كامل الباحث اللاهوتي فكرة أن ما يحدث غضب من الله وأنه ليس ابتلاء أيضا، ولكن ما يحدث بقضاء وبسماح وتدبير من الله خالق وضابط كل شيء، قائلا: إن الأحداث ليست قدرية بقدر ما هي بسوء تصريف من الإنسان نفسه, ولو نحينا الاتجاهات الفكرية جانبا لما وجدنا كل الاختلافات الفكرية والدينية والعرقية والبحث عن الهوية بهذا الشكل المفتعل, ويضيف: نصيحة لكل مصري أن ينظر في شهادة ميلاده ليعرف انه مصري  النشأة  ولو عاش بهذا المبدأ لما وجدنا ما نحن عليه الان.
ويتابع كامل : للأسف نجني ثمار تربية خاطئة غير وطنية ودراستنا تخلو من حب الوطن وتعتمد علي النظرية فقط دون التطبيق العملي، مما يفقدنا الهوية، ويصعب الامور علينا الآن.