رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

باتونس بيك

أوجع قلبي الرحيل المفاجئ للمطربة الكبيرة وردة، ولكن ظروف انتخابات الرئاسة المصرية أخرت هذا المقال أسبوعاً، لذلك أعود اليوم الى وردة الغناء العربي وأقول: في تلك الليلة الخريفية في أول التسعينيات، لم أكن أدري وأنا ساهر أتونس بصوت الراديو «عشقي الأول» أن الإلهام سيهبط على روحي بأغنية جديدة.. إذ أمسكت بالقلم وكتبت: باتونس بيك!

ولم أكن أعلم أن هذه الكلمات ستكون علامة كبرى في حياتي.. فقد بدأت مرحلة طويلة وناجحة مع وردة كشفت عن نجم جديد في مجال التلحين، وانتجت عشرات الأغنيات الناجحة بعد باتونس بيك مثل حرمت أحبك وجرب نار الغيرة ويا سيدي وفرق السنين ومشتاقالك ومليت من الغربة ومواسم وفين أيامك وغيرها كثير.
كان بيني وبين وردة مشروعات فنية قبل ذلك ولكنها لم تكتمل منها ألبوم مع الموسيقار عمار الشريعي أعاقت اتمامه ظروف لا دخل لي ولا لوردة بها فتفرقت أغانيه بين المطربات ومنها «يا عيون يا مغرباني» التي غنتها ايمان الطوخي و«فجأة» التي غنتها ميادة، ومنها ألبوم آخر مع الموسيقار محمد سلطان لم يتحرك خطوة واحدة، وذات ليلة كتبت باتونس بيك، وتشاء الأقدار أن أفاجأ بزيارة من ملحن جديد قدم نفسه لي باسم صلاح الشرنوبي، فأعطيته الكلمات التي عانقتها ألحانه المبتكرة، وذات يوم كان صلاح عندي في البيت حينما اتصلت وردة تسأل عن مصير ألبوماتنا المعطلة فأعطيت السماعة لصالح الشرنوبي وقلت لها إنه ملحن جديد سيسمعك لحنا لأغنية جديدة، وبالفعل استمعت وردة لأغنية باتونس بيك وأعجبتها، ودارت العجلة فجأة، وردة غنت الاغنية فكانت قنبلة غنائية بمعنى الكلمة، ومازالت، وأصبح صلاح الشرنوبي نجم التلحين في العالم العربي.
ومازلت أذكر ان الموسيقار الكبير الراحل كمال الطويل قال لي ذات مرة أن من أسرار نجاحها أنها كشفت لأول مرة عن المنطقة الأنثوية في حنجرة وردة التي طالما اشتهرت بأنها كالحصان الجامح، فجاءت باتونس بيك لتكشف عن الانثى الكامنة خلف هذا الجموح.
وبعد باتونس بيك جاءت حرمت أحبك ثم نار الغيرة لتضيف لوردة جمهوراً جديداً هو شباب التسعينيات الذي عشق

الأغاني الشبابية التي غزت مصر في هذا العقد بعد نجاح واكتساح اغنية لولاكي التي ناطحتها اغنية من غير ليه فوجد الشباب في أغاني وردة الجديدة هذا المزج المتوازن بين الأغاني الكلاسيكية والأغاني الشبابية في معادلة ناجحة.
وبدأت وردة تدعي الى احتفالات اكتوبر التي كان يحضرها الرئيس السابق مبارك، وفي احدى هذه الحفلات فكرت وردة وقررت أن تضع بين يديه طلباً لمنح ابنها رياض الجنسية المصرية حيث كان يعاني المضايقات في مطارات أوروبا بسبب جنسيته الجزائرية، ولكن مبارك - رغم عشقه لصوت وردة - اكتفى ليلتها بإعطاء الطلب الى سكرتيره لتوصيله الى وزير الداخلية دون رأي!
وبعدها بسنوات أصبح لزاما على وردة أن تجري عملية زرع كبد في فرنسا، واتصل بي وزير الاعلام بصفتي رئيس الاذاعة ورئيس جمعية المؤلفين والملحنين وايضاً بصفتي شاعراً مقرباً من وردة، وطلب مني أن أبلغها أن مبارك عرض أن تتكفل مصر بتكاليف علاجها في فرنسا، وحينما ابلغت وردة بالأمر اعتذرت برقة.. وقالت «إني اعتز بمصر.. الا أن السيف قد سبق العزل فقد أمر الرئيس بوتفليقة بعلاجي على نفقة الجزائر، شكراً».
هكذا كانت وردة.. مزيجاً من العاطفة والتلقائية والكبرياء، ولعل حساسيتها من اتهامها بالعجرفة هو ما حدا بها الى رفض اغنية «كبريائي» من تأليفي، وقالت لي: «مش ناقصة يقولوا علىَّ متكبرة!» وهكذا ذهبت الأغنية أيضاً الى ميادة الحناوي.
[email protected]