رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حضرتك عمرى

لو كان النفاق رجلاً لقتلته! وأعتقد أن النفاق مرض اجتماعى أصاب الكثيرين لظروف تاريخية امتدت عبر عصور القهر والاحتلال والتسلط والديكتاتورية التى أجبرت المحكومين على نفاق الحاكم إتقاء لشره وظلمه وعسفه.

وكنت أضحك كثيراً حينما حكى لى موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب أن أحد المعجبين إظهاراً لفرط تأدبه معه كان يقول له (أنا أعشق أغنية حضرتك عمرى) وذلك إشارة لأغنية إنت عمرى!
وكنت أعتقد أن ثورة يناير المجيدة أسقطت من بين ما أسقطت راية النفاق وشفت هؤلاء من داء النفاق، ولكن كان اعتقادى وهما، فبعد نفاق بعض الكبار للرئيس السابق إلى حد مانشيت «الأهرام» الرئيس (يوم ولدت مصر) إشارة إلى عيد ميلاد الرئيس!، بل وصل الأمر بأحدهم أن يخاطب الرئيس السابق فى مقاله اليومى قائلاً: (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله) فى أثناء الحملة الانتخابية لإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، محاولاً توجيه الآية الشريفة الموجهة أصلاً للرسول صلى الله عليه وسلم ـ لنفاق الحاكم.
كنت أعتقد أن كل ذلك النفاق سقط بعد الثورة بعد أن سقطت دواعيه ولكنه كنت واهماً! فها هم المنافقون كما هم أسلوبهم لم يتغير ولم تصل إليهم الثورة وقد يهون أمرهم والثورة كفيلة بهم، ولكن الذى لا يهون ويجب ألا يهون هو تسليط أفاعى النفاق على أجيالنا الصغيرة الناشئة ومحاولة إفسادهم كما فسدوا هم، فها هى مناهج التربية والتعليم تحقن فلذات أكبادنا بسموم النفاق منذ نعومة أظافرهم فى المدارس، ولا أعرف كيف يدافع وزير التربية والتعليم عن منهج للتاريخ يدرس لتلاميذ السادس ابتدائى الآن يسرد الإنجازات المزعومة لمبارك فى صفحات من دوره البطولى فى حرب أكتوبر إلى تحقيق التنمية والقضاء على الإرهاب وإعادة دور مصر العربى والعالمى، ثم فى فقرة قصيرة يشير إلى ثورة

يناير والثوار وقيامهم بالثورة من أجل تحقيق مطالبهم الاجتماعية والاقتصادية، وكأن الثوار ناكرى جميل انقلبوا على هذه الإنجازات العظيمة لمبارك من أجل مطالب مادية أو فئوية!
وليس ذلك ببعيد عن أسئلة امتحان وضعتها مدرسة القنايات الإعدادية تقول (شاهدنا الثوار بل المفسدين يخربون تاريخ البلاد) إلصاقاً لتهمة إحراق المجمع العلمى إلى الثوار بدلاً من البلطجية.
ثم انتقل النفاق بعد مبارك إلى القوى الجديدة الحاكمة: المجلس العسكرى والإخوان المسلمين وذراعهم السياسى حزب الحرية والعدالة، فيتضمن امتحان إحدى المدارس هذا السؤال للتلاميذ الصغار (اكتب برقية تهنئة لحزب الحرية والعدالة)!
ولو التمسنا عذراً للذين نافقوا تحت وطأة الحكم الديكتاتورى ومن نافقوا قبلهم تحت وطأة حكم المماليك والعثمانيين والمحتلين وظلمهم من قبل، فما عذر هؤلاء المنافقين الآن بعد ثورة وصفها جون ماكين أعظم حدث فى الشرق الأوسط بعد سقوط الخلافة العثمانية؟ وما حجتهم بعد ثورة أسقطت حاجز الخوف من الحاكم ورفعت شعار (عيش، حرية، عدالة اجتماعية، كرامة إنسانية)؟
وهل نترك المنافقين يواصلون تلويث عقول جيل كامل من التلاميذ بعد أن أفسدوا أجيالاً من المصريين قبلهم.. هل يدرسون لهم «مادة» النفاق؟ وهل صدق يوسف السباعى فى قصته الشهيرة «أرض النفاق»؟
[email protected]