رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يا ليلة العيد آنستينا!

كل عام وأنتم بخير، لوقفة عرفات وعيد الأضحى فى نفس ذكرى غالية أرويها بمناسبة العيد، عام 1997 كنت أضع خريطة البرنامج العام وتذكرت تسجيلاً تاريخياً نادراً كشف عنه الإذاعى الكبير الراحل جلال معوض ومساعدتاه فى برنامج عصر من الغناء مع أم كلثوم الإذاعيتان الرائعتان نعيمة حسن (دكتورة نعيمة الآن)

وعبير سيد وهو تسجيل لحفل أحيته أم كلثوم عام 1944 فى النادى الأهلى ليلة العيد، وبينما كانت أم كلثوم تختتم أول أغنية فى الحفل وهى «حبيبى يسعد أوقاته» وخلال مقطع «والليلة عيد.. ع الدنيا سعيد» إذا بالملك فاروق يفاجئ الحفل بحضوره إلى النادى الأهلى (مع أنه كان يرعى نادى فاروق ـ الزمالك!) وانقلب الحفل بكل جمهوره إلى تحية الملك وعلت الهتافات بحياة «فاروق ملك مصر والسودان» ومن شدة التصفيق والهتاف لـ«صاحب الجلالة الملك» توقفت أم كلثوم عن الغناء حتى هدأ الهتاف والتصفيق بعد حوالى خمس دقائق مما يؤكد أن الشعب المصرى كان يحب الملك فاروق حباً جماً فى ذلك الوقت قبل أن يسوء سلوكه وتنحرف سياساته، ولعل جيل الشباب الحالى لو استمع إلى هذا التسجيل النادر سيدهش من أجداده حاضرى هذا الحفل وما قدموه من مظاهر التصفيق والهتافات والأهازيج بل والروشنة فى التعبير عن فرحتهم بالملك رغم ارتدائهم الطرابيش والبابيونات!، وبعد خمس دقائق من الهتاف عادت أم كلثوم لتستأنف الغناء، وبسرعة بديهتها المعروفة عدلت كلمات المقطع الأخير من: «والليلة عيد ع الدنيا سعيد.. عز وتمجيد. وانت حبيبى» إلى «عز وتمجيد ليك يا مليكى»! واشتعلت الهتافات ودوت الأهازيج ليتدخل مذيع الحفل ويعلن على الهواء أن الملك طوق عنق أم كلثوم بنيشان الكمال (وكان مقصوراً على الأميرات)، ولقب صاحبة العصمة، وبعدها قدمت أم كلثوم أغنيتها الشهيرة «ياليلة العيد آنستينا» وأيضاً عدلت كلماتها لتحيى الملك.
كل هذا جال بخاطرى وأنا أضع الخريطة وقررت

أن أقدم هذا التسجيل التاريخى كاملاً دون مونتاج بهتافاته وتحياته للملك ووصف المذيع وذلك دون أن أتشاور مع أى قيادة إعلامية، وما إن علم الزملاء فى الإذاعة بقرارى حتى أصيبوا بصدمة وخافوا.. فلأول مرة يذاع هتاف للملك فاروق فى الإذاعة المصرية منذ قيام ثورة 23 يوليو 1952 ولكننى أصررت لإيمانى بأن تاريخ مصر ملك للمصريين، وهذا التسجيل جزء من تاريخ مصر لا ينبغى حجبه.
وشجعنى نجاح التجربة والصدى الهائل للمستمعين فرحاً بها على أن أوصى بإذاعة هذا التسجيل فى كل ليلة عيد وعلى الدوام، بل تشجعت وبدأت فى إذاعة كل أغانى التراث الغنائى الوطنى قبل وبعد ثورة 1952 بما فيه من أغنيات تضم اسم الملك فاروق أو جمال عبدالناصر، وكان ذلك محظوراً طوال عهدى السادات ومبارك.
وحينما توليت رئاسة الإذاعة طلبت وضع هذه الأغنيات الوطنية فى أوقات مميزة على خريطة إذاعة الأغانى، واستعاد المستمعون أغنيات ما قبل ثورة 52وأيضاً أغنيات الثورة وعبدالناصر والتأميم والعدوان الثلاثى والاشتراكية و.. و.. إلى آخره من روائع الأغنيات التى أبدع فيها مؤلفو وملحنو ومطربو ومطربات وفرق مصر ثم وضعت على أرفف مكتبة الأشرطة بالإذاعة خوفاً من «زعل» النظام الحاكم!
وهكذا أثبتت الإذاعة المصرية أنها بالفعل ذاكرة الأمة.
[email protected]