عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الصدام الوشيك

على الرغم من صعوبة أوقات عديدة مرت بها  مصر خلال العام والنصف الماضى ، إلا أن ما نمر به هذه الأيام قد يمثل لحظة من أحرج اللحظات فى تاريخ مصر ، فالتفاعلات عديدة ، والتغيرات دراماتيكية ، والأحداث تتابع وتتصاعد بشكل غير متوقع وغير مسبوق ، فخلال المائة ساعة الأخيرة تابعنا حكمين من أهم أحكام المحكمة الدستورية من حيث تأثيرهما فى المشهد السياسى ، أفضى أحدهما إلى حل مجلس الشعب الأول بعد الثورة ، وقضى الثانى بإستمرار أحد مرشحى الرئاسة فى السباق .

وقد أعلن أعضاء من مجلس الشعب رفضهم للحكم !! ، مما حدا بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة بإصدار بيان تنفيذى لحكم الدستورية !! ، فيصر عضوان ــ بينهما رجل قانون ــ على الذهاب إلى المجلس فيمنعهما الأمن تنفيذاً للقانون الذى لم يحترمه أحد رجاله !!
إنها أمور تدعو للعجب ، رجال القانون ، الذين من المفترض أنهم أكثر الناس إدراكاً لمعنى وإحتراماً لقيمة الأحكام الدستورية هم الذين يرفضون تنفيذها ، وإحدى سلطات الدولة ترفض أحكام سلطة أخرى مارست دورها وواجبها الوطنى ، ليتطور صدام السلطات إلى تصارع ينال من الدور الوطنى لكل منها .
ولم يكد يفيق الشعب من اللغط الإعلامى حول أحكام الدستورية ، حتى دخلنا فى دوامة متابعة جولة الإعادة من إنتخابات الرئاسة ، تلك الجولة التى سادها طقس شديد الحرارة والرطوبة ، مما دفع البعض لإستغلال  أيام إجازة الإنتخابات فى الذهاب إلى المصائف مهملين لحق الوطن عليهم ، ليضاف هؤلاء إلى مجموعة أخرى رفعت شعارى المقاطعة وإبطال الأصوات ، فبعد هذا العمر الذى إنتظرناه لنصل إلى اللحظة التى ننعم فيها بممارسة حقنا الإنتخابى دون تدخل أو تزييف للإرادة ، وبعد أن نصل إلى إنتخابات حرة ونزيهة بشهادات الداخل والخارج من المتابعين ، وبعدما يصبح لصوتنا قيمة ولإرادتنا دور فى صنع مستقبل البلد ، نجد العديد منا يترفع عن المشاركة بحجة عدم قناعتهم بكلا المرشحين اللذين أتت بهما صناديق إنتخابات المرحلة الأولى ، والحقيقة فهذه رفاهية إنتخابية لا تتناسب معنا على الأقل فى هذه المرحلة ، بل والبعض يعتبر ذلك تقصيراً فى حق الوطن وإخلالاً بالواجب الوطنى .
إن الإمتناع والإبطال كرد فعل إحتجاجى ــ يصب بالفعل فى صالح أحد المرشحين ــ على ماأتى به الصندوق الإنتخابى فى المرحلة الأولى ، يؤكد أننا نريدها ديمقراطية " على مزاجنا " .
وخلال متابعتنا لمن حضر ومن إمتنع ، تطل علينا أغرب الغرائب وأطرف الطرائف ، وهى إعلان حملة أحد مرشحي الرئاسة ــ بعد سويعات قليلة من إنتهاء التصويت ــ عن فوز مرشحها ، على الرغم من إستمرار الفرز فى بعض اللجان ، ثم يتبع ذلك مؤتمراً صحفياً للمرشح الفائز بنفسه ( أقصد الرئيس ) ليلقى إلى الشعب خطاب الإنتصار  عقب" صلاة الفجر " وبصحبة بعض رموز تياره السياسى

،  ، لنرسى مبدأً إنتخابياً " صُنع فى مصر " أمام العالم كله ، وهو إعلان المرشح فوزه بنفسه دون إنتظار لإنتهاء العملية الإنتخابية أو إنتظار إعلان اللجنه المسئولة عن تلك الإنتخابات ، موقف لم نره من قبل لا فى العالم المتقدم ولا فى العالم المتخلف ، حقاً إختراع  لابد ان يسجل مصرياً 100% .
ثم نصل إلى أن يعلن كلا المرشحين فوزه ورفض ما يعلنه معسكر المرشح الآخر ، فيما تبقى اللجنة المسئولة تلزم الصمت ، ويبقى الشعب فى حيرة من أمره ، فهل ما يحدث هو إستباق ، أم نشوة إنتصار ، أم سيناريو محدد سلفاً لتكريس واقع معين ، الحيرة تسكن رؤوس الشعب وتغذيها البرامج الفضائية .
ومع تلاحق تلك الأحداث على أهميتها أصبحنا كجمهور مباريات التنس ، رؤوسنا تدور يميناً ويساراً لمتابعة ما يدور ، ولا نستطيع إغماض أعيننا للحظة حتى لايفوتنا حدث من الأحداث .
وما بين حل مجلس الشعب وإنتخابات الرئاسة وتأسيسية الدستور والإعلان الدستورى المكمل وصلاحيات الرئيس الجديد ودعوى حل الأحزاب القائمه على أساس دينى ، يبدو الصدام وشيكاً بين جماعة الإخوان المسلمين ( وليس حزب الحرية والعدالة ) وبين المجلس الأعلى للقوات المسلحة ، والصدام هذه المرة لا يبدو ناعماً ، ولكنه قد يكون عنيفاً ، وقد ينال من حلم الإستقرار الذى يتوق إليه كل المصريين ، وهكذا عند اللحظة التى إنتظرناها لتكون نهاية المرحلة الإنتقالية ــ بإضطراباتها ــ لنبدأ مرحلة الإستقرار ، نجد انفسنا على أعتاب مرحلة  إنتقالية جديدة ، قد تشهد صدامات وليس إضطرابات ، ويبدو أن القادم أخطر ، والآتى قد يشهد تطورات تحمل معها تغييرات فى المشهد السياسى ، لو لم نحكم ضمائرنا فى أفعالنا  وردود أفعالنا ، وأن ننحى جانباً المصالح الضيقة لتياراتنا السياسية ، إعلاءً للمصالح الأوسع لكامل الوطن بكل أطيافه ، وأجياله الحالية ومستقبل أبنائه .