رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

السلطة الصدامية

تقوم الدولة على مبدأ التكامل بين السلطات ، فكل سلطة تمثل ركناً من أركان الدولة إذا إهتز إهتزت الدولة كاملةً، ولا بد لكل سلطة أن تقوم على قاعدة متينة من العلم والخبرة ، وأن يتسم عملها بالنزاهة والموضوعية ،

ويأتى ذلك فى إطار من التكامل بين كل سلطات الدولة بما يضمن حياة الدولة .
لقد كانت السلطة التشريعية ممثلة فى مجلسى الشعب والشورى هى النتاج الأول لخارطة الطريق التى إعتمدها الإعلان الدستورى بناءً على إستفتاء مارس ، وبغض النظر عن إختلافنا أو إتفاقنا مع نتيجة الإستفتاء و مع التيار الذى نال الأغلبية فى الإنتخابات التشريعية ، إلا أننا إعتبرنا أن المجلسين هما اللبنة الأولى لبناء الدولة الجديدة فى الجمهورية الثانية .
وما أن بدأت الحياة التشريعية حتى وجدنا إستعداءً واضحاً من السلطة التشريعية تجاه الحكومة ، وإحتدم الصدام البرلمانى / الحكومى ــ بلا مبرر منطقى ــ ووصل الأمر إلى تعطيل العمل بمجلس الشعب لمدة أسبوع إحتجاجاً على بقاء الحكومة ، وبدا الأمر وكأنه محاولة لفرض السيطرة على الطرف الآخر ، وإنتهت الأزمة ( بتغييركام وزيرغير مؤثرين مع إحترامنا للجميع ) ، وكما بدأ الصدام بشكل غير مبرر منطقياً إنتهى أيضاً بشكل غير منطقى ، ليضع نهاية لصدام السلطة التشريعية / التنفيذية .
صدام آخر ولكنه هذه المرة تشريعى / قضائى ، ففجأة وبدون مقدمات وبعد صدور الحكم فى محاكمة القرن والتاريخ فى مصر ، إنطلقت أصوات عديدة لنواب مجلس الشعب فى التعليق على وإنتقاد الحكم القضائى والقائمين عليه بل تطرق البعض إلى منظومة القضاء بأكملها ، وإزاء هذه الهجمة البرلمانية كان الرد القضائى ــ ممثلا فى رد السيد المستشار رئيس نادى القضاة ــ حازماً وحاسماً  ، وليضع حداً لأى محاولة للإقتراب من حرم السلطة القضائية ، فخفت حدة الصدام ولكن تداعياته مازالت قائمة بل وربما ستكون هامة ومؤثرة ، فمع تعدد بلاغات القضاة للنائب العام ضد بعض نواب مجلس الشعب ، ومع توقع رفض المجلس رفع الحصانة عن أعضائه للتحقيق فى هذه البلاغات ، فقد يتطور الأمر إلى موقف قضائى مؤثر ، ويعد هذا فصلاً من فصول الصدام التشريعى / القضائى التى لم تنتهِ بعد.
صدام تشريعى آخر عايشناه ومازلنا نعايشه حتى الآن ، وهذه المرة صدام بين القوة السياسية صاحبة الأكثرية البرلمانية وبين بقية القوى السياسية والمجتمعية المشاركة فى المشهد المصرى ، وكان ــ ومازال ــ محور الصدام هو تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور ، فمنذ مارس الماضى ومع الإجتماع المشترك للأعضاء المنتخبين بمجلسى الشعب والشورى كانت المحاولة لتشكيل الجمعية التأسيسية  وقواعد عملها أملاً فى الوصول إلى دستور قبل إنتهاء إنتخابات الرئاسة ، ليأتى لنا رئيساً يعرف صلاحياته وحدوده ، و نعرف مسئولياته وواجباته ، ومع التشكيل المتحيز للأكثرية كان التوجه إلى المحكمة الدستورية التى قضت بعدم الدستورية وعدنا لنقطة الصفر ، ثم كان إتفاق المجلس الأعلى للقوات المسلحة مع جميع القوى السياسية (بما فيها أكثرية البرلمان )على معايير تشكيل الجمعية التأسيسية ، فخرجت علينا اللجنة التشريعية ( ممثلة للأكثرية البرلمانية ) بمجلس الشعب لتعلن رفضها لذلك الإتفاق لنعود إلى المربع رقم واحد ، وليتوقف العمل حول ما يخص هذه الجمعية ومن ثم ينعدم الأمل فى وجود دستور قبل وجود الرئيس ، وذلك قد يوافق هوى بعض القوى وصالحها ، وتصاعدت حدة الصدام الدستورى ــ إن جاز التعبير ــ إلى أن وصلنا إلى نقطة فاصلة وهى الخميس 7/6/2012 الساعة الثانية ظهراً ، وهو التوقيت الذى حدده المجلس الأعلى للقوات المسلحة للقوى السياسية للإتفاق حول معايير تشكيل الجمعية التأسيسية أو أن يقوم بإصدار إعلان دستورى مكمل ، فإتفقت الأطراف كلها بما فيها الأكثرية البرلمانية ، وإن كان الإتفاق النهائى ــ على كل ما يخص الجمعية التأسيسية من معايير التشكيل ومحاصصة الفئات وقواعد

التصويت ــ لم نصل إليه بعد .
وعلى صعيد آخر نرى أن صراع التأسيسية دار أيضاً حول قواعد التصويت ، وكلنا نعلم أنه تم التوصل إلى الآتى : التوافق ثم الإقرار بنسبة 67% ثم وبعد 48 ساعة يتم الإقرار بنسبة 57 % ، وهنا نطرح التساؤل : هل يجوز لنا أن نقبل دستوراً جديداً يتضمن فى مواده مواداً يتم إقرارها بنسبة 57 % فقط ؟  و لماذا إصرار التيار الدينى ــ من بين القوى السياسية ــ على التواجد بالجمعية التأسيسية فعلياً بنسبة تفوق 50 % ؟ فهل النوايا منطوية على أمور تثير الشك والريبة فى الأنفس ؟
إن إقرار بعض المواد  بالدستور الجديد بنسبة 57 % يعنى لدى الكثيرين التوجه بالدستور نحو فئة أو طائفة معينة داخل المجتمع ، وهو أمر مرفوض تماماً ، لأن الدستور يجب أن يكون لكل المصريين ، وألا يكون دستوراً فئوياً أو طائفياً ، إن المصريين أصحاب التاريخ وصانعى دساتير العديد من الدول لا يجوز ولا يصح أن يتضمن دستورهم مواداً يتم إقرارها بنسبة 57 % ، فهى نسبة تعبر عن الخلاف ولا تشير إلى الإتفاق .
صدام آخر بدأ مؤخراً  ألا وهو صدام مجلس الشورى مع  " أحرار" نقابة الصحفيين حول معايير إختيار رؤساء تحرير الصحف القومية ، إذ بدت محاولات الإستحواذ و المعايير الخاصة بتيار الأكثرية فى مجلس الشورى واضحةً والتى ستقود إلى إختيارات أهواء ومصالح وليست إختيارات مقدرة و كفاءة ، وهذا صدام لاندرى إلى أين سيصل وكيف سينتهى؟ 
ولايفوتنا أن نشير إلى الصدام المحتشم الدائر بين السلطة التشريعية وقوة الأكثرية بها مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة ، وإن كان لايبدو صريحاً على المشهد إلا أنه لايخفى علينا جميعاً .
إن الصدام يكاد يكون سمة مميزة للسلطة التشريعية  الحالية فى مصر منذ إنتخابها وبداية ممارستها لصلاحيتها ، ولا ندرى أهذا الصدام  سمة من سمات أهل هذه السلطة ، أم هو نتاج لعدم الخبرة السياسية ، أم أن التعطش للسلطة يجعل الصورة أمامهم غير واضحة ، أم كما يرى البعض الرغبة فى إثبات الوجود وفرض السيطرة فى ظل محاولات الإستحواذ المستمرة هو الدافع لهذا السلوك ؟!.
ايا ما كان الدافع لا يهمنا بقدر ما يهمنا أن نرى السلطة التشريعية فى المرحلة المقبلة وقد تخلت عن سلوكها الصدامى مع السلطات الأخرى ، ومع بقية القوى السياسية المشاركة فى المشهد السياسى المصرى ، لتبدأ مصر مرحلة سياسية جديدة فى ظل حالة من التفاهم والتوافق والتكامل بين السلطات والأطراف الفاعلة فى حياة المصريين .