عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

هو فيه إيه ؟!

المشهد فى مصر الآن يسوده كثيراً من التوتر وهو ما يبعث على القلق حول ما يحدث اليوم وما يمكن أن يحدث غداً ، فالمجتمع تسوده حالة من الإستقطاب تخلق مزاجاً قوامه التعصب الذى يكرس مبدأ " من ليس معى فهو ضدى " ، وهو أخف الأوصاف ، ففى بعض الأحوال يتطور الأمر إلى " من ليس معى فهو عميل أو خائن أو كافر " ، هذه الحالة المجتمعية لا تصب فى صالح المجتمع على الإطلاق بل إنها ستخلف آثاراً غير طيبة على المدى القريب والبعيد .

البعض كان بالأمس  داخل حلبة المنافسة الرئاسية ، وهو مايعنى أنهم إرتضوا التنافس وفق هذه القواعد ، وما أن إنتهت المرحلة الأولى معلنة خروجهم من السباق حتى سارعوا إلى الشارع (متناسين شرعية الصندوق ومتوجهين لشرعية الشارع ) ليشككوا فى النتائج ونزاهة العملية برمتها ، وتتطور الأحداث ليطالبوا بإلغاء العملية الإنتخابية كلها وتكوين مجلس رئاسى ( يتكون منهم أساساً ) ، فهل لو كان أحدهم مازال باقياً فى السباق كان سينادى بذلك !
أن يعلن الخارجون من السباق الرئاسى بطلان نتيجة الإنتخابات هو ضرب من الهزل السياسى لا يليق بمرشحين سابقين ، بل ويشير بوضوح إلى أنهم لا يؤمنون إلا بمصالحهم ولا يقبلون إلا بمكاسبهم ، فهل هى دكتاتورية الأقلية أم شروط المهزوم  .
أن يشارك فى مظاهرات الإحتجاج ــ التى تروج لرفض نتائج الإنتخابات ــ حزب الأكثرية البرلمانية والذى يمثله أحد المرشحيّن الباقين فى جولة الإعادة ، يخلق حالة من الإرتباك ، أهم يقبلون شرعية الصندوق أم يرفضونها ، أهم مع رغبة الناجحين فى إستكمال الإنتخابات أم مع دعوة المهزومين لمجلس الرئاسى  .
من حق المرشحيّن الإثنين الباقيين بالسباق أن يستكملا جولة الإعادة ، وعلى المرشحين الذين خرجوا من السباق أن يدرسوا نقاط ضعفهم ، ومن ينوى أن يطرح نفسه مستقبلاً عليه أن يبدأ من الآن ، وياليته يحدد خطاً فكرياً لتوجهه لأن التجربة أثبتت أن اللعب على كل الحبال ــ وإن جمّعت بعض الأصوات ــ لن تحقق الفائدة المرجوة ، كما يتوجب على هؤلاء المرشحين ــ الذين خرجوا من السباق ــ أن يوجهوا أنصارهم فى جولة الإعادة إلى الإختيار الأمثل من وجهة نظرهم وبالتاكيد الأقرب إلى فكرهم وتوجههم السياسى ، بدلاً من دعوتهم لمقاطعة الإنتخابات أو إبطال الأصوات ، فهذه دعوات يجب ألا تخرج من مرشح رئاسة كان من الممكن أن يكون مازال موجوداً بالسباق فهل كان وقتها سيدعو نفس الدعوات .

أما مايخص جولة الإعادة فهى تبدو كأنها لعبة شد الحبل ، فكلا المرشحيّن يحاول شد الحبل ناحيته مطيحاً بالطرف الآخر أرضاً وهو فى سعيه هذا يبحث عن قوى داعمة له ، وفى ذلك نسمع التصريحات والوعود ، ونرى مغازلة كل الأطراف السياسية فى محاولة لكسب أصواتها ، ولكن مايلفت الإنتباه هو " إنقلاب " بعض التيارات السياسية والشخصيات العامه على مبادئها الأساسية ، فمن العجب حقاً أن نرى فناناً ليبرالياً ملأ الدنيا ضجيجاً ــ ومعه كل الحق ــ  لوقف المحاكمات الدينية للفنانين ( وذلك مؤخراً عندما تم رفع قضايا ضد الفنان عادل إمام وآخرين على أعمالهم المسيئة

للدين على حد وصف أصحاب الدعوى ) ، نراه اليوم يعلن دعمه لمرشح التيار الدينى ، ناسياً أو متناسياً أن ذلك التيار هو صاحب دعوى المحاكمات الدينية للفنانين ، ونحن هنا لا ننتقص من حرية هذا الفنان ولكننا نبحث عن الإتساق الفكرى فى سلوكيات الشخصيات العامة ، وهنا لا نرى إلا فكرة " التصويت الإنتقامى " ، فلأنه لايحب أحد المرشحين ، فإنه يعلن دعمه للمرشح الآخر الذى يختلف معه إختلافا جذرياً .
ولعل  أهم مانخشاه على جولة الإعادة وهو " التصويت العقابى أو الإنتقامى " وكذلك "إبطال الأصوات " وأيضاً " الإمتناع عن التصويت " تلك السلوكيات للأسف بعض القوى والشخصيات السياسية تدعو أنصارها للإختيار بينها ، وللأسف الشديد هى أيضا دعوات من مرشحين سابقين للرئاسة ، متناسين جميعاً أن فى هذا أكبر الضرر على مصر ، فهذا كفيل بأن يأتى برئيس أقلية ، كما أن الإمتناع عن التصويت سيضر بالعملية الإنتخابية بينما سيصب  فى صالح أحد المرشحين ( أياً من كان )  .
ياسادة نحن ننتخب رئيس مصر ، وبمحض إرادتنا ، ونحن أصحاب الحق فى إختيار هذا الرئيس ، فكيف لنا أن نهدر هذا الحق بعد ماإكتسبناه ببذل الدم  ، إن رئيس مصر لا يجب أن يأتى بتصويت عقابى ، ولايجب أن ياتى بأقلية أصوات ، ولا يجب أن نترك أطرافاً أخرى تختار لنا الرئيس ونحن ممتنعون عن التصويت ، نريد رئيساً تتويجاً لإختيارنا الإيجابى وليس نتاجاً لسلبية إختيارنا .
إن هذه السلوكيات المتناقضة ستقودنا إلى حالة من الفوضى ، والتعصب الذى يكرسه كل فريق لصالحه سيؤدى حتماً إلى صراعات قد تتطور إلى ما هو أخطر من ذلك ، وهو مالا نتمناه ونحن على أعتاب الجمهورية الثانية ، والتى نتمناها أفضل بكثير من سابقتها .
إن الشعب المصرى صاحب حضارة طويلة طول الزمان وعميقة عمق التاريخ ، فحتى وإن كنا فى " سنة أولى ديمقراطية " ، فإن حضارتنا كفيلة أن تجعل سلوكنا وفكرنا على المستوى اللائق لخبرة السنين وحضارة الزمان  .
يا أبناء مصر إتقوا الله فى مصر .