رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

التحول غير الديموقراطى

كتبت مقالى عصر أمس حول الإنتخابات الرئاسية ومجرياتها ونتائجها ، ومع ساعات الصباح الأولى وجدتنى ــ قبل أن أرسلها لموقع الوفد ــ أقرر أن أغيرها وأكتب من جديد ، فمستجدات الأحداث تحول دون الكتابة عن تجربة جيدة فى الحياة السياسية العربية .

وأود أن أشير فى البداية إلى أن الشعب المصرى قبل بنتيجة إستفتاء مارس ، بغض النظر عن الدعاية الدينية وطريق الجنة والنار ، وقبلنا الرغبة الجمعية ، وجاءت الإنتخابات البرلمانية ليظهر الشعب المصرى تحضره مرة أخرى ، وعلى الرغم من التجاوزات الدعائية ، إلا أن الشعب رضخ لإرادة الصندوق ، وكان لسان حالنا يقول إن التيار الدينى كان الأكثر تنظيماً وإستطاع تعبئة الناس ، حتى ولو إختلفنا مع أساليب الحشد والتعبئة ، إلا أننا جميعاً تقبلنا النتائج ، وها هما مجلسى الشعب و الشورى يسيطر عليهما تيار دينى لايمثل فى المجتمع أغلبية تتناسب مع أغلبيته البرلمانية ، وتقبل الشعب .
ومر الزمن ووصلنا للمحطة الأخيرة لقطار المرحلة الإنتقالية ، الإنتخابات الرئاسية ، وعشنا جميعاً فترة الدعاية متابعين لما يدور من تنافس بين المترشحين ، ومر يوما الإنتخابات على خير ، فلم نشهد أحداثاً جسام ، ولم تقع مخالفات جسيمة ، وتابعنا الفضائيات التى سخرت كل إمكانياتها لمتابعة الفرز والنتائج الأولية وتحليلها من كل الجوانب ومع كافة الإحتمالات ، وجاء أمس لتعلن اللجنة العليا لإنتخابات الرئاسة النتيجة النهائية ، والتى لم تختلف إطلاقاً عما تناقشه وتحلله وسائل الإعلام على مدى ثلاثة أيام ، أعنى أنها لم تحمل أية مفاجآت .
ولم تمضِ سويعات حتى إشتعل الموقف رفضاً للنتيجة !
أى نتيجة ، أليست تلك النتيجة التى نتداولها جميعاً منذ السبت الماضى ،  فماذا حدث إذن ؟
أعرف تماماً أن الأثنين اللذين أتت بهما النتيجة قد لايروقا للبعض ، ولكنهما هما من أتى بهما الصندوق الإنتخابى ، لقد تحصلا على مايقارب نصف أصوات الناخبين ، وهل راقت للجميع  نتائج الإنتخابات البرلمانية ؟ ، ومن قبلها هل راقت لهم نتيجة الإستفتاء ؟
ماساءنى قبل تطور الأحداث بهذا الشكل الدراماتيكى ، تصريحات بعض المرشحين الذين لم يحالفهم الحظ ، أوبمعنى أدق الذين لم ينجحوا فى الحصول نسبة تسمح لهم بالوصول إلى مرحلة الإعادة ، فالبعض شكك فى الإنتخابات ( بعدما تأكد  خروجه من السباق ) وهذا كافٍ لإثارة الأنصار ، والبعض إعتمد إسلوب التهييج لإظهار نفسه فى صورة المجنى عليه ، والبعض أعلن الرفض المسبق للنتيجة ،والتهديد والوعيد فى حال فوز الآخر ، وهو ما أجج مشاعرالبعض  ليحدث ما حدث .

إن قبول نتيجة معينة ورفض أخرى أمرٌ غير ديمقراطى ، إن قبول فوزنا ورفض فوز غيرنا أمرٌ غير ديمقراطى ، أن أجد شخصاً كان أمس مرشحاً للرئاسة وأجده اليوم متظاهراً ثم معتصماً رداً على النتيجة (وهو لم يحقق نتيجة تعبر عن شعبية على الإطلاق) أمرٌ غير ديمقراطى ، أن يقوم أنصار

مرشح ــ أو أكثر ــ بإقتحام وإحراق مقار إنتخابية لمرشح آخر أمرٌ غير ديمقراطى ، أن يخرج علينا مرشح ليعلن أنه "سيدوس بالأقدام " على من صوتوا لمنافسه أمرٌ غير ديمقراطى ، أن يحاول البعض خلق فتنة طائفية بالمجتمع لأن ــ حسب زعمه ــ فئة صوتت لمرشح معين فرفعت من رصيده أمرٌ غير ديمقراطى ، أن يخرج الخاسرون فى الإنتخابات إلى الشارع ليمنعوا إتمام العملية الإنتخابية أمرٌغير ديمقراطى .
لقد عشنا زمناً طويلاً نحلم بالديمقراطية ، ولما حدث التحول وجدناه فى طريق آخر ، البعض يقول ديكتاتورية الأقلية ، والبعض يقول  هى الحالة الثورية ، والبعض يراها شرعية الشارع ، إلا أنها فى الأخير هى تحول غير ديمقراطى ، وليتنا نتداركه قبل أن يجعل الكثيرين يكفرون بكثير مما حدث ، وهنا ستكون الأزمه بحق ، لأن وقتها ستكون الفتنة التى يمكن أن تجر البلاد ــ ماعاذ الله ــ إلى حرب أهلية .
على العقلاء أن يتحركوا ، وعلى من كانوا إلى الأمس مرشحين للرئاسة  أن يكونوا على قدر المسئولية وأن يتصرفوا على قدر أهمية اللحظة ، وأن يثبتوا أنهم ترشحوا من أجل صالح هذا الوطن وشعبه وأنهم حتى بعد خروجهم من السباق لايهمهم سوى مصلحة الوطن ومصالح الشعب .
إنقذوا البلد قبل أن يفلت الزمام ، إحموا وطنكم بدلاً من أن تجدوا أمره فى يد غيركم ، إقبلوا بلعبة الديمقراطية وقواعدها وإستعدوا من الآن للشوط القادم فى اللعبة ، فليأتِ من يأتى على كرسى الرئاسة ــ وفقا للصندوق ــ وليتجمع الآخرون فى مقاعد المعارضة ، يحاسبوه ويقوموه ، وليأت غيره بعد أربع سنوات ، وهكذا تدور عجلة الديمقراطية ، فى إطار التحول الديمقراطى .
إنكم تتنافسون على رئاسة مصر ، وليتكم جميعاً تكونوا على قدر ذلك الحدث ، سواء وأنتم فى دائرة التنافس أو حتى بعد خروجكم من حلبة المنافسة .
لمن لايعى .. إنها مصر .