رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إضراب البرلمان

أعلن رئيس مجلس الشعب عن دخول المجلس فى إضراب عن العمل لمدة أسبوع ، هذا هو حقيقة ما أعلنه الدكتور سعد الكتاتنى رئيس مجلس الشعب بعد موافقة الأكثرية من تعليق إنعقاد الجلسات لمدة أسبوع ، وهكذا لم يبتعد المجلس عن سلوك عامة الشعب كثيراً

، إذ سلك المجلس نفس مسالك فئات شعبية كثيرة عند رفض مطالبها ، فهى تلجأ للإعتصام والإضراب عن العمل ، بإختصار تلجأ لأسلوب" لى الذراع " .

 إن إستعداء البرلمان للحكومة بهذا الشكل لامبرر منطقى له ، خاصة فى تلك الفترة الحرجة ، وإن الإصرار على تغيير الحكومة أوــ على الأقل ــ تعديلها ، لايعنى شيئاً بالنسبة للشعب ولايمثل مطلباً له ، ولكن يبدو أنه يمثل شيئاً هاماً لمجلس الشعب ، وهكذا تبدو الفجوة واضحة بين الشعب ومجلسه ، وبين إرادة كل منهما ، ومن ثم فإن المجلس الذى يباهى بانه جاء بإرادة شعبية ، أصبحت إرادته تختلف عن إرادة شعبه .

إن ما يتبقى من عمر هذه الحكومة أصبح معدوداً بالأيام ، كما أن المرحلة التى تمر بها البلاد حرجة جداً لاتقبل المراوغات السياسية ، وكذلك فالمواعيد السياسية المقررة خلال الفترة القادمة لاتسمح بتلك الصدامات ولا تحتمل هذه الأزمات ، لذا فقد كان من الأولى الإبتعاد عن تلك المواجهة ، والسمو على دوافع العناد ، وتجنب محاولات فرض السيطرة ، والبعد عن الملاسنات الدائرة ، والتصرف دائما إنطلاقاً من كونكم نخبة يتابعها عموم الشعب بل وقد يحتذى بها .

ولايمكن أن نفصل بين قرار تعليق الجلسات وتشكيل اللجنة التأسيسية للدستور ، فلم يلبِ رئيسا مجلسى الشعب والشورى دعوة المجلس العسكرى لمشاركة القوى السياسية فى الإتفاق على معايير تشكيل تلك اللجنة ، وعلى الرغم من حضور ممثل لحزب الحرية والعدالة ( صاحب الأكثرية بالبرلمان ) فى هذا الإجتماع ، ومن المفترض موافقته على ماتم التوصل إليه فى الإجتماع ، إلا أن مجلس الشعب أعلن عن رفضه لما تم التوصل إليه بين المجلس العسكرى والقوى السياسية ، لنعود إلى المربع رقم ( 1 ) فى تلك المسألة الحيوية ، ومن هنا يرى البعض أن تعليق جلسات مجلس الشعب بحجة عدم إقالة الحكومة  هو ذريعة لتعطيل عمل لجنة الدستور ومن ثم عدم وضع دستور قبل إنتخابات الرئاسة ، وهكذا يتم تفعيل الطريق إلى الجنة ــ كما كانوا يروجون وقت إستفتاء مارس ــ بالإنتخابات أولاً ، كما أن هذا الإتفاق والإختلاف البيّن داخل حزب الحرية والعدالة يجعلنا نفكر فى مدى حرية الإختلاف التى يكفلها الحزب ــ وفق عقيدته ــ بين أعضائه فى الأمور الهامة

، وهو مالا يتوافق مع مبدأ الإلتزام الحزبى ، كما يدفعنا إلى النظر للأمر وفقا لنظرية تقسيم الأدوار ، وهى ما تسمح للحزب ــ ومن خلفه الجماعة ــ الإمساك بالعصا من طرفيها وليس من وسطها فقط .

 

إن قرار تعليق جلسات مجلس الشعب لا يعبر عن حق دستورى أو تفعيل مادة لائحية لسيد قراره ، بقدر ما يعبر عن عناد برلمانى تجاه الحكومة ، كما يكرس هذا القرار المبدأ المجتمعى ــ الذى يسود مصر منذ فترة ــ وهو مبدأ " لى الذراع " ، هذا المبدأ الذى إعتمدته فئات عديدة من عامة الشعب ، وهاهو يتم إعتماده اليوم من قبل النخبة السياسية ، التى يُفترض إختلاف ممارستها عن سلوكيات العامة .

إن أزمة البرلمان / الحكومة ستنعكس مؤكداً على تأسيسية الدستور ، بل قد تؤثر على إنتخابات الرئاسة التى لايفصلنا عنها سوى ثلاثة أسابيع ، بل قد نصل إلى رئيس جمهورية دون الوصول إلى دستور ، وهو أمر يخالف خارطة الطريق المتفق عليها بين جميع الأطراف وهو ما قد يدفع نحو عدم الإستقرار .

وأخيراً .. أيتها القوى السياسية ــ أكثرية وأقلية / دينية وليبرالية / برلمانية وشعبية ــ أعيدوا ترتيب أولوياتكم للتوافق و أولويات الوطن ، وعبروا عن حسن نواياكم تجاه هذا الشعب ، دعوا جوانب الإختلاف وإجتمعوا حول هوامش الإتفاق ، إحرصوا على تنفيذ الخطوات المتبقية للوصول إلى وضع الدستور وإنتخاب رئيس الجمهورية ، لنبدأ مرحلة جديدة من عمر هذا الوطن ، وإعلموا أن التاريخ لايتوقف عن كتابة شهادته ، فإجعلوا صفحاتكم بيضاء تحمل طيب ذكراكم ، يثنى عليكم من يقرأها فى المستقبل من الأجيال القادمة ، ولاتجعلوها سوداء يندى من ذكرها جبين أبنائكم وأحفادكم .