القيادة العبقرية .. ( 2 )
تساءلنا الأسبوع الماضى عن تلك القدرة العبقرية لقيادة الهيئة العامة للإستعلامات ، والتى تمتعت بعلاقات "وطيدة " مع أركان النظام السابق أدت إلى إعتلائها كرسي رئاسة الهيئة ، ثم تمتعت بعلاقات " تبدو وطيدة " مع النظام الحالى بما أبقى عليها فى نفس الكرسي ، لتكون تلك الشخصية هى القيادة الإعلامية الوحيدة التى لم تتغير بعد الثورة .
وقد وصلنا إلى التساؤل عن الخدمة الجليلة التى قدمتها تلك القيادة الإعلامية للنظام الحالى حتى يتم الإبقاء عليها ولاتغادر موقعها كبقية القيادات الإعلامية كافةً ، فحتى رئيس أحد القطاعات بإتحاد الإذاعة والتلفزيون وبعد الكشف عما أداه من دور إيجابى تجاه الثورة إبان الأحداث ، فلم يستطع النظام الحالى الإبقاء عليه سوى لفترة وجيزة بعد الثورة ثم غادر موقعه ليلحق بمن سبقوه من قيادات الإعلام فى النظام السابق .
وبالطبع لم نجد رداً على تساؤلاتنا ، لذا نتوجه اليوم بالسؤال إلى رئيس الهيئة نفسه ، لنستوضح منه بعض الأمور التى تخص الهيئة فى عهده ، لعله يجيبنا بحكم منصبه ومسئوليته عن هذا الكيان الإعلامى ، وأسئلتنا تهدف لإستيضاح بعض الأمور التى يكتنفها شيئاً من الغموض ، و فى محاولة لإقرار الشفافية التى يجب أن تتسم بها المرحلة .
وتساؤلاتنا اليوم تدور حول " مركز القاهرة للإعلام الدولى " ، وهو المركز الذى أقامته الهيئة العامة للإستعلامات ليكون مركزاً إعلامياً للإنتخابات البرلمانية " 2010 " ، والتى حقق فيها الحزب الوطنى نتائج أدت إلى سرعة تداعى النظام بأكمله، وكان هذا المركز هو الذى يتابع إعلاميا كل ما يتعلق بتلك الإنتخابات ، وكذلك كان المسئول عن تقديم المكون الإعلامى حول هذه الإنتخابات وتقديم وجهة نظر النظام (الحزب الوطنى) لوسائل الإعلام الدولية والقومية ، وكان هذا كله يتم تحت الإشراف المباشر لرئيس الهيئة (السابق/الحالى) ووفقا لتعليمات وزيره آنذاك (وزير الإعلام الأسبق) .
ومن غرائب الزمن أن يكون هذا المركز هو أيضا المركز الإعلامى للإنتخابات البرلمانية " 2011 " ، نفس المكان ونفس الأشخاص (بخلاف الذين غادروا المركز بعد الثورة لأسباب لانعلمها ، وسنعود لهذه النقطة بعد قليل ) ، وبالطبع تحت إشراف نفس رئيس الهيئة (السابق/ الحالى) أيضاً ، فكيف يتسنى لنا إستيعاب ذلك ؟! و حول هذا المركز نتساءل :
ما هو مصدر تمويل هذا المركز ، مرتبات / مكافآت / معدات وتجهيزات / مطبوعات /....؟
ما هو الفارق المعنوى بين طبيعة عمل هذا المركز، والمركز الصحفى التابع للهيئة صاحب الخبرة الكبيرة فى التعامل مع المراسلين الأجانب ووسائل الإعلام الدولية ؟
ماهى القيمة المضافة التى حققها هذا المركز للهيئة متميزاً عن بقية إدارات وقطاعات الهيئة ؟
ونعود الآن للذين غادروا المركز وعلى رأسهم السيد " م . ف " ، ذلك الشاب الذى كان يعمل بمكتب رئيس الهيئه بنظام العقد ( هكذا يُشاع ) ، ثم غادر هذا العمل ( كيف يكون بعقد ـ منقطع وليس دائم ـ ويحصل على أجازة طويلة ) إلى واشنطن ، ليتم التعاقد معه للعمل (كعمالة محلية) بالمكتب الإعلامى هناك ، وهو مالايجوز إلا مع المقيمين إقامة دائمة بدولة المقر ، ولم تدم تلك التجربة طويلاً فعاد إلى أدراجه سالماً ، وبعد فترة أخرى من العمل بمكتب رئيس الهيئة ، إذا بنا نجده " مديراً عاماً لمركز القاهرة للإعلام الدولى " ، ليمارس عمله بصلاحيات المدير العام وهو بعقد ، و فى هذا الصدد يجب أن نعرف : ما هو المؤهل العلمى الحاصل عليه السيد المذكور ؟ وهل هو مؤهل معادل للدرجة الجامعية المصرية ، أم أنه لايعادلها ومن ثم لايجوز له العمل كإعلامى أصلاً ؟ ثم .. ما هو مصدر مرتبه ومكافآته ، من ميزانية الهيئة أم من ميزانية وزارة الإعلام ؟ وكم هى المبالغ
وبعد .. إذا كانت أمور هذا المدير العام منضبطة قانونياً وإدارياً ، ولاغبار حوله ، وكانت إجابات الأسئلة السابقة لاتحمل أى مخالفات إدارية أو قانونية ، فما الذى دفعه إلى مغادرة عمله بالمركز وبالهيئة كلها بعد فترة وجيزة بعد الثورة ، ومع أول وقفة إحتجاجية لموظفى الهيئة ضد رئيسها ، وهل هو الذى طلب إلغاء تعاقده ، أم ان رئاسة الهيئة هى التى ألغت التعاقد ، وما هى الأسباب فى الحالتين ؟
إن توضيح تلك الأمور من جانب رئاسة الهيئة يسهم بشكل كبير فى إستجلاء الحقائق وكشف الغموض .
وبمناسبة الحديث عن مركز القاهرة للإعلام الدولى ، فهل لنا أن نستكمل تساؤلاتنا حول العاملين السابقين به ، فنسأل عن السيدة (ن) ، والسيد (الأجنبى) ، وهما من كانا متواجدين بشكل دائم بالمركز وكانا لهما عمل مباشر مع المدير العام المشار إليه سابقا ، فلا أحد يعلم من هما ، وما هى طبيعة عملهما بالمركز ، وماهى المبالغ التى تحصلا عليها نتيجة عملهما بالمركز ، وماذا يعنى وجود شخص أجنبى بمركز مسئول إعلامياً عن الإنتخابات البرلمانية المصرية ، وهل هذا مقبول امنياً ، وهل مقبول إدارياً وقانونياً ؟ ومن هى تلك السيدة ، وما طبيعة عملها بالمركز ؟
ونصل لنفس النقطة الهامة وهى لماذا غادرا المركز بعد الثورة عندما غادر المدير العام وفى نفس التوقيت ، وهل الهيئة هى التى أنهت تعاملها معهما ولماذا ، أم انهما اللذان قررا إنهاء عملهما بالمركز بعد سقوط النظام السابق ، وهل يعنى هذا إرتباطهما أساساً بهذا النظام ؟
كل تلك التساؤلات لايعلم إجاباتها سوى رئيس الهيئة (السابق/الحالى) ، فهل له أن يحل لنا هذه الطلاسم التى لانجد لها مبرراً منطقياً ، مثلها فى ذلك مثل أشياء عديدة فى الإعلام المصرى لاتتفق والمنطق العام للعقل البشرى ، بل تحتاج إلى عبقرية لاتتوافر إلا لشخصيات معينة .
إن مركز القاهرة للإعلام الدولى يمثل حقيقة نموذجاً " لعبقرية المكان " ، وذلك ليس بفضل المكان ذاته بقدر ما هو بفضل " عبقرية مديرى المكان مع إختلاف الزمان " ....