رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

القيادة العبقرية

عندما ننظر للمشهد الإعلامى ــ بعد مرور ما يزيد عن العام على ثورة يناير ــ  نجد أن كل القيادات الإعلامية التى كانت تتولى المسئولية قبل الثورة قد تم تغييرها ، بدءً من منصب وزير الإعلام إلى قيادات إتحاد الإذاعة والتلفزيون وصولاً إلى رؤساء تحرير مؤسسات الصحف القومية ، كل هؤلاء تغيروا إلا قيادة واحدة ــ يبدو أنها تمتلك من مقومات العبقرية ما لايسمح بالإستغناء عنها ــ إنها رئاسة الهيئة العامة للإستعلامات .

والسؤال الذى نطرحه منذ شهور هو : لماذا لم يتم تغيير رئاسة الهيئة ضمن قيادات الإعلام التى تم تغييرها ؟ هل لأن رئاسة الهيئة لا صلة لها بالنظام السابق لا على المستوى المهنى ولا على المستوى الإنسانى ؟!
للإجابة على هذا التساؤل نحتاج لطرح بعض الأسئلة وهى :
ــ من الذى إختار "رئيس الهيئة الحالى " ليكون رئيساً للمكتب الإعلامى بنيويورك عام 2005 ؟ وعلى أى أساس تم إختياره هو دون غيره من كفاءات وزارة الخارجية ؟
ــ من الذى إختاره من بين كل الإعلاميين المصريين ليكون رئيساً لهيئة الإستعلامات ؟
ــ ما الذى قدمه خلال رئاسته للهيئة ــ قبل الثورة ــ للإعلام المصرى ؟
التساؤل الأهم : من الذى قرر الإبقاء عليه رئيساً للهيئة بعد الثورة ؟ ولماذا تم الإبقاء عليه ؟ وما هى القدرات الفائقة التى جعلتهم لايستطيعون الإستغناء عنه ؟!
طرحنا التساؤلات ونحاول الإجابة فى محاولتنا للفهم ..
إن صاحب الحق فى إختيار رؤساء المكاتب الإعلامية الخارجية ــ وخاصة من غير العاملين بالهيئة ــ هو وزير الإعلام ، ومن ثم فإن " أنس الفقى " وزير الإعلام الأسبق كان هو صاحب القرار ، ونضيف أن هذه الفترة قد شهدت هجمة من شباب وزارة الخارجية على رئاسة مكاتب الإعلام الخارجى ، وهذا معناه أن الأمر لم يكن قرار وزير الإعلام وحده بقدر ما هو توجه نظام ، والتوجه لشباب الخارجية كان مرده رؤية أمانة السياسات  لمتطلبات تلك المرحلة والثقة فى هذا الشباب لتحقيق الأهداف المخططة  .
إن إختيار رئيس هيئة الإستعلامات هو من صلاحيات وزير الإعلام ، وذلك بترشيحه عدداً من القيادات لتولى هذه المسئولية ، وأيا ما كان الترشيح يُقدَم لرئاسة الوزراء فقط ، أم لرئاسة الجمهورية ، أم كانت أمانة السياسات لها رأى فى هذا الأمر ، ومن ثم فإن الوزير الأسبق " أنس الفقى " هو الذى زكّى إختيار رئيس الهيئة الحالى لدى القيادات الأعلى وأصحاب القرار .
أما عن فترة رئاسته للهيئة قبل الثورة ، فقد نجح هو وغيره فى تحويل الهيئة عن مسارها الوطنى إلى مسار دعم النظام وأفكاره المستحدثة من توريث وإقصاء للآخر وغيرها من الأفكار ، بل ونجحوا فى تسخير إمكانات الهيئة لخدمة الحزب الوطنى وخاصة خلال مؤتمراته السنوية ، بل كانت هناك إصدارات يومية تخص أمين لجنة السياسات وكل ما يُنشر عنه فى الإعلام المصرى والعربى والأجنبى ، هذا فضلا عن جهد الهيئة فى مشروع القراءة للجميع الذى راعته حرم الرئيس المخلوع ، وكان من يشارك فى هذا   المشروع هو من ينال الرضا من أهم عناصر النظام آنذاك ، وكان كل هذا كفيلاً بالإبقاء عليه فى رئاسة الهيئة لحين تحديد مكان مناسب له فى الخارج كما حدث مع سلفيه .
ونشير هنا إلى واقعة قد تضيف أبعاداً أخرى للحديث ، وهى الحركة الدبلوماسية التى قدمها وزير الخارجية الأسبق " أحمد أبو الغيط " لرئيس الجمهورية المخلوع فى عز أحداث الثورة ( الخامس أو السادس من فبراير 2011 ) ، تلك الحركة الدبلوماسية التى أطلق عليها الأستاذ "وائل قنديل " فى جريدة الشروق ( حركة نصف الليل ) ، كما كتب منتقدا لها  الأستاذ " اسامه هيكل " وكان وقتها رئيساً لتحرير جريدة الوفد ، تلك الحركة كانت محاولة لتسكين الحبايب فى أماكن جيدة قبل أن تنقلب

الدنيا عليهم ، وفى هذه الحركة تم نقل السفيرالمصرى الموجود ببرلين ، وإلحاق رئيس الهيئة سفيراً لمصر ببرلين ، وعندما تم تغيير الحكومة بعد إسقاط النظام ، تم إدخال بعض التعديلات على هذه الحركة ، حيث تم الإبقاء على السفير المصرى ببرلين كما هو ، وتم ترشيح رئيس الهيئة لدولة أخرى لم تنل رضاه فقدم إعتذاره عنها ، إلى أن صدرت الحركة الدبلوماسية الأخيرة ، متضمنة رئيس الهيئة كسفير لمصر لدى دولة الفاتيكان .
ماقصدته من الإشارة لحركة " نصف الليل " هو التأكيد على قرب رئيس الهيئة من أركان النظام السابق ، من وزير إعلام ،  لوزير خارجية ، لأمانة سياسات ، لأمانة المرأة ومجلسها ومشروعاتها .
إذا كان هذا هو التاريخ الذى لايقبل إنكاراً ، فكيف يتم الإبقاء عليه بعد الثورة ؟!
إن بعض قيادات الإعلام فى النظام السابق يمكثون الآن خلف الأسوار ، والبعض الآخر " الأوفر حظا " تركوا مناصبهم وابتعدوا عن المشهد ، وفى النهاية لم يتبقَ من قيادات الإعلام المصرى فى العهد السابق أحد فى مكانه سوى " رئيس الهيئة العامة للإستعلامات " !!!
وهو ما يدفعنا لسؤال أولِى الأمر ، والذين إرتأوا الإبقاء عليه فى مكانه ، رغم كل ما رصدناه فى السطور السابقة ، وهو معلن للجميع ، ولاندرى إن كان هناك مالانعلمه ، نسألهم : لماذا أبقيتم عليه ؟ وأصررتم على الإبقاء عليه ؟ لماذا هو وحده دون غيره من إعلاميىي مصر جميعاً ؟ ماهى الخدمه الجليلة الذى قدمها فاستحق تلك المكافأة الفريدة التى لم ينلها غيره فى الإعلام المصرى ؟
لقد تم الإبقاء عليه فى منصبه ، وتم تكليفه بالتعامل مع وسائل الإعلام المصرية وغير المصرية فيما يخص الإنتخابات البرلمانية ومن بعدها الرئاسية ، فى حين أن هناك جدلاً كبيراً قد أُثير إبان الثورة حول تعامل النظام مع المراسلين الأجانب ، ولم يتضح بعد حقيقة هذا الجدل فلم ينتفى ولم يُعلن التحقيق فيه  .
إن هذه الشخصية تمتلك مقومات لايراها أحد سوى من إختاروه من النظام السابق و من أبقوا عليه فى العهد الحالى ، مقومات خوّلت له الإحتفاظ بعلاقات وطيدة مع النظام السابق بكافة أركانه وكان الحرص على مكافأته إلى آخر اللحظات فى عمر هذا النظام كما رأينا فى الحركة الدبلوماسية  "فبراير 2011 "، وفى نفس ذات الوقت يستطيع تمتين علاقاته بنظام ما بعد الثورة ، وكأنه واحد من الثوار ، ومن الذين عانوا  من النظام السابق ، ونعود لنتساءل مرة أخرى ما سر تلك العبقرية ؟!