رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الفضائية المصرية . .

إن الفضائيات الرسمية للدول هى صورة وصوت كل دولة للعالم الخارجى ، تعبر عنها وتتبنى وجهة نظرها وتكون أداةً هامة من أدواتها فى تحقيق أهدافها .
والأهداف الإستراتيجية لفضائية الدولة لابد أن تتسق وسياسة الدولة ، والتخطيط البرامجى لها لابد أن يترجم تلك الأهداف بالشكل الإعلامى المناسب .

تُعد الفضائية المصرية من الفضائيات كبيرة الإسم و صاحبة التاريخ ، فهى شاشة نابعة من الإعلام المصرى صاحب الرصيد الكبير فى المنطقة العربية ، إلا أن منحنى نجاحها يتراوح بين الصعود أحياناً والتراجع فى أحيانٍ أخرى ، وقد يعود ذلك إلى إختلاف قدرات رؤسائها ، ورؤية القيادة الإعلامية المصرية  فى الفترات المختلفة .
إن بداية نجاح وتميز أى فضائية  ( مازلت أتحدث عن الفضائيات الرسمية وليست الخاصة ولا المتخصصة ) يبدأ بإنتاج برامجى خاص بها ولا تكون نافذة لإعادة برامج القنوات الأرضية ، وكذلك لابد من إنتقاء العاملين بها من مذيعين ومعدين ومخرجين بمعايير تتناسب مع إستراتيجية القناة ، مع الحرص الدائم على أهمية التدريب المستمر والتثقيف المتواصل من أجل الإلمام بتطور الأوضاع فى المنطقة بشكل عام ، ومتابعة سياسة الدولة بشكل خاص ، إضافةً إلى مواكبة مستجدات الإعلام وتكنولوجيا الإتصال .
ومن الهام جداً تحديد الجمهور المستهدف للقناة ــ على تنوعه ــ بشكل علمى ، وتقسيم هذا الجمهور وفقاً لمحددات ديموجرافية وجغرافية وغيرها ، حتى يتسنى مخاطبة ذلك الجمهور بإختلاف فئاته بشكل فعال ومؤثر .
إن مصر صاحبة تجربة ناجحة فى ماضٍ قريب وهى إذاعة صوت العرب ، والدور الذى لعبته أثناء ثورات التحرر العربى فى منتصف القرن الماضى ، فقد كانت  إذاعة صوت العرب من أهم أدوات السياسة المصرية فى تلك المرحلة الهامة من تاريخ الأمة العربية ، وقد أدت دورها بنجاح فى هذه المرحلة ، وكانت آذان الشعوب العربية تتوجه نحو موجة صوت العرب ، وكانت العقول  والقلوب العربية تتعلق بأثير صوت العرب .
لقد شهدت وسائل الإتصال تطوراً كبيراً كماً وكيفاً ، وتعددت من إذاعة وتلفزيون وفضائيات وإعلام إلكترونى ، وزاد عليها كذلك وسائل التواصل الإجتماعى ، وهو ما يستلزم تطوير الوسائل القديمة أو مايُطلق عليه وسائل الإتصال التقليدية ( إذاعة وتلفزيون وصحافة مطبوعة ) ، تطويرها فكراً وتنفيذاً ، تطويرها شكلاً ومضموناً ، حتى تستطيع البقاء وتقوى على المنافسة ، فالوسائل الجديدة ليس بالضرورة أن تقضى على الوسائل القديمة ، ولكن الوسيلة التى لن تتطور هى التى ستندثر .


ومع هذا التعدد والتنوع إشتدت المنافسة ، ومع حدوث متغيرات إقليمية علت النبرة الذاتية فى العالم العربى ، ومع ضيق النظرة الأقليمية للمُخطِط الإعلامى المصرى فى فترة من الفترات ، فقدت الفضائية المصرية بعضاً من تميزها وتفردها ، وقل تأثيرها فى المحيط العربى ، وهو ما يدعونا إلى العمل على تعويضها ما فقدته فى أزمنة فائتة ، لتلحق بركب المنافسة .
ومازال المُنتَج الإعلامى المصرى يلقى قبولاً عربياً حين يكون جيداً ، لذا يجب أن لا نغفل الجمهور العربى فى برامج الفضائية المصرية ، فهذا الجمهور يجب أن يجد نفسه على شاشة الفضائية المصرية عبر التواصل معه من خلال تقديم ما يهمه وما يستهويه ، ما يريده وما يحتاجه ،ما يخصه فى بلده وما يتابعه فى بقية الوطن العربى ،

هذا فضلاً عن جمهور المصريين بالخارج بأجيالهم المختلفة ، والذين يمثلون الجمهور المستهدف الأول لهذه القناة ، وأصحاب الحق الأول فى هذه الشاشة ، لذا فهناك حاجة شديدة لدراسة ذلك الجمهور ، وتحديد إحتياجاته ورغباته من هذه الخدمه الإعلامية الوطنية  ، والعمل على جعلها أداة ربط المواطن المصرى فى الخارج بوطنه الأم ( بالفعل يوجد برنامج يحقق هذا المعنى بالفضائية المصرية ) ، ولكنه قد يكون نتاج فكر شخص أو مجموعة عمل ، ولكننا نحتاج إلى أن يكون هذا فكراً عاماً يُترجَم بمجموعة برامج ، وخاصة فى تلك المرحلة الهامة من تاريخ مصر ، والتى تحتاج مصر فيها إلى كل أبنائها فى الداخل والخارج ، تحتاج أراءهم ومقترحاتهم ، تحتاج مساهمتهم ومشاركتهم فى كل خطوة تخطوها نحو المستقبل . 
وكذلك فالمرحلة الهامة  التى يمر بها العالم العربى تجعلنا فى حاجة إلى صوت وصورة عربية موضوعية ، تُجّمع ولا تُفّرق ، تُعظّم جوانب الإتفاق وتبتعد عن هوامش الإختلاف ولو إتسعت ، تتسع للجميع دون إقصاء ، تُغلّب المصلحة العامة للأمة على المصالح القطرية الضيقة ، تكون صوتاً للعقل والحكمة لا بوقاً لشعارات ومهاترات ، تكون صوتاً للضمير الوطنى لا صوتاً لقوى خارجية لاتبتغى لنا سوى الفرقة والتشتت ، تكون أداة وحدة لا بذور فرقة ، تكون لبنة بناء عالم عربى لامعول هدم للتجمع العربى ، تكون شاشة نلتف حولها ولا نختلف عليها ، تكون قبلة إعلامية عربية .
ومَن أَوْلى من الفضائية المصرية بتلك المهمة السامية ، ومن غيرها قادر على تحقيق هذا الحلم العربى  ، ومن دونها أجدر بتحمل تلك المسئولية الوطنية ، إنها فضائية مصر بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ .
وما يجلعنى آملاً فى تحقيق ذلك هو وجود قيادة واعية صاحبة خبرة متراكمة و فكر متجدد ورؤية متميزة مثل "عصام الأمير" على رأس قطاع التلفزيون الذى تتبعه الفضائية المصرية ، فهو قادر ــ بمعاونة زملائه من العاملين بهذه القناة ــ على الإرتقاء بها إلى صدارة المشهد الإعلامى العربى ، لتحتل المكانة التى تستحقها ونرجوها لها ، والعمل على تفعيلها كأداة للقوة الناعمة للسياسة المصرية والعربية .