ليلة القبض علي معالي الوزير
الوزير الفاسد سم في جسد الوطن يعيق التنمية والإصلاح ويمنع الحقوق ويعقد الصفقات ويسرق الأموال والأراضي، ويزور الملفات ويغير الحقائق بطرق ملتوية في سلسلة غاية في التعقيد والتشابك بالتعاون مع شخصيات وجهات مختلفة بداية من موظفي الوزارة حتي مديري الشركات والهيئات ورجال الأعمال الذين سهلوا السرقة والفساد فعندما يتحكم أفراد معدودة في وطن بأكمله فهي بداية الانهيار والدمار وذلك يتم إما بعلم رئيس الدولة أو بخداعه أو بتوريطه فيكون الوزير مفروضاً علي الرئيس حفاظاً علي مصالح مشتركة بينهما وبهذا يجمع الوزير الفاسد بين الفشل والفساد الإداري بسبب عدم قدرته علي حل مشكلات المواطنين وتحسين الأوضاع في وزارته وبين الفساد الأخلاقي بالسرقة والنهب.
لقد سقط سلطان الفاسدين وسقطت أقنعة المنتفعين الذي بنوا قصورهم ومناصبهم من لقمة عيش في فم المواطن البسيط ومن شربة ماء نظيفة في جوف المصريين. وغالباً لا تتم محاكمة أو إقالة الوزراء والمسئولين الفاسدين في الدول ذات الحكم الديكتاتوري الذي يقمع الحريات إلا بقيام ثورة أو بكارثة تثير الرأي العام تنتج الكثر من الخسائر لذلك فإن ليلة القبض علي وزير في مصر هي ليلة مختلفة وحالة نادرة بكل المقاييس مختلفة علي الشعب لأنه يحلم فيها أن ترد المظالم، ويتحسن المستوي المعيشي بشكل عام وأيضاً مختلفة علي الجهات التنفيذية من الرقابة الإدارية إلي النيابة العامة فمن كنت تأخذ منهم الأوامر بالأمس وتظلم وتلفق لتطيعهم يقفون الآن أمامك في قفص الاتهام مكبلي الأيدي بلا إرادة فهي ليلة طال انتظارها سنوات ليلة مليئة بدموع المواطنين من المياة الملوثة وغلاء الأسعار وانتشار الأمراض ومليئة بأحلام نحو مستقبل أفضل ليلة يصبح فيها قمر الحرية والعدالة بدراً ساطعاً. فقد سقط المغربي الذي سرق أراضي الدولة وأسكن المواطنين في بيوت من الصفيح وحبيب العادلي الذي تفرغ لجمع الأموال وتعذيب المواطنين والسماح لرجال الشرطة باستغلال مناصبهم فقد انتشرت الجرائم والصفقات المشبوهة فالدخلية في عهد العادلي لا أمناً حققت ولا بالعدل حكمت ووزير الصحة الذي أهدر المال العام في قرارات مزورة للعلاج علي نفقة الدولة لبعض أعضاء مجلس الشعب والاستيلاء علي أراضي وتسهيلات للقيام بمشروعات طبية خاصة به والملفت للنظر أنه عند محاكمة الوزير العادلي وجرانة والمغربي وأحمد عز خرجت نفس التهم والتقارير والمستندات التي وجهت لهم من قبل منذ سنوات والذي قدمها محامون وأعضاء بمجلس الشعب ويدل ذلك علي أن الدولة والشعب يعرفان جيداً فساد هؤلاء بالأدلة والمستندات، فلماذا كان الإصرار إذاً علي توليهم سنوات عديدة ولماذا التستر علي هذه التقارير والمستندات؟ فرئيس الدولة المتستر علي جرائم الوزراء والمديرين هو أول المتضررين منهم حيث يدل ذلك علي أنه لايمتلك القدرة علي اختيار رجاله من الكفاءات مما يتسبب في تأخر الدولة في كل المجالات فيحكم علي عصره بالفشل والتأخر وربما يتهم بالاشتراك معهم وأيضاً لأنهم أول المنقلبون عليه عندما يسقط أو يتغير النظام. وهذه رسالة لكل رئيس قادم أن أول شرارة في انهيار حكم وتاريخ رئيس دولة هم الوزراء الفاسدون وحال فساد الوزراء وتمسكهم بالسلطة يذكرني بأحداث فيلم "معالي الوزير" للراحل أحمد زكي الذي قام فيه بدور وزير يدعي »رأفت رستم« وهو وزير كثير الفساد والصفقات المشبوهة عين بالوزارة بالخطأ لتشابه اسمه مع مسئول صاحب كفاءة في الدولة ولضيق الوقت تم تعيينه وكان من المخطط أن يقال من منصبه
نعم هي كلمات شخصت المرض وبينت سبب الفساد. واستمر الصراع حتي قام الوزير بقتل مساعده عطية خوفاً من كشف فساده فكم في مصر وفي بلاد العالم من وزراء ومسئولين كـ»رأفت رستم« أدمنوا السلطة وأصيبوا بأورام الفساد الخبيثة؟
فالسكوت علي فساد الوزراء يجعلهم أكثر توحشاً وأكثر فساداً وأكثر نهباً للمال العام لذلك علينا أن نراقب عمل الوزارات ونكشف قضايا الفساد بداخلها من الموظف البسيط في الوزارة حتي معالي الوزير وعلي الهيئات والنقابات والشعب أن يتعاونوا جميعاً لتستطيع الوزارة أن تحقق النجاح والتقدم ولا يقتصر دورهم علي الدور الرقابي فقط وعلي الجهات المختصة محاكمة الوزراء والمسئولين والمحافظين الفاسدين وكل من عاونهم أو علي الأقل إقالتهم من مناصبهم و أن تكون محاكمة منصفة وحقيقية لا محاكمة شكلية لتهدئة الرأي العام ونأمل أن تستمر روح العدل وملاحقة الفاسدين في مصر في المستقبل بدون الانتظار لحدوث كارثة أو ثورة لتتم محاسبة الفاسدين.