النعوش الطائرة من ليبيا للقاهرة
بالأمس القريب ودعنا أخونا محمد ذو العشرين ربيعاً الى مثواه الاخير بقرية الهياتم مركز المحلة الكبرى و رغم أن عمره لم يزد عن عقدين من الزمان الا انه
كمعظم أبناء جيله مجتهد منذ صغره و يعمل على كسب ما يسد رمقه من عرق جبينه كما يقولون وعندما أنهى دراسته المتوسطة قام بالسفر الى ليبيا للعمل هناك وكان يحلم باليوم الذى ينهى فيه غربته و يتحقق حلمه الصغير الا هو الانتهاء من تشييد شقة سكنية بمنزل والده بالقرية وتدبير مبلغ تجهيز أثاث الشقة و العودة للعمل فى مصر و الرضا بالقليل .. نعم هذا هو كل حلمه بناء شقة بسيطة فى قريته وتجهيزها بالمنقولات القليلة كأبسط شقة فى القرية . الا ان القدر وأيدى الغدر تحالفا ضد أحلامه البسيطة لقد قُتل "محمد" نعم قتل داخل الغرفة الصغيرة التى كان يعيش بين جدرانها الضيقة فى ليبيا ولم يسعفه الحظ ولم تشفع له الغربة ولا بساطة حلمه من غدر بعض الخونة الليبيين الذين لا يستحقون أبداً أن نطلق عليهم الأشقاء العرب.. قتلوه بل وسرقوه وعاد الى أبويه جثة هامدة لا يعرف أحد من هم القتلة او دافعهم وراء قتله و قتل حلمه الصغير. و انتظرنا و صبرنا رغم حجم المصاب الكبير أن تصل إلينا ما يثلج صدر أهل "محمد" المكلومين فى فلذة كبدهم و الذين انتظروا أن يسمعوا أو يعلموا نتيجة للتحقيقات فى كيفية حدوث جريمة قتل شاب مصرى اكتفت بعثتنا الدبلوماسية فقط بإنهاء إجراءات إعادته لأهله فى صندوق ضمن النعوش المصرية الطائرة من ليبيا الى القاهرة و لم تكلف بعثتنا الدبلوماسية نفسها بالقيام بأى شئ آخر لمنع تكرار تلك المأساة . و لعل تكرار المأساة البشعة خلال الأيام القليلة الماضية و مقتل سبعة من أسرة واحدة من أبناء محافظة سوهاج التى استقبلتهم بأصوات البكاء و العويل بعد وصولهم اليها محملين فى طائرة داخلية من القاهرة و هو ما لم يحلموا به ان يصلوا الى بلدهم من قاهرة المعز على متن طائرة ولربما هى المرة الاولى اللذين تقلهم فيها طائرة ولكن للاسف لم يتمتعوا بركوبها لأنهم لم يكونوا الا جثثاً هامدة قتلوا جميعا على أيدى بعض الليبيين أو غيرهم من الخونة و الإرهابيين . سبعة من محافظة واحدة من أسرة واحدة يدفنوا فى مكان واحد ذنبهم الوحيد ليس الا كونهم مصريون فى بلاد الغربة يعملون لدى الغير للعمل على تحقيق أحلامهم البسيطة مثلهم مثل أخوهم "محمد" بل ان بشاعة الحادث الثاني يتمثل فى كونهم مسيحيون و ان استهدافهم جاء بسبب فقط أنهم مسيحيون مصريون ألهذا الحد أصبحت دماء المصريين رخيصة .. ألهذا الحد ضعفت الدولة المصرية و سلطتها فى الدفاع عن أبنائها .. كم استشعر الخزى و العار وعدم الرضا من بلوغنا لهذا اليوم الذى رخصت فيه دماء المصريين مسلميها و مسيحييها الى هذا الحد .. و يبقى السؤال الذى يراودنى فى تلك اللحظة اين حق هؤلاء القتلى ؟ وفى رقاب من دماؤهم هم و