رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الرهان الرخيص‮.. ‬الخبز مقابل الحرية‮!‬

لا تقتصر محاولات وأد الثورة المصرية في مهدها،‮ ‬علي قوي داخلية تقودها فلول الحزب الوطني ومافيا رجال الأعمال ووحوش الترسانة الأمنية وجميع يتامي عصر الاستبداد‮.. ‬إنها تمتد إلي قوي اقليمية تتمثل في دشداشات الخليج التي ترتعب من أن تنخر‮ »‬سوسة الحرية‮« ‬في كراسي عروشها،‮ ‬كما تمتد إلي الكيان السرطاني الصهيوني،‮ ‬خشية استئصاله من الجسد العربي الذي يتماثل للشفاء بعد النوم عليلا طوال عقود في مستشفيات الديكتاتوريات الحاكمة‮.‬

 

لكن السعي لسرقة الثورة المصرية لا ينحصر في هذه التحديات المحلية والاقليمية،‮ ‬وإنما يتعداها إلي قوي‮ ‬غربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية التي تريد لمصر أن تظل خادمة في‮ »‬بيت الطاعة‮«‬،‮ ‬حيث لم يكن تخلي العصابة الحاكمة في‮ »‬واشنطن‮« ‬عن دعم حليفها العجوز،‮ ‬مساندة للمصريين في عبورهم إلي الحرية،‮ ‬وإنما إدارك منها بأنه أصبح‮ »‬ورقة صفراء‮« ‬تفضحها شجرة الربيع العربي التي نبتت فجأة وسط صحراء القمع الشاسعة‮.‬

يفيق‮ »‬إله المال‮« ‬الأمريكي من الصدمة المباغتة للثورة،‮ ‬بمحاولة احتواء‮ »‬مصر الجديدة‮« ‬عبر مقايضة رخيصة هي‮: ‬الخبز مقابل الحرية،‮ ‬ملوحًا بسلاح المساعدات التي تشترط استمرار نفس سياسة النظام السابق في التركيع والتجويع،‮ ‬وتنفيذ الأجندات السياسية المشبوهة في المنطقة‮.‬

إن المساعدات التي أعلن عنها باراك أوباما ومجموعة دول الثماني،‮ ‬ليست سوي‮ »‬لقمة مسمومة‮« ‬للأفواه الجائعة،‮ ‬تهدف إلي اسكات الحناجر التي تذوقت طعم الحرية بعد أن كفرت بسنوات الخرس الطويلة،‮ ‬ومن المؤسف أن صانعي القرار في مصر لم يستوعبوا الدرس الذي رسب فيه النظام السابق عبر اعتماده علي سياسة الاقتراض وتسليم الدولة إلي سماسرة العولمة ومحترفي المضاربات الافتراضية وهواة أو حواة الاثراء السريع وصندوق النقد الدولي الذي ليس سوي مجرد فرع للخزانة الأمريكية لفرض هيمنتها علي مستضعفي العالم‮.‬

لا يعني الاعتماد علي سياسة الافتراض سوي مزيد من الديون الجديدة وإضافة صفوف أخري إلي طابور البطالة،‮ ‬والدخول مرة ثانية في دوامة الخصخصة،‮ ‬وتحويل مصر إلي سوق مستباحة لنفايات البضائع الغربية،‮ ‬ومراكمة الفقر علي الفقر‮.‬

كما يعني قبول المساعدات تسليم رقبة مصر إلي اللوبي الأمريكي الصهيوني،‮ ‬حيث تؤكد التسريبات الإعلامية أن تقديم المساعدات مرهون بتنفيذ اجندة سياسية مجحفة منها،‮ ‬إغلاق معبر رفح والتراجع عن تعديل سعر بيع الغاز والتعاون الأمني مع أمريكا وإسرائيل وعدم التواجد العسكري المصري في سيناء وتنفيذ اتفاقية‮ »‬كامب ديفيد‮« ‬كاملة وقطع العلاقات مع إيران،‮ ‬وهي شروط تحتم استمرار نفس سياسة النظام السابق الذي عمل وكيلا معتمدا للمافيا الحاكمة في‮ »‬واشنطن‮« ‬و»تل أبيب‮« ‬لتحويل مصر إلي خرابة لا تملك قرارها ولا مصيرها ولا قوت يومها‮.‬

ندرك أن‮ ‬30‮ ‬عاما من الفساد والاستبداد،‮ ‬أدت إلي تجريف مصر سياسيا واقتصاديا،‮ ‬وندرك أيضا أن الاقتصاديات المحلية يصعب انعزالها في ظل العولمة الاقتصادية،‮ ‬لكننا ندرك أن الطريق الصحيح إلي دولة العدالة والكرامة لن يتحقق بدون استقلال القرار السياسي والبدء الفوري في اقامة بنية صناعية انتاجية تستلهم روح ثورة يناير،‮ ‬وتستكمل محاولات بناء الاقتصاد الوطني الخلاقة التي بدأت أوائل القرن الماضي مع ثورة‮ ‬1919‮ ‬واستمرت مع الستينيات،‮ ‬قبل أن يتم التربص بها في السبعينيات،‮ ‬وازهاق روحها تماما أوائل التسعينيات‮.‬

آن لنا أن نكف عن الحج سياسيا واقتصاديا إلي‮ »‬البيت الأبيض‮«‬،‮ ‬فهو ليس حرما مقدسا له رب يحميه،‮ ‬والإله الأمريكي لا يقبل التوبة ولا يغفر الذنب‮.. ‬إنه لص وقاتل وسمسار‮.‬