رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى الأردن : الملك فى المطبخ بالمريله .. والشعب بالبوادى يجمع له الحطب !!

لقد أصبح إقالة الحكومات وتشكيلها في الأردن مسلسلا مقززا يعيد إنتاج أبناء الطبقة الإرستقراطية التي تشرع قوانين لتحافظ بها على إمتيازاتها وتزيد بذلك من وتيرة الصراع الإجتماعي

بتوسيع الفوارق بين قلة تتملك وتتوارث مؤسسات الدولة وبين سواد أعظم يغرق في الفقر وتتآكل فيه الطبقة الوسطى وأبنائها .. "المافيات الحاكمة" إستفحلت في حياة شعوب العالم الثالث والعالم العربي تحديداً وهي التي أوجبت الربيع العربي، والمطالبة بإسقاط تلك الأنظمة هي الحل الناجع لإنعتاق الشعوب من ذلها ..

إن الوضع الاقتصادي المتدهور في الاردن الذى يزيد من حالة الارتباك الحاصل هناك  ويقلص من قدرة السلطات على المناورة، او حتى الاقدام على قرارات جريئة في ملفات عديدة، فالغاء زيادة اسعار المحروقات مثلا يعني احداث فجوة كبيرة في ميزانية الدولة، ربما تنعكس سلبا على قدرتها على صعيد دفع رواتب موظفي الدولة .. خبراء في الشأن الاقتصادي يتحدثون عن حاجة الدولة إلى اربعة مليارات دولار على الاقل لتلبية الاحتياجات العاجلة ومن بينها دفع الرواتب، ومواصلة دعم السلع الاساسية وعلى رأسها البنزين والمازوت

إن تأخير عملية إصلاح فى المملكة  ليس في صالح الدولة والعاهل الاردني، وربما لا نحتاج إلى التذكير بما حدث في  تونس ومصر وليبيا واليمن والآن يحدث فى سوريا وايضا فى البحرين ومازال الحبل على الجرار كما يقول المثل الليبى، عندما تلكأ قادة تلك الدول  في الاستماع إلى نداءات المطالبين بالاصلاح مبكرا وإلى إستغاثات شعوبهم  فكان ماكان .. فهل الملك عبد الله الثاني قادر على انقاذ السفينة في هذا البحر الهائج المتلاطم الامواج والتيارات والمليء بالصخور الظاهر منها والمختفي تحت الماء ؟

ما زال كثير من المسؤولين الحاليين والسابقين في الأردن يراهنون على عناصر كثيرة وكبيرة، تشكل بنظرهم عائقا كبيرا أمام دخول الربيع العربي الحدود الأردنية، ومن أهمها الانقسام الأفقي في المجتمع بين فلسطيني وأردني واختلاف الأهداف والأولويات، ومنها ضعف المعارضة وعدم قدرتها على التأثير الكبير في الشارع، ومنها انقسام الحراك الشعبي والبحث عن الحصص والمغانم، ومنها أن الشعب الأردني مجمع على القبول بالنظام الهاشمي الملكي، وكل هذه الأسباب تجعل المسؤولين يتصورون أن المطالبات الشعبية لن تصل الى حد كسر حاجز الصوت حتى لو ظهرت بعض الأصوات التي تجاوزت الحد المتوقع.

في اعتقادي أن كل تلك المسوغات مقبولة لو لم تكن الظروف قد وصلت إلى حالة من التردي التي لم تعد محتملة، فهناك مشاكل سياسية واقتصادية جعلت الناس يفقدون الثقة بكل الوعود والمواعيد، وبقيت الآمال حبيسة الصدور والأماني مجرد حبر على ورق. فمنذ أكثر من عامين والحكومات تتعاقب وتتساقط  دون مبرر مقنع لمجيئها ورحيلها، ودون أن يكون لها أثر في إصلاح الحال والأحوال، بل على العكس كانت هي جزء من المأزق وكانت حكومة الطراونة تتويجا لكل ذلك النهج الذي يرى فيه الناس ردة عن الإصلاح وانتكاسة للوراء، فتشكيل الحكومات ورحيلها وتداول نفس الوجوه والأشخاص يعطي مؤشرا للناس أن ثمة من يراهن على صبرهم، أو ربما يراهن على شيء غير معروف، لا بل إن بعض الناس يعتقدون أن ثمة من يدفع باتجاه المواجهة بين الشعب والنظام

وإيصال العلاقة إلى طريق مسدود وصولا إلى مرحلة اللاعودة.

إن عمليات الفساد بالأردن تزداد يوما بعد يوم، وخير دليل على ذلك ما جرى من تعيينات في المواقع العليا في الأيام الأخيرة، والقصص لا تنتهي عند الحديث عن شخصيات تتهم بالفساد وتتسلم مواقع عليا في الدولة بنفس الوقت، ومن المفارقات المبكية المضحكة  كما حكى صديق أردنى قريب من مصادر حكومية أن أحد الأشخاص كان أستاذا في إحدى الجامعات وتمت إقالته فى يوم من الأيام بسبب سرقة أبحاث علمية، وبعد طرده من الجامعة تم تعيينه أمينا عاما لوزارة التربية والتعليم، أليس هذا غريبا أن يتحول السارق إلى أمين عام؟! وهذا ليس في زمن غابر، بل الأدهى من ذلك أنه تسلم عدة مواقع وهو الآن وزير عامل في الحكومة الحالية وبعد ذلك يريدون من الشعب التصديق أن هناك إصلاحا ومكافحة فساد.

لاشك أن هناك مستشارون حول الملك يعتقدون أن إدارة الدولة يمكن السيطرة عليها  بـ"اللاب توب" ويعتقدون أن الفرق بين الثورات في الدول العربية والثورة في الأردن هو مثل الفرق بين التفاح والبرتقال، كما قال أحدهم يوما ما، ولهذا يبدو أن النظام لم يعد قادرا على تجديد ذاته، فخيارات الملك باتت محدودة، وكل الذين يثق بهم متهمون شعبيا بالفساد، واختيار أي شخصية من الشخصيات المعروفة في الدولة لن يكون باستطاعتها حل المشكلة، لأنها لن تكون مقبولة من الناس بسبب فقدان الثقة  بين الدولة والشعب.

لا بد من عمليات جراحية عميقة وسريعة جدا لجسد المملكة المريض ودون خطوط حمراء  وعلى مؤسسات الدولة أن تتولى مسؤولياتها الوطنية والتاريخية، الكل قابل للتغيير والتبديل ما عدا الوطن فإنه يصبح في اللحظة الحاسمة أهم من الأشخاص، والدولة تصبح هي الحامية لدماء الناس ومستقبلهم، وبغير ذلك ستبقى الحلول مبتورة، وتزيد المشكلة، وتدفع الشعب بالاتجاه الآخر خاصةً وهو يتشوق لنسيم الربيع العربى الذى بدأ يُداعب وجههُ .. بغير ماقلنا واسلفنا .. سيظل الملك فى مطبخه بالمريله – كما هو بالصورة - وهو لايدرى أن الشعب بالبوادى يجمع له الحطب !

[email protected]