عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الآخر في البرامج السلفيّة

 حينما تبحث عن "الآخر" بالنسبة للسلفيين فأول ما يتبادر إلى الذهن هو غير المسلم "مسيحيا" كان أو "يهوديا" في وعي هؤلاء المتدينين.. لكن يبدو أن الآخر لابد وأن يتنوع إذا كنا بصدد تناول رؤية سياسية مطروحة للمجال العام بتنوع الانتماءات في المجتمع

: دينية، سياسية، وأحيانا مهنية، وجغرافية، وهو ما ترصده برامج الأحزاب السلفية التي نحن بصدد التفتيش عن مساحة الآخر فيها.

 تبدو مفارقتان جديرتان بالاهتمام إزاء برامج الأحزاب، أحدها ترى أن برنامج الحزب السياسي ينبغي أن يشتمل على تفاصيل لكل صغيرة وكبيرة مما يهم الشأن العام، وبالتالي ينبغي أن يكون لدى هذه البرامج أجوبة لكل ما يُطرح من تساؤلات، فإن لم يكن عُد ذلك تقصيرا في البرامج.. لكن يدفع الحزبيون من أصحاب البرامج بأنهم يقدمون رؤية إصلاحية عامة ليس مجالها الشرح ولا الاستطراد بل يكفي طرح الأفكار في عموميات وأن تكون مستندة لمرجعية محددة ثم يكون للتفصيل مواضعه فيما بعد.

 وهو ما يرفع عن الحزب السياسي عبء تلك الرؤية التي تلزمه بمناقشة كافة القضايا الفنية والفكرية المتخصصة، في كافة نواحي الحياة سياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا ودينيًا، ووضع الخطط التفصيلية لها، ومناقشة كافة مسائلها، كما لو كان حزبا موسوعيا مجاله الموسوعات، أو ما يشبه ـ من جهة أخرى ـ العودة والتأصيل لمنهج الحكم الشمولي الذي يتصدى لكل شيء، ويستقل بكل شيء.

ينطلق "النور" من هدم ثقافات سادت في السابق

 يمكن الوقوف على رؤية حزب النور للآخر (سياسيا وعقائديا) وإلى أي مدى راعى السلفيون وهم يؤسسون حزبهم هذا التنوع الاجتماعي والثقافي الحاصل في البلاد من خلال التعرف على ما يقدمه برنامج الحزب من تصورات تجاه مجالات الحياة المختلفة للدولة والمجتمع والمواطن في مصر ومدى استحضار مكونات المجتمع المختلفة إزاء كل هذه الأشياء.

 تنطلق رؤية الحزب من اعتقاد راسخ في إدانة ممارسات النظام السابق الاقصائية التي لم يتضرر منها الإسلاميون وحدهم بل كافة قوى وأطياف المجتمع المصري مع تعدد ألوانها.. فيعتقد حزب النور ـ كغالب المصريين ـ أن هذا النظام الذي خرجت جموع المصريين تنادي برحيله وإنهاء حكمه في ثورة الـ 25 من يناير عمل على "تأجيج الفتن الطائفية بين أبناء الوطن الواحد". فضلا عن تنكيله بالخصوم السياسيين، والكيد للقوى المجتمعية والدينية وتزوير إرادة الأمة في كل انتخابات جرت. ومن ثم حرص الحزب على الدعوة للقضاء على الثقافات السلبية التي سادت المجتمع في العهد البائد، ومن أخطر تلك الثقافات "ثقافة التهميش والإقصاء"، والاستعلاء، التي سعت لإبعاد المعارض أو المخالف وتجاهله وعدم النظر إليه مهما كانت صحة مواقفه وصدق أقواله.

 ففي الشق "السياسي" من برنامجه يدعو حزب النور إلى إقامة دولة "تحترم حقوق التعايش السلمي بين أبناء الوطن جميعاً"، وهي دولة قائمة على تعدد المؤسسات والفصل بين السلطات وتحمي الحريات وتحقق العدالة. وفي الشق "الاجتماعي" يرى الحزب ضرورة "الحفاظ على سلامة العلاقة بين أعراق وأطياف الأمة المصرية بجميع مكوناتها: مسلمين وأقباط، قبائل ونوبة، وغيرهم.. عمالاً وفلاحين، وأطباء ومهندسين ومثقفين، وغيرهم.. كل ذلك في نسيج واحد، يجمعه خطاب سياسي وإعلامي وثقافي واحد، ويقوم على "أساس مِن الحق والعدل والحرية المسئولة".

 اقتصاديا ينص برنامج الحزب على توزيع خارطة النشاط الاقتصادي "على كافة أنحاء الوطن من سيناء إلى مطروح، ومن بورسعيد إلى البحر الأحمر وأسوان، حتى يتمتع جميع أبناء مصر بخيرها، وينعموا بثرواتها على حد سواء، ويزول الشعور بمرارة الإقصاء والإهمال والتهميش الذي عانوا منه طويلاً". كما يرى وضع سياسات تنموية "تتأسَّس على القيم الثقافية الوطنية الثَّرية، وتنفتحُ على ثراء التنوع الثقافي الإنسانيِّ، وتطور الحياة، وتشكل الضمان الأساسي الذي يحفظ وحدة المجتمع وتماسكه".

 امتدت رؤية النور حتى طالت الآخر الخارجي أي خارج حدود الدولة، ففي مجال "السياسة الخارجية" يرى الحزب السلفي أن العلاقات مع الدول والشعوب الأخرى ينبغي أن تؤسس على الاحترام المتبادل والعلاقات المتكافئة، والتعايش السلمي، وتقوم على أساس تكامل الحضارات وليس صراع الحضارات. وعدم الاعتداء وتجريم اغتصاب حقوق الغير بالقوة. بل ويرى الحزب ضرورة أن تحترم سياستنا الخارجية العهود والمواثيق، ولا تزج بالبلاد في نزاعات تدمر ولا تعمر، وتهدم ولا تبني. ورغم أن السياسة الخارجية ترتكز على تحسين العلاقة مع الأنظمة السياسية بالدول المختلفة، لكن حزب النور يرى أنه لابد مع ذلك بالاهتمام بإحياء علاقة التواصل والتعاون مع الشعوب كافة ولا تكتفي بالأنظمة السياسية، لتحل محل حملات العداء والكراهية التي كان يصطنعها النظام السابق مع شعوب المنطقة، كما حدث مع دول الجزائر والسودان وقطر.

 في باب "الثقافة والهوية" من البرنامج يرى الحزب السلفي في النص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع ما "يتضمن تأمين الحرية الدينية للأقباط (باعتبارهم الآخر دينيا) وإثبات حقهم في الاحتكام إلى ديانتهم في أمور الأحوال الشخصية الخاصة بهم"، أما غير ذلك من أمور الحياة والنظام العام والآداب فقانون الدولة يسري على المواطنين كلهم.

 وكان من الملاحظ في برنامج النور اشتماله على عدد من المترادفات والمصطلحات التي يمكن اعتبارها مفاجئة للمطلع على برنامج أكبر حزب سلفي، خاصة مع كثرتها وتوزعها. ومن هذه المصطلحات: الجماعة الوطنية المصرية، جموع الشعب، الثقافة الوطنية، المشاركة المجتمعية، أبناء وادي النيل، الإرادة الوطنية، تقاليد المجتمع المصري، الإنسان المصري. وهي مفارقة تدلل إلى أي مدى يرى الحزب المصريين كتلة واحدة ينبغي إزالة الحدود بين مكوناته.

عموميات "الأصالة" لازمته مع الآخر

 كالمعتاد في تناوله للقضايا المختلفة لم نجد لحزب "الأصالة" سوى تعميماته التي يمر من خلالها على المسائل العامة مرور الكرام. ففي شأن الآخر ورؤية الحزب تجاهه يرى الأصالة ـ وهو الحزب السلفي الثاني بعد النورـ يرى أن ثورة الـ 25 من ينٌاير شارك فيها "جميع طوائف الشعب على اختلاف أدياٌنهم وتوجهاتهم"، من أجل رفض الظلم والاستبداد. ومحافظة على هذه الروح التي سادت ينبغي على الجميع أن يحرصوا على المشاركة في بناء الوطن ونهضته من جديد.

 وبناء على ذلك ينص برنامج الحزب على "ضمان التعددية السياٌسية، والسماح لكافة التوجهات والأفكار البناءة في المجتمع بالمشاركة" باعتبار أن اعتماد مبدأ زياٌدة المشاركة السياٌسيةٌ سوف يثري العمل العام ويوسع مجالات الحريةٌ. وهو ما يستلزم ضمان حياٌدية الأجهزة الأمنيةٌ والإدارية والتنفيذٌية للدولة.. فهذه الأجهزة مخصصة لخدمة الشعب وانحياٌزها لأي جهة جريمة تحاسب عليها...

 حزب الأصالة وإن لم يمكث طويلا أمام الموقف من

الآخر عكس غيره من الأحزاب السلفية إلا أنه اختصر ما يمكن أن يقوله في جعله باب المشاركة مفتوحا أمام الجميع باعتبارهم مواطنين عانوا جميعا في السابق ثم شاركوا في ثورة قامت لتهدم أسس هذه المعاناة. 

"الفضيلة" نفى التفرقة والتميز لأي يسبب

 أول ما يلحظه المتصفح لبرنامج حزب "الفضيلة" للوقوف على رؤيته تجاه (الآخر) ورود عبارة.... "من غير تفرقة في الجنس أو الدين أو الطائفة".. وتكرارها في مواضع عديدة من هذا البرنامج. فإلغاء القوانين المقيدة للحريات العامة يعطي المصريين الحقوق المتساوية في ممارسة الحريات دون تمييز من الجنس أو الدين أو اللغة أو العقيدة. وإصدار القوانين التي تؤكد على حق المواطنة يساوي بين جميع المواطنين دون تمييز على أساس ديني أو عرقي أو اقتصادي أو اجتماعي أو سياسي. وإن شمولية التنمية الاقتصادية يعنى توزيع الثروة والموارد الاقتصادية للأمة بين جميع المواطنين من غير تفرقة في الجنس أو الدين أو الطائفة. وإن تحقيق العدالة الإنسانية هي إتاحة الفرص المتساوية للجميع دون تمييز من جنس أو أصل أو نشأة أو طبقة أو دين. والدولة في نظر الحزب مسئولة عن ضمان الحياة الكريمة لكل أفراد المجتمع دون تمييز بين أصل أو جنس أو دين.

 

بل ويذهب الحزب أبعد مما يتخيل البعض حينما ينص في برنامجه على أن معاني الشريعة الإسلامية لا تفرق في النظر بين الفقراء المسلمين وغير المسلمين، لأن الإنسان يشعر بوطأة الفقر لكونه إنسانا، ولأن ذلك ينزل في معنى الإنسانية والرحمة والتكافل فهو أعم من أن يشمل المسلم فقط بل يجب أن يشمل كل أفراد الوطن، دون النظر إلى الجنس أو الدين... ويضرب مثالا بزكاة الأموال، وهي فريضة شرعية تجب على المسلم نحو مجتمعه، لكن حزب الفضيلة ينص على أنها توزع "على كل أفراد المجتمع دون تمييز من جنس أو أصل أو دين"، وذلك لسد حاجة غير القادرين على العمل، بسبب عجز أو مرض أو شيخوخة أو سن.... في دلالة قوية وصريحة على أن الحزب السلفي ـ تحت التأسيس ـ يقدم مشروعا إصلاحيا تتلاشى فيه الفروق بين مكونات المجتمع الواحد وذلك بالنظر إلى هذا المجتمع الكبير باعتباره وحدة واحدة متساوية في الحقوق والواجبات العامة.

 

حزب الفضيلة أيضا ينظر إلى حق المواطن في التعبير بحرية وممارسة شعائره الدينية كما ينظر للحاجات الأساسية للإنسان بوصفه إنسانا: كالمأكل والملبس والمسكن والتعليم والعلاج، لأنه ليس من المقبول "أن نضمن لقمة الخبز ونلغى حرية التعبير"، كما ينص البرنامج.

 

يدعو الإصلاح إلى فتح صفحة جديدة بالحياة السياسية المصرية

 

ينص برنامج حزب "الإصلاح" على أن الشريعة الإسلامية في جوهرها منظومة قانونية مدنية تقيم العدل بين الناس بلا تفريق بين جنس ولون ودين ومذهب. ومن بين المواصفات التي يضعها الحزب السلفي للدولة التي ينشدها أنها تكفل ـ وفقًا لأحكام الدستور والقانون ـ حرية الاعتقاد الديني والفكري وحرية إبداء الرأي بالقول والكتابة أو غيرهما في نطاق الحقوق الدستورية والقوانين العامة. ومن ثم يؤكد الحزب على مبدأ «لا إكراه في الدين»، وأن «لغير المسلمين ما للمسلمين، وأن عليهم ما على المسلمين» باعتبارهم مواطنين في وطنهم، مع مراعاة أحكام الشريعة الإسلامية وفي حدودها، وأن لأهل الكتاب حرية ممارسة شعائرهم الدينية، وأن لهم الحق في الاحتكام إلى شرائعهم فيما يتعلق بالأحوال الشخصية إلا إذا آثروا أن يتحاكموا إلى الشريعة الإسلامية.

 

وفي شأن الخلافات الاجتماعية والطائفية والسياسية التي تتصاعد في المجتمع من وقت لآخر، يدعو "الإصلاح" في المسودة الأولية لبرنامجه إلى فتح صفحة جديدة في الحياة السياسية المصرية الأصيلة، تتجاوز سلبيات الماضي، والارتفاع فوق جراحه التي أحدثتها وعمقتها الفرقة والشرذمة، والشعور بالأنا، وصراعات المصالح الشخصية والطائفية. وفي سبيل الوصول لذلك يدعو الحزب إلى عقد وفاق وطني بين جميع القوى الوطنية الشريفة، والوقوف معًا جميعًا في خندق واحد.

 

ويعتقد الحزب أن المناخ السياسي الذي يحقق ذلك كله؛ يكمن وراء القدرة على اتخاذ القرارات الشجاعة والبحث عن صيغة مصالحة وطنية راسخة تشمل الجميع، وأيضًا الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، وإصدار عفو شامل يجمع بين أبناء مصر بكل انتماءاتهم تحت مظلة الاستقرار والوفاق، بما يحقق الاستقرار الضروري لنهضة المجتمع، وإعادة وجه مصر الحقيقي.