رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الجامعات والمجتمع الدولي

حرصت الدساتير المصرية المتعاقبة منذ عام 1971م على تكريس مبدأ الربط بين الجامعة وحاجات المجتمع. فعلى سبيل المثال، نصت المادة الثامنة عشرة من الدستور المصري لعام 1971 على أن تكفل الدولة «استقلال الجامعات ومراكز البحث العلمي،

وذلك كله بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع والإنتاج». ووفقاً للمادة (58) الفقرة الثالثة من الدستور المصري الملغي لسنة 2012م، «تلتزم جميع المؤسسات التعليمية العامة والخاصة والأهلية وغيرها بخطة الدولة التعليمية وأهدافها, وذلك كله بما يحقق الربط بين التعليم وحاجات المجتمع والإنتاج». أما الدستور المصري الحالي لعام 2014م، فقد ورد خلواً من مثل هذا النص. ويبدو أن السبب وراء ذلك هو الرغبة في عدم الربط بين التعليم الجامعي وسوق العمل، وبحيث يكون التعليم من أجل التعليم.
ومع ذلك، نعتقد أن الجامعات ومراكز البحث العلمي لا يجوز أن تعيش في برج عاجي بعيداً عن حاجات المجتمع واحتياجاته وتطلعاته. وعلى كل حال، فقد كانت النصوص الدستورية آنفة الذكر سبباً في استحداث منصب نائب رئيس الجامعة لشئون البيئة وخدمة المجتمع ومنصب وكيل الكلية لشئون البيئة وخدمة المجتمع، واللذين تم استحداثهما في العام 1989م.
ونرى أن اهتمام الجامعة لا يجوز أن يقتصر على المجتمع الوطني أو المحلي، وإنما ينبغي أن تمد بصرها إلى المجتمع الدولي، بحيث تعمد إلى مد جسور التعاون وأواصر العلاقات مع الجامعات الأجنبية، وأن تراعي احتياجات سوق العمل في المحيط الإقليمي العربي والدولي، حيث يضطر خريجو الجامعات المصرية إلى السفر بحثاً عن فرصة عمل غدت أصعب كثيراً من السنوات الماضية، في ظل منافسة شرسة من العمالة المؤهلة من الدول الأخرى، وفي ظل سياسات التوطين التي تنتهجها غالبية الدول العربية الخليجية.  
ومن هذا المنطلق، تابعت باهتمام الزيارة التي قام بها الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، والوفد المرافق له، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، يوم الثلاثاء الموافق الثالث من مارس 2015م، حيث التقى الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي ووزير المالية. ويبدو أن الهدف من هذه الزيارة هو توطيد العلاقات بين البلدين الشقيقين، وذلك من خلال إبراز وعرض بعض نتائج البحث العلمي في جامعة القاهرة، ومنها ما يتصل بابتكار طريقة جديدة لمعالجة مياه الصرف الصحي وتحويلها إلى مياه صالحة للشرب، وهي طريقة رخيصة ونظيفة تتلاءم مع البيئة العربية. كذلك، اطلع وزير المالية الإماراتي خلال اللقاء على ما توصلت إليه الأبحاث من ابتكار محطة للطاقة الشمسية بمكونات متوافرة في البيئة المحلية في الإمارات ومصر، وسيكون نافعاً للبيئة في

البلدين.
ويبدو أيضاً أن الزيارة جاءت تقديراً لمساهمة وزير المالية الإماراتي في تجديد بعض القاعات في مكتبة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة. وقد تم التوقيع بمناسبة الزيارة على اتفاقية تعاون بين جامعة القاهرة والأكاديمية الوطنية للبحث والتطوير في دبي، لإتاحة المجال للمواطنين الإماراتيين والمقيمين بها لدراسة الدبلوم والماجستير والدكتوراه في عدد من التخصصات الأكاديمية. كذلك، التقى الوفد بالشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة عضو المجلس الأعلى للاتحاد في دولة الإمارات العربية المتحدة، والذي شهد التوقيع على اتفاقية تعاون بين جامعة القاهرة وجامعة الشارقة لتعزيز الشراكة في الفعاليات الأكاديمية والمشاريع التدريبية والبحثية المشتركة.
وقد شاءت المصادفة أن التقي في ذات التوقيت تقريباً، وبالتحديد يوم الاثنين الموافق الثاني من مارس 2015م، نائب عميد كلية القانون لشئون التعاون الدولي في جامعة ليون 3 الفرنسية، وذلك على هامش جولة قامت بها إلى بعض دول الشرق الأوسط، لبحث أوجه التعاون بين كلية القانون بجامعة ليون وكليات القانون في الكويت والبحرين والإمارات.
واستهداءً بالتجربة الفرنسية، وفي ظل عصر العولمة الذي نعيش فيه منذ أكثر من قرنين من الزمان، نرى من الملائم أن تقوم الجامعات والكليات المصرية باستحداث منصب نائب رئيس الجامعة لشئون التعاون الدولي ومنصب وكيل الكلية لشئون التعاون الدولي. فلا يجوز أن يبقى الاهتمام بالتعاون الدولي مقصوراً على الوزارة المعنية بالتعاون الدولي وإدارة الانتربول في وزارة الداخلية وإدارة التعاون الدولي في وزارة العدل والهيئات القضائية. ويمكن من باب ترشيد الإنفاق إسناد هذا الاختصاص مؤقتاً إلى نائب رئيس الجامعة لشئون البيئة وخدمة المجتمع وإلى وكيل الكلية لشئون البيئة وخدمة المجتمع، كل في نطاق اختصاصه.

أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة