عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بطل من ورق وقانون الجمعيات القطرى

المتابع لواقع الإعلام المصري في هذه الأيام يلحظ أن الفضائيات المصرية أصبحت تتبارى في صنع «أبطال من ورق»، هم أولى بهذا الاسم من بطل الفيلم المشار إليه. ففي هذه الأيام، نتابع جميعاً الحديث الذي لا ينقطع على شاشات الفضائيات وبرامج التوك شو عن أحد أفراد العائلة الحاكمة القطرية، ويدعى «فيصل بن جاسم آل ثان». ومناسبة هذا الاهتمام الزائد أن المدعو فيصل بن جاسم آل ثان كتب بعض التغريدات على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، محرضاً بشكل مباشر ضد مصر وشعبها واستقرار أمنها. ففي تغريداته على تويتر، تطاول المذكور على الرئيس عبدالفتاح السيسي، وعلى الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، كما أهان القضاء المصري، فضلا عن مطالبته لجماعة الإخوان الإرهابية بالنزول إلى الشارع لزعزعة الاستقرار، حتى لو وصل الأمر إلى حد قتل الآلاف من المصريين.

والواقع أن الغالبية الساحقة من الشعب المصري والشعوب العربية لم تكن تعلم شيئاً عن شخص «فيصل بن جاسم آل ثان»، قبل أن تبدأ هذه الحملة الإعلامية والمناقشة المحمومة للتغريدات الصادرة عنه، الأمر الذي جعل منه شخصية مشهورة، وهو ما جعلني أقول إن الإعلام المصري صنع منه «بطلاً من ورق». وقد كان الأولى بوسائل الإعلام المصرية أن تلقي الضوء على بعض الأمور الأكثر أهمية، والأولى بلفت الأنظار إليها، وأعني بذلك القانون القطري رقم (15) لسنة 2014م بشأن تنظيم الأعمال الخيرية. وقد صدر هذا القانون في الخامس عشر من سبتمبر 2014م، ونشر بالجريدة الرسمية لدولة قطر في الثامن من ذي الحجة 1435هـ الموافق الثاني من أكتوبر 2014م. ولعل ما يسترعي الانتباه في هذا القانون أن المادة الثالثة منه تتحدث عن «الأفراد المصرح لهم بجمع التبرعات أو القيام بإجراء تحويلات مالية لأغراض خيرية أو إنسانية»، وبحيث لا تقصر هذا الأمر على الجمعيات والمؤسسات الخاصة الخيرية أو الجهات الأخرى المصرح لها بمباشرة الأعمال الخيرية أو الإنسانية، وإنما تمد ذلك إلى الأفراد. وطبقاً للمادة السادسة من ذات القانون، يشترط المشرع لتأسيس الجمعية الخيرية ألا يقل عدد المؤسسين عن عشرين شخصاً، وأن يكون العضو المؤسس أو المنضم للجمعية الخيرية قطرياً. ومع ذلك، يجيز القانون لمجلس الوزراء عند الضرورة، وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة، بناء على اقتراح الوزير، الموافقة على تأسيس جمعيات خيرية لا يتوافر فيها الشرطان آنفا الذكر.

وبالاطلاع على المادة الثانية من القانون القطري رقم (12) لسنة 2004 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة، نجد أنها كانت تنص بوضوح على اشتراط ألا يقل عدد المؤسسين عن عشرين شخصاً، ولا تجيز بأي حال من الأحوال الاستثناء من هذا الشرط. كما كانت المادة المشار إليها تشترط في العضو المؤسس أو المنضم أن يكون قطرياً.. ومع ذلك، كانت المادة تجيز «بقرار من مجلس الوزراء، بناء على اقتراح الوزير، الاستثناء من شرط الجنسية المنصوص عليه في البند (2/أ) من هذه المادة، متى اقتضت طبيعة نشاط الجمعية أو تحقيق أغراضها أو نطاق مزاولة نشاطها مساهمة غير القطريين في تأسيسها أو الانضمام إليها، على ألا تزيد نسبة الأعضاء غير القطريين،

المؤسسين والمنضمين، على 20% من مجموع أعضائها».. وهكذا، كان الاستثناء من شرط الجنسية مرهوناً بأمرين: (الأول) أن تقتضي طبيعة نشاط الجمعية أو تحقيق أغراضها أو نطاق مزاولة نشاطها مساهمة غير القطريين في تأسيسها أو الانضمام إليها. (الثاني) ألا تزيد نسبة الأعضاء غير القطريين،
المؤسسين والمنضمين، على 20% من مجموع أعضائها.

والواقع أن المادة الثانية من القانون القطري رقم (12) لسنة 2004 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة قد خضعت للتعديل بموجب القانون رقم (8) لسنة 2006م، ثم بمقتضى القانون رقم (10) لسنة 2010م. وبناء على هذا التعديل الأخير، غدا جائزاً «لمجلس الوزراء عند الضرورة، وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة، وبناء على اقتراح الوزير، الموافقة على تأسيس جمعيات لا تتوافر فيها بعض الشروط المنصوص عليها في البندين (1/أ)، (2/أ) من هذه المادة». ويتعلق البند (1/أ) باشتراط ألا يقل عدد المؤسسين عن عشرين شخصاً. أما البند (2/أ)، فينص على اشتراط أن يكون العضو المؤسس أو المنضم للجمعية قطرياً. وهكذا، فتح المشرع القطري الباب واسعاً أمام تأسيس جمعيات أو مؤسسات خاصة، يكون كل أعضائها من غير القطريين، كما فتح الباب واسعاً أمام إنشاء جمعيات ومؤسسات خاصة من عدد محدود من الأفراد، دون اشتراط حد أدنى معين، ولو كان ثلاثة أشخاص. ولا شك أن مثل هذا الاستثناء يثير التساؤل عن السبب والهدف الذي تتوخاه الدولة القطرية من وراء السماح بإنشاء جمعيات خيرية مكونة من عدد محدود من الأفراد جلهم من الأجانب. ونعتقد أن هذا القانون دليل دامغ على الدور القطري المشبوه في تمويل جماعات الإرهاب والجماعات الخارجة على القانون، وتوفير الدعم المالي لإحداث الاضطرابات في الدول العربية دون استثناء، ودون مراعاة لاعتبارات العروبة والمروءة وحسن الجوار.

وعلى هذا النحو، يبدو جلياً أن القانون القطري سالف الذكر يوفر الغطاء التشريعي لعمليات التمويل القطري للجمعيات الخارجة على القانون في الدول العربية الأخرى، لاسيما جماعة الإخوان الإرهابية وغيرها من الجماعات والأفراد المنضوية تحت ما يسمى «تحالف دعم الشرعية».

وللحديث بقية

أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة