رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

دور القانون فى تعزيز التنافسية

صدر مؤخراً تقرير التنافسية العالمي لسنة 2014، وهو التقرير الذي يصدر سنوياً عن المنتدى الاقتصادي العالمي في سويسرا، والذي اشتهر بتنظيم اجتماع «دافوس» السنوي للساسة ورجال المال والأعمال. وقد غطى التقرير الصادر لهذا العام 144 دولة،

وأظهر أن دول الخليج جاءت في صدارة الدول العربية، كما احتلت مراكز متقدمة على مستوى العالم. فقد تبوأت دولة الإمارات العربية المتحدة المرتبة الثانية عشرة عالمياً، متقدمة بمقدار سبعة مراكز عن العام الماضي، والذي احتلت فيه المرتبة التاسعة عشرة عالمياً. وتبوأت الإمارات العربية المتحدة المرتبة الأولى عالمياً في 6 مؤشرات، منها غياب الجريمة المنظمة، وجودة الطرق، وقلة التضخم وتأثير الملاريا على الأعمال التجارية وحالات الملاريا من 100000 وانخفاض نسبة مرض نقص المناعة المكتسبة. واحتلت الإمارات المراتب الخمس الأولى في 28 مؤشراً، وتقدمت الإمارات في 78 مؤشراً من أصل 119 مؤشراً يتضمنها التقرير، وسجلت الإمارات تقدماً في مؤشرات الجوانب الإيجابية للمؤسسات، مثل مدى ثقة الجمهور نحو الساسة، حيث احتلت المرتبة الثالثة عالمياً.
واحتلت دولة قطر المرتبة الثانية عربياً والسادسة عشرة عالمياً، وبذلك، تكون قطر قد تراجعت بمقدار ثلاثة مراكز، حيث احتلت في العام الماضي المرتبة الثالثة عشرة، أما السعودية، فقد احتلت المرتبة الثالثة عربياً والمركز الرابع والعشرين عالمياً، واحتلت دولة الكويت المركز الأربعين، تلتها مملكة البحرين في المرتبة الرابعة والأربعين، ثم سلطنة عمان في الترتيب السادس والأربعين.
وعلى النقيض من دول الخليج العربية، التي تبوأت مراتب متقدمة، فقد شهد ترتيب مصر تراجعاً مستمراً منذ سنة 2009، الذي احتلت فيه أرض الكنانة المرتبة السبعين من 131 دولة شملها التقرير. فقد تراجعت مصر في سنة 2010 إلى المرتبة الحادية والثمانين من إجمالي 139 دولة. ثم تراجع الترتيب إلى المرتبة 118 في سنة 2013، وأخيراً، تراجعت مرتبة واحدة في سنة 2014، لتستقر في المرتبة 119 من إجمالي 144.
ويعزى هذا التراجع المستمر إلى الأحداث التي وقعت في مصر خلال الخمس سنوات الماضية، ويعود تدهور ترتيب مصر بصورة كبيرة إلى ركيزة المتطلبات الأساسية، وخاصة فيما يتعلق بضعف البيئة المؤسسية، ونوعية البنية التحتية في مجملها، والبيئة الاقتصادية الكلية، والإسراف في الإنفاق الحكومي، فضلاً عن عدم كفاءة الإطار القانوني المعني بتسوية المنازعات. كما يتبين من نتائج التقرير زيادة تكلفة الأعمال الناجمة عن ممارسة الإرهاب والجريمة والعنف.
ولعل من المناسب هنا أن نلقي الضوء على دور القانون في تعزيز التنافسية، وبيان المؤشرات التي يتضمنها التقرير فيما يتعلق بالمجالات القانونية المختلفة. وهنا نعتقد من الملائم أن نشير إلى أن تقرير التنافسية يرتكز على ثلاثة محاور رئيسية، هي: محور المتطلبات الأساسية، ومحور معزز الكفاءة، ومحور عوامل الابتكار والتطور. ويحتوي المحور الأول على أربعة مؤشرات أساسية، هي: المؤسسات، والبنية التحتية،

وبيئة الاقتصاد الكلي، والصحة والتعليم الأساسي.
ونعتقد أن القانون يمكن أن يلعب دوراً في تعزيز مؤشر المؤسسات، وذلك من خلال اتخاذ التدابير التشريعية اللازمة لتعزيز حماية حقوق الملكية وحماية الملكية الفكرية ومنع المدفوعات غير القانونية والرشاوى وضمان استقلال القضاء وكفاءة الإطار القانوني في تسوية المنازعات وكفاءة الإطار القانوني في الأنظمة الصعبة وشفافية السياسات الحكومية وفعالية مجالس إدارة الشركات وحماية مصالح المساهمين الأقلية وقوة حماية المستثمرين.
أما المحور الثاني، وهو محور معزز الكفاءة، فإن القانون يمكن أن يلعب دوراً مهماً فيما يتعلق بالمؤشر الخامس، والخاص بكفاءة سوق البضائع. ففي هذا الإطار، يمكن للقانون صياغة السياسات الاقتصادية ذات الصلة بتأثير الضرائب على الاستثمار وإجمالي سعر الضريبة وانتشار الملكية الأجنبية، كذلك يلعب القانون دوراً مؤثراً فيما يتعلق بالمؤشر الثامن، والخاص بنمو السوق المحلي، حيث يتولى المشرع تنظيم أسواق الأوراق المالية، وكذا ثمة دور للقانون في هذا الإطار، ويتعلق بمؤشر الحقوق القانونية.
وبوجه عام، يمكن القول بأن مقياس التنافسية يتأثر بالاستدامة البيئية والاستدامة الاجتماعية، وتستند الاستدامة البيئية إلى عدة مؤشرات، هي: القوانين البيئية وعدد الاتفاقيات البيئية الدولية المصادق عليها وحماية المناطق المأهولة وجودة البيئة الطبيعية. أما الاستدامة الاجتماعية، فيمكن تعزيزها من خلال تعزيز حماية شبكة الأمان الاجتماعية وسن التشريعات اللازمة لتعزيز حماية العمالة المعرضة للخطر.
ومن خلال دراسة تقرير التنافسية والمؤشرات التي يرتكز عليها، يمكن القول أيضاً بأن العوامل القانونية الأكثر إشكالية في وجه ممارسة الأعمال تتلخص في لوائح العمل المقيدة وقوانين ولوائح العملات الأجنبية ومكافحة الفساد وقوانين الضرائب. 
وهكذا، تبدو أهمية الدور الذي يمكن أن تضطلع به اللجنة العليا للإصلاح التشريعي، شريطة ألا يقتصر دور اللجنة على التشريعات ذات الصبغة السياسية، وإنما ينبغي أن يمتد إلى التشريعات الاقتصادية الكفيلة بتهيئة البيئة المناسبة لتشجيع الاستثمار.


أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة