رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الصحافة والدستور

نعيش في الوقت الحالي سجالا حادا بين الصحفيين وبين مجلس الشورى، وذلك على خلفية قيام مجلس الشورى بتشكيل لجنة لوضع معايير اختيار رؤساء تحرير الصحف القومية، وفحص ملفات المتقدمين للترشيح على منصب رئيس التحرير في هذه الصحف.

والواقع أن وسائل الإعلام عموما والصحافة المكتوبة على وجه الخصوص تلعب دوراً هاماً في الحياة المعاصرة. ولا تقتصر أهمية وسائل الإعلام على النطاق المحلي الوطني، وإنما تمتد إلى النطاق الدولي والعالمي. فكثيراً ما تلعب وسائل الإعلام دوراً إيجابياً أو سلبياً في العلاقات بين الدول.

وإزاء الدور الحيوي لوسائل الإعلام، لا عجب إذن في أن يستحدث المشرع الدستوري المصري باباً جديداً في الدستور الصادر سنة 1971م، وهو الباب السابع، وأن يخصص أحد فصول هذا الباب لسلطة الصحافة. ولعل ما يسترعي الانتباه هنا أن الدستور قد استخدم عبارة (سلطة الصحافة) كعنوان للفصل الثاني من الباب السابع، الأمر الذي يؤكد مدى الأهمية التي تحظى بها الصحافة، وذلك إلى حد إطلاق لفظ (السلطة) عليها، واعتبارها بالتالي إحدى سلطات الدولة، شأنها في ذلك شأن السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية. أكثر من ذلك، أن المشرع الدستوري عند الحديث عن حقوق الصحفيين، استخدم بعض الألفاظ والعبارات التي استخدمها للدلالة على استقلال القضاة. بيان ذلك أن المادة (210) من الدستور تنص على أن «للصحفيين حق الحصول على الأنباء والمعلومات طبقاً للأوضاع التي يحددها القانون. ولا سلطان عليهم في عملهم لغير القانون». وهذه العبارة الأخيرة تذكرنا بنص المادة (166) من الدستور، والتي تقرر أن «القضاة مستقلون، ولا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون...».

وسلطة الصحافة، ووسائل الإعلام عموماً، مستمدة من تأثيرها على الرأي العام ومساهمتها في كشف أوجه الفساد داخل المجتمع. ولعل هذا المعنى يبدو واضحاً في المادة (206) من الدستور المصري لسنة 1971، والتي تنص على أن «الصحافة سلطة شعبية مستقلة، تمارس رسالتها على الوجه المبين في الدستور والقانون»، كما نصت المادة (207) على أن «تمارس الصحافة رسالتها بحرية وفي استقلال في خدمة المجتمع بمختلف وسائل التعبير، تعبيراً عن اتجاهات الرأي العام وإسهاماً في تكوينه وتوجيهه، في إطار المقومات الأساسية للمجتمع، والحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة، واحترام حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، وذلك كله طبقاً للدستور والقانون».

ولم يكتف المشرع الدستوري المصري بالنص على استقلال الصحافة، وإنما حرص على كفالة حريتها وحظر الرقابة عليها. بيان ذلك أن المادة (208) من دستور 1971م تنص على أن «حرية الصحافة مكفولة والرقابة على الصحف محظورة وإنذارها أو وقفها أو إلغاؤها بالطريق الإداري محظور وذلك كله وفقاً للدستور والقانون».

أما المادة (209)، فتنص على أن «حرية إصدار الصحف وملكيتها للأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة وللأحزاب السياسية مكفولة طبقاً للقانون. وتخضع الصحف في ملكيتها وتمويلها والأموال المملوكة بها لرقابة الشعب على الوجه المبين بالدستور والقانون».

وحتى تقوم الصحافة بالدور المنوط بها، خولت

المادة (210) من دستور 1971م «للصحفيين حق الحصول على الأنباء والمعلومات طبقاً للأوضاع التي يحددها القانون. ولا سلطان عليهم في عملهم لغير القانون».

وكما هو الشأن بالنسبة للهيئات القضائية، والتي يقوم على شئونها مجلس أعلى للهيئات القضائية، حرص المشرع الدستوري على إنشاء مجلس أعلى للصحافة، بحيث يقوم على شئونها. إذ تنص المادة (211) من دستور 1971م على أن «يقوم على شؤون الصحافة مجلس أعلى يحدد القانون طريقة تشكيله واختصاصاته وعلاقاته بسلطات الدولة. ويمارس المجلس اختصاصاته بما يدعم حرية الصحافة واستقلالها، ويحقق الحفاظ على المقومات الأساسية للمجتمع، ويضمن سلامة الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، وذلك على النحو المبين في الدستور والقانون».

ونعتقد أن تخويل مجلس الشورى حق تعيين رؤساء الصحف القومية يتعارض مع ما هو مقرر في الدستور من اعتبار  الصحافة سلطة رابعة. ونرى أن النصوص التي تخول لمجلس الشورى مثل هذا الحق هي نصوص مشوبة بالعوار الدستوري، ويمكن الدفع بعدم دستوريتها، وذلك بمناسبة الطعن على قرارات تعيين رؤساء الصحف القومية أو الطعن بوقف إجراءات اللجنة المنوط بها اختيار رؤساء تحرير هذه الصحف. فالصحف لن تكون مستقلة، طالما أن تعيين رؤساء تحريرها بيد سلطة أخرى، ولو كانت هذه السلطة منتخبة. إذ أن السلطات المنتخبة تخضع في الأغلب الأعم من الأحوال لسيطرة فصيل سياسي معين، يكون من مصلحته تعيين رؤساء تحرير تابعين له أو يعملون على الترويج لأهدافه ومصالحه.

والأنسب من وجهة نظري أن يكون تعيين رؤساء التحرير بواسطة الجمعية العمومية لكل صحيفة قومية. وما دمنا تعيش في أجواء مصر الثورة بعد 25 يناير حيث تسود ثقافة صندوق الانتخاب، فلماذا لا تسري ذات الآلية على الصحف القومية. وإذا كانت آلية الانتخاب واجبة الاتباع في تعيين شيخ الأزهر ورؤساء الجامعات وعمداء الكليات، فلماذا لا يتم اتباع ذات الآلية في تعيين رؤساء تحرير الصحف القومية ؟!!!

---
أستاذ القانون الجنائي المساعد بجامعة القاهرة