عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رئاسة مرسي والدستور

في الثلاثين من مارس سنة 2011م، صدر الإعلان الدستوري الحاكم للمرحلة الانتقالية في مصر بعد ثورة 25 يناير. وطبقا للمادة التاسعة والعشرين من هذا الإعلان، «مدة الرئاسة أربع سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب، ولا يجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية إلا لمدة واحدة تالية»

. وفي ظل هذا النص، تم إجراء أول انتخابات رئاسية مصرية بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، حيث جرت الجولة الأولى من هذه الانتخابات في الثاني والعشرين والثالث والعشرين من مايو 2012م، ثم أجريت الجولة الثانية أو جولة الإعادة يومي السادس عشر والسابع عشر من يونيو 2012م.

وفي الرابع والعشرين من يونيو 2012م، صدر قرار لجنة الانتخابات الرئاسية رقم 35 لسنة 2012م بإعلان نتيجة انتخابات رئاسة جمهورية مصر العربية. ووفقا للمادة الثانية من هذا القرار، «يعلن السيد الدكتور/ محمد محمد مرسي عيسى العياط فائزا بمنصب رئيس جمهورية مصر العربية». وقد تم نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية (العدد 25 مكرر) بتاريخ 25 يونيو سنة 2012م.

وفي الثلاثين من يونيو 2012م، وبعد جدل طويل حول المكان والجهة التي يؤدي أمامها الرئيس المنتخب اليمين الدستورية، أدى الدكتور/ محمد مرسي اليمين أمام الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا، كأول رئيس مدني لجمهورية مصر العربية، وبحيث أقسم بالله العظيم أن يحافظ مخلصا على النظام الجمهوري، وأن يحترم الدستور والقانون، وأن يرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن يحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه.

وفي مقالنا المنشور في بوابة الوفد الالكترونية، تحت عنوان «الدستور هو الحل»، اقترحنا إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة بمجرد إقرار الدستور الجديد، وبحيث يتم النص على ذلك ضمن الأحكام الانتقالية التي يرد النص عليها في هذا الدستور. وفي ذات المقال، قلنا بأن من المناسب أن يتم تضمين الدستور الجديد خريطة طريق لهذه الانتخابات ومواعيد محددة لتوقيت إجرائها، وبحيث يتم البدء بالانتخابات البرلمانية ثم الانتخابات الرئاسية. وسبق لنا القول بأنه مما يدعم هذا الاقتراح أن العديد من قطاعات المجتمع المصري وتياراته السياسية المختلفة – بما فيها حزب الحرية والعدالة – متفقة على ضرورة إلغاء مجلس الشورى وإلغاء نسبة ال50% عمال وفلاحين. فإذا ما قرر الدستور الجديد إلغاء مجلس الشورى، لم يعد ثمة مبرر لبقاء المجلس الذي تم انتخابه بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، لاسيما وأن نسبة الإقبال على انتخابات هذا المجلس كانت متدنية للغاية. كذلك، وإذا ما قرر الدستور الجديد إلغاء نسبة ال 50% عمال وفلاحين، لم يعد ثمة ما يستدعي الإبقاء على مجلس الشعب الحالي، والذي تم انتخابه على أساس هذه النسبة. وأشرنا أيضا إلى أن حكم المحكمة الدستورية العليا المنتظر صدوره بعدم دستورية نظام الانتخابات التي جرت على أساسه الانتخابات البرلمانية الأخيرة يدعم الرأي الذي نقول به.

وبالفعل، وفي الرابع عشر من يونيو 2012م، صدر حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية ما تضمنه نص الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 38 لسنة 1972م في شأن مجلس الشعب المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 108 لسنة 2011 من إطلاق الحق في التقدم بطلب الترشيح لعضوية مجلس الشعب في الدوائر المخصصة للانتخاب بالنظام الفردي للمنتمين للأحزاب السياسية إلى جانب المستقلين غير المنتمين لتلك الأحزاب. وقضت المحكمة كذلك بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة الثالثة من ذات القانون، المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 120 لسنة 2011م. وحكمت المحكمة أيضا بعدم دستورية المادة التاسعة مكررا (أ) من القانون المشار إليه، المضافة بالمرسوم بقانون رقم 108 لسنة 2011م، فيما نصت عليه من تضمين الكشف النهائي لأسماء المرشحين بالنظام الفردي بيان الحزب الذي ينتمي إليه المرشح. كذلك، قضت المحكمة بعدم دستورية نص المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 123 لسنة 2011م بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 120 لسنة 2011م، وبسقوط نص المادة الثانية منه. وقد جاء في حيثيات حكم المحكمة الدستورية العليا آنف الذكر

أنه «متى كانت انتخابات مجلس الشعب قد أجريت بناء على نصوص ثبت عدم دستوريتها، فإن مؤدى ذلك ولازمه – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن تكوين المجلس بكامله يكون باطلا منذ انتخابه، بما يترتب عليه زوال وجوده بقوة القانون اعتبارا من التاريخ المشار إليه، دون حاجة إلى اتخاذ أي إجراء آخر، كأثر للحكم بعدم دستورية النصوص المتقدمة، وإنفاذا لمقتضى الإلزام والحجية المطلقة للأحكام الصادرة». وبناء على هذا الحكم، وتنفيذا له، صدر قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بحل أول مجلس شعب منتخب بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير.

وهكذا، تم حل مجلس الشعب. ويبدو أن النية تتجه إلى عدم إجراء انتخابات جديدة للبرلمان، إلا بعد الانتهاء من إعداد الدستور الجديد. وعلى إثر صدور حكم الدستورية العليا بعدم دستورية النظام الانتخابي الذي جرت على أساسه انتخابات مجلس الشعب، وبالنظر لأن الحيثيات التي بني عليها الحكم تصدق كذلك على انتخابات مجلس الشورى، فقد قام البعض برفع بعض الدعاوى التي ترمي إلى حل هذا المجلس أيضا. وأغلب الظن أن يتم حل أول مجلس شورى يتم انتخابه بعد ثورة 25 يناير المجيدة. وربما يكون هذا المجلس  هو آخر مجلس شورى، وذلك فيما لو قدرت الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد عدم ملائمة الإبقاء عليه.

وعلى هذا النحو، يثور التساؤل عما إذا كان إقرار الدستور الجديد سيؤدي إلى إجراء انتخابات رئاسية أم أن الرئيس الحالي ينبغي أن يبقى حتى تمام فترته الرئاسية كاملة، ومقدارها أربع سنوات. وحول امكانية إجراء انتخابات رئاسية جديدة بعد وضع الدستور، الأصل أن يعاد انتخاب رئيس الجمهورية. ولكن من الجائز وضع مادة في الدستور الجديد تنص على استمرار الرئيس الحالي في منصبه حتى انتهاء فترته، وذلك على نسق المادة 190 من دستور سنة 1971م، والتي تنص على أن «تنتهي مدة رئيس الجمهورية الحالي بانقضاء ست سنوات من تاريخ إعلان انتخابه رئيسا للجمهورية العربية المتحدة».

والواقع أن خلافا يمكن أن يحدث في هذا الشأن بين رغبة البعض في إجراء انتخابات رئاسية وبين حرص فريق آخر على أن يستكمل الرئيس الحالي فترته الرئاسية. ودرءا لكل خلاف قد يثور في هذا الشأن، وبالنظر لأن الأمر يتعلق بحكم خاص بحالة معينة دون أن تكون له سمة العمومية، نرى من الملائم أن يتم الاستفتاء على النص الخاص بمدة رئاسة مرسي، وذلك بشكل منفصل عن الاستفتاء على مواد الدستور ذاته. ونعتقد أن هذا الحل التوفيقي هو الأقرب إلى احترام الإرادة الشعبية، والأكثر اتساقا مع المبادىء والأصول الدستورية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أستاذ القانون الجنائي المساعد بجامعة القاهرة*