رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اختبار «فيتنام العرب»!

رغم حماس السعودية ومصر على وجه التحديد للإسراع بتشكيل القوة العربية المشتركة، ومسابقة الزمن لاعتماد هيكلها قبل نهاية الشهر المقبل، تمهيدا لدخولها حيز التنفيذ بعد اعتمادها من مجلس وزراء الدفاع والخارجية العرب عقب عيد الفطر، فالمستنقع اليمني ينتظر التدخل البري بعد قرابة شهرين من القصف الجوي، أقول رغم كل هذا الحماس إلا أن ولادة هذه القوة تظل محفوفة بالمخاوف العربية والمخاطر الاقليمية التي تصل إلى حد التضحية بالأم «الهوية العربية» مالم تصدق نوايا اللاعبين الأشبال في مسرح العمليات، والمخاوف العربية دائما يذكرنا بها الغرب ربما لاعتقادهم بأن ذاكرة العرب أشبه بذاكرة السمك، وربما لحسابات وأطماع تتعارض مع إنشاء هذه القوة، وها هو معهد بروكينجز يعزف على نغمة أن الجامعة العربية تمتلك تاريخا طويلا من التجارب الفاشلة في مسألة الخطط العسكرية المشتركة.

ويذكرنا المعهد الغربي هذه الايام بأن مجلس الدفاع المشترك أسس عام 1950 بعد تجربة كارثية لحرب 1948 مع إسرائيل، عندما فشلت خمس دول عربية تماما في التصرف على نحو مشترك، وتمكنت إسرائيل من هزيمة كل منها على حدة.
ووعدت القمة العربية الأولى في يناير 1964 بتأسيس قيادة عربية عسكرية مشتركة، ومنيت ايضا بالإخفاق.
وفي سياق مشابه، استعصى تنفيذ خلق قيادة عسكرية موحدة على دول مجلس التعاون الخليجي، منذ تأسيسه عام 1980. ورغم حدوث بعض عمليات دمج القوات، لكنها لم تتمكن حتى من تنفيذ نظام دفاع جوي مشترك.
ويلمح معهد بروكينجز إلى أن نجاح التكتل العربي مرتبط بالتحالف دائما مع الغرب، مشيرا الى ان ما حدث عام 1990-1991 هو أكثر الجهود العربية العسكرية المشتركة نجاحا، حينما قادت السعودية حملة لمجابهة القوات العراقية في حرب الكويت، حيث قاد الأمير الجنرال خالد بن سلطان قوات مشتركة، ومسرحا للعمليات، بشكل يتوازى مع القيادة الأمريكية بقيادة الجنرال نورمان شوارزكوبف، وايضا التحالف الجاري بخصوص سوريا.
الأكثر غرابة من ذلك هو الموقف الاسرائيلي الذي راح يتعامل مع هذه القوة من زاوية مختلفة، فبدلا من سياسة الرفض التي ترفعها اسرائيل دائما في وجه أى تكتل عربي راحت تل أبيب

ترسم الآمال في امكانية استخدام القوة العربية المنشودة لمواجهة التمدد الإيراني في المنطقة.
هذه القوة التي وصفتها مراكز الابحاث الاسرائيلية بـغير المؤهلة للدخول في مواجهة أمام قوى عسكرية إقليمية كإيران أو إسرائيل» يمكنها على الأقل أن «تفرمل» الطموحات الإيرانية في المنطقة.
وفي اعتقاد الاعلام الغربي تنطوي القوة العربية على مخاطر جمة، فبالنسبة لمصر قد تجرها رغم مشاكلها الداخلية إلى صراعات كالحرب في اليمن، وهو ما قد يكرر سيناريو «فيتنام العرب» أو الحرب التي خاضها جمال عبد الناصر في اليمن في ستينيات القرن الماضي.
كذلك بالنسبة للسعودية، قد تشعل هذه القوة مزيدا من الصراعات الطائفية بالمنطقة، التي قد تنزلق إلى داخل أراضي المملكة نفسها، بل وتتحول «الحرب الباردة» مع إيران لمواجهة حقيقية ساخنة.
لاشك أن مثل هذه المخاطر ومعها مخاوف بعض الدول العربية من اتساع رقعة الخلاف والصدام بين السنة والشيعة العرب بصورة قد تزيد من تفكك المنطقة، كل هذه التحفظات في اعتقادي يمكن أن تشكل حافزا أكبر لتشكيل مجلس أمن عربي فعّال يتعامل مع تحولات المنطقة بأدواتها الامنية والعسكرية وليس بالبيانات السياسية التي قادتنا الى هذا الواقع الهش الذي تعيشه المنطقة، صحيح قد فشلنا في السابق ولكننا فشلنا سياسيا لأننا لم نمتلك الإرادة العسكرية الجماعية، ولم نختبر قوة الردع العربية إلا في مواقف متفرقة رغم اتساع مخططات الهدم الوافدة من كل جانب.

[email protected]