عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

احتلال مصر يبدأ من ليبيا

مستقبل مصر مرهون بما يجري في ليبيا، فإذا احتل «الداعشيون» ليبيا فنفوذهم قد يصل إلى فلسطين ماراً بالأراضي المصرية، فالتاريخ القديم والحديث وضع ليبيا ومصر في سلة واحدة، حيث عرف قدماء المصريين الأقوام التي تقطن إلى الغرب من مصر بالليبيين، وكانت القبيلة الليبية التي تعيش في المنطقة المتاخمة لمصر هي قبيلة الليبو. وقد ورد ذكر هذه القبيلة لأول مرة في النصوص المصرية التي تنسب إلى الملك مرنبتاح من الأسرة التاسعة عشرة (القرن الثالث عشر ق. م). ومن اسمها اشتق اسم ليبيا وليبيين.

وقد بلغت بعض القبائل درجة من القوة مكنها من دخول مصر وتكوين أسرة حاكمة هي الأسرة الثانية والعشرون، التي احتفظت بالعرش قرنين من الزمان (من القرن العاشر إلى القرن الثامن ق. م) واستطاع مؤسس تلك الأسرة الملك شيشنق أن يوحد مصر، وأن يجتاح فلسطين ويستولي على عدد من المدن ويرجع بغنائم كثيرة.
وحتى في أعقاب الفتح العربي الإسلامي ظل الجزء الشرقي من ليبيا في معظم الأحيان تابعاً لولاية مصر، واستمر هذا الوضع حتى إبان حكم الشيعة للمنطقة في القرن العاشر الميلادي، الذي أدخل ليبيا في حالة من الفوضى والضعف شبيهة بما يحدث الآن سهلت على النورمانديين، الذين كانوا ينطلقون من قواعدهم في صقلية، انتزاع طرابلس بقيادة زعيمهم جوهر الصقلي. وفي عام (1158 ف) نجح الموحدون في طرد النورمانديين من طرابلس. وقد ترك الموحدون حكم الأجزاء الشرقية من ممتلكاتهم للحفصيين. إلا أن برقة لم تدخل ضمن المناطق التي سيطر عليها الحفصيون، إذ ظلت تحكم مباشرة من مصر وإن تمتعت في بعض الأحيان بالحكم الذاتي.
بعد ذلك احتل الأسبان طرابلس وتناوب المستعمرون على ليبيا حتى أسس أحمد القرة مانلي أسرة حاكمة استمرت في حكم ليبيا حتى (1835م) ويعتبر يوسف باشا أبرز ولاة هذه الأسرة وأبعدهم ثرا، وكان يوسف باشا حاكماً طموحاً أكد سيادة ليبيا على مياهها الإقليمية وطالب الدول البحرية المختلفة برسوم المرور عبر تلك المياه. كما طالب في سنة (1803) بزيادة الرسوم على السفن الأمريكية تأمينا لسلامتها عند مرورها في المياه الليبية. وعندما رفضت الولايات المتحدة تلبية طلبه استولى على إحدى سفنها. الأمر الذي دفع

الأمريكيين إلى فرض الحصار على طرابلس وضربها بالقنابل. ولكن الليبيين استطاعوا مقاومة ذ لك الحصار وأسروا إحدى السفن الأمريكية (فيلاديلفيا) عام (1805) الأمر الذي جعل الأمريكيين يخضعون لمطالبهم.
وما أشبه اليوم بالبارحة، فالتحالف الغربي الذي اطاح بالقذافي ترك ليبيا للميليشيات التي تحيك المؤامرات على مستقبل البلاد وبصورة تعيد للأذهان مشروع سيفورزا الذي نشرته بريطانيا وإيطاليا في 10/3/1949 الخاص بليبيا. ويقضي ذلك المشروع بفرض الوصاية الإيطالية على طرابلس والوصاية البريطانية على برقة والوصاية الفرنسية على فزان، على أن تمنح ليبيا الاستقلال بعد عشر سنوات من تاريخ الموافقة على المشروع. وقد وافقت عليه اللجنة المختصة في الأمم المتحدة في 13/5/1949 وقدم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للاقتراع عليه. وإذا كان هذا المشروع قد باء بالفشل لحصوله على عدد قليل من الأصوات المؤيدة آنذاك، فإنه مرشح للتنفيذ بقوة هذه الأيام في ضوء تلاقي المصالح والأهداف الغربية.
وعلينا أن نتذكر دائما أن «ليبيا» تتمتع بموقع جغرافي مميز في وسط الشمال الأفريقي، ويبلغ طول ساحلها على البحر المتوسط 1.955 كم. كما تمتد رقعتها الشاسعة من وسط ساحل أفريقيا الشمالي على البحر المتوسط حتى مرتفعات شمال وسط القارة الأفريقية. ومساحتها 1.0760.000 مليون كم مربع وتأتي في الترتيب الرابع من حيث المساحة بين الأقطار الأفريقية، بل إنها تعادل مساحة بريطانيا خمس مرات. وتعتبر «ليبيا» ومصر جسراً مهما يربط بين أفريقيا وأوروبا، ومن هنا فالخطر واحد.. والمصير أيضا واحد.

[email protected] com