عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

عيون العرب المستباحة!

ما أشبه اليوم بالبارحة، الضعف العربي يتراكم، والجسد العربي يتمزق تحت وطأة التكالب الغربي المتزايد، بالأمس ضاعت عين المكارم العربية في الزحف الصهيوني على المنطقة فيما عرف بنكبة فلسطين ولا يزال اليهود يدنسون المنطقة رغم مرور 66 عاما على النكبة، واليوم يتكرر نفس السيناريو في عين العرب السورية ولكن بأدوات وذرائع مختلفة.

ولمن لا يعرف عين العرب أو كوباني فهي مدينة سورية حتى اليوم، اما غدا فمصيرها في علم الغيب، وتقع على بعد 30 كيلو متراً شرقي نهر الفرات وحوالي 150 كيلو متراً شمال شرق حلب، ويضم هذا القطاع 384 قرية، ومدينة عين العرب مركز المنطقة مدينة تاريخية مهمة في سوريا، وتنتشر في عين العرب الاوابد الأثرية التي تعود لحضارات سورية قديمة آرامية وآشورية وغيرهما، وفي عهد الانتداب الفرنسي في سوريا كانت عين العرب مركزا هاما اهتم بها الفرنسيون وخططوا شوارع المدينة ولاتزال الكثير من المباني الفرنسية قائمة حتى اليوم مثل بعض الدوائر الحكومية الرسمية (السرايا). لكن الكثير من التحف والآثار التاريخية القيمة نقلت إلى خارج المنطقة إما إلى خارج سوريا أيام الانتداب الفرنسي وإما إلى متاحف سورية.
والمدينة حديثة العهد نسبيا، حيث نشأت عام 1892، ومع مشروع خط سكة حديد بغداد في حدود عامي 1911 و1912 تحولت إلى تجمّع سكاني مهم. كان يوجد في المنطقة كهوف قديمة اُستعملت منذ القدم كمساكن، وكان اسم المنطقة «كاني» وتعني بالكردية النبع أو العين، حيث إن المنطقة فيها عدّة عيون ماء.
واستقر فيها أكراد من المنطقة بعد تحديد الحدود مع تركيا عام 1921 على امتداد خط سكة الحديد، أضحى جزء من المدينة على الجانب التركي من الحدود باسم مرشد بنار، وبينهما نقطة عبور حدودية بذات الاسم.
اذن هي مدينةٌ تاريخيةٌ تحوي عدداً من المعالم الأثرية التي تعود إلى الحضارتين الآرامية والآشورية، حتى إنها مثلت نقطة اهتمامٍ للفرنسيين في عهد الانتداب الفرنسي.
لكن هذه الأهمية الاستراتيجية قد لا تضاهي الأهمية المعنوية لهذه المنطقة بالنسبة إلى الكرد، فكوباني بتسميتها الكردية في صلب الوجدان القومي الكردي، تسميتها تعود إلى «كوم بانيا» أو «الإجماع» باللغة العربية، وينسب البعض هذه التسمية إلى توحد عشيرتين كرديتين بين الحسكة وعين العرب
كما أنها كانت في أواسط القرن الماضي في صلب

الصراع ما بين تركيا والكرد، حيث يتحدر عدد من كوادر حزب العمال الكردستاني من المدينة، ما يجعل سقوط قرى ومناطق كوباني ضربةً قاسيةً للحلم الكردي التاريخي بالاستقلال.
وعين العرب السورية تذكرنا بعين كارم أهم وأكبر قرى القدس، والمجاورة لقرية دير ياسين، ذات الطبيعة الجبلية الخضراء التي تستهوي زائريها، لكنها تخفي في الوقت ذاته حقيقتها المأساوية منذ احتلت وهجر سكانها الأصليون أثناء النكبة.
وقرية عين كارم تكثر في أراضيها ايضا ينابيع الماء، ويقال إن النبي يحيى «يوحنا المعمدان» ولد في هذه القرية، وفي العهد القديم كانت مقرا للحجاج. وفيها عدد من الكنائس والأديرة التي يقال إن لها علاقة بحياة النبي يحيى. ومنها كنيسة الزيارة، على الموضع الذي أقامت فيه القديسة «اليصابات» أم يحيى خمسة أشهر، بعد أن حملت بولدها يحيى، منقطعة إلى الصلاة. وفي جوار القرية عين ماء، دعيت منذ القديم، (عين مريم) أو عين البتول، كانت السيدة مريم تردها.
ولا يخطر ببال زائر من بعيد أن عين كارم - الواقعة في الطريق بين القدس ويافا - قرية فلسطينية مهجرة بعدما باتت مستوطنة تحمل نفس الاسم بعدما أخرج منها سكانها العرب، واستوطنها الأعداء، ودعوها باسم «عين كيريم». وكان أهالي عين كارم قد هجّروا من منازلهم في يوليو 1948 وهم موزعون اليوم بين الضفة الغربية والشتات، وهو ايضا نفس المصير الذي ينتظر سكان عين العرب السورية وربما بغداد نفسها بعدما تجرأ «الداعشيون» من محاصرة العاصمة العراقية وسط «تهليل» دولي وعجز عربي!.

[email protected]