رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الفهلوي « ابن بطوطة « رئيس مصر القادم !

اذا اردت ان تصبح رئيسا لجمهورية مصر العربية الجديدة ،فليس امامك سوى ان تتسم بالفهلوة ، انس تماما مسألة الدستور اولا أو الانتخابات ثانيا ، أو تشغيل طابور العاطلين ثالثا ، أو إنقاذ الشعب من الخوف والبلطجية رابعا ، أو دفن الفقراء والجوعى احياء أخيرا ، كل ذلك لايهم فكلها أمور تطلع الروح والناس بعد الثورة محتاجة اللي يفرحها بكلمة والمصريين طول عمرهم تجذبهم حياة « الموالد » وحلقات الذكر الصوفية .

نعم نحن في مولد سيدي الرئيس القادم ، مولد تزين فيه المرشحون ويجوبون قرى ونجوع مصر وسط مشاعل اصحاب المباخر التي تصاحب كل الانظمة وتظهر في كافة العصور وكأنها جزء أصيل من تراث الشخصية المصرية علينا ان نتجرعه قبل الثورة وبعدها .

واذا كانت الفهلوة هي قدرنا في المرحلة السابقة، فأخشى ان تصبح عنوان بيتنا في مرحلة ما بعد الثورة ايضا ، وان يصبح رئيسنا الجديد هو اكثرنا فهلوة ، فلا يعقل ان يكتفى مرشحو الرئاسة بدور الرحالة الذي يجوب قرى ونجوع مصر وكأنهم يكتشفونها لأول مرة ويعيدوننا الى عصر «ابن بطوطة» علما بأن مشاكلنا معروفة وقضايانا واضحة وضوح الشمس ، فقط تحتاج الى حلول عملية ، اى برامج تنفيذية وليست سياسية وهو ما لم نلمسه حتى الآن من مرشحى الرئاسة ، كان من الأولى ان تسبق برامجهم جولاتهم ، برامج زمنية محددة الاطر والآليات والاهداف لانقاذ مصر من ازماتها المتشعبة ، مثلما تفعل كل الدول الديمقراطية التي نتشدق بتجاربها ، وأن تخضع هذه التجارب للتقييم من قبل جهات علمية محايدة للنظر في امكانية تنفيذها قبل طرحها على الرأي العام .

كنت أتمنى ان يلتزم كل مرشح للرئاسة ببرنامج زمني ولو من فقرة واحدة لحل معضلة من معضلات البلاد ، الاقتصادية أو الاجتماعية أو الامنية أو السياسية ، بدلا من مولد الخطابات الذي نتمايل فيه مع جميع المرشحين وكأننا سكارى لا ندري ما يتربص بنا وحجم الخطر الذي ينتظرنا ، لقد حضر مهاتير محمد صاحب التجربة الماليزية الشهيرة ورحل عن ديارنا ولم نستفد منه بالصورة المطلوبة ، ولو ظل موجوداً بيننا حتي موعد الانتخابات ما استفدنا منه ايضا لأن مرشحينا كانوا ـ  وسيظلون ـ في جولات « بطوطية « وجلسات « حنجورية « في ربوع المحروسة ؟!

اذا اردت ان تعرف السر وراء كل ذلك ،ولا تحير نفسك كثيرا ،إنه جين وراثي جديد يخص المصريين وحدهم ، ليس له نظير بين اجناس العالم ، اسمه جين « الفهلوة « .. هل تعرفون صفات وكوارث هذا الجين الذي لا يعترف بثورة 25 يناير ويحتاج الى زلزال حقيقي نصنعه بأيدينا لتصحيح هويتنا وتعديل مسارنا قبل ان ندفن احياء ؟

معروف عند التربويين ان اكتشاف مفتاح الشخصية الوطنية لاى شعب او مجموعة يسهل علينا قراءتها وفهمها والتنبؤ بردود أفعالها , وطريقة التعامل معها وأخيرا – وهو الأهم – إصلاحها إن كان ثمة ضرورة ونية لذلك ، واذا كان مفتاح الشخصية الإنجليزية هو

الـ « جنتلمان « فى حين أن مفتاح الشخصية الأمريكية هو « البراجماتى « , فقد اتفق علماء الاجتماع في الشرق والغرب ، وبصم معهم علماء الأجناس ، على أن الشخصية المصرية منقوعة نقعا في الفهلوة ، وان الفهلوة التي تمثلت من قبل في خفة الظل والحداقة والشطارة والقدرة على المراوغة ، كوكتيل سعادة وأعطت المصرى القدرة الفائقة على طى سنوات طويلة سكنها السواد والحزن ، باتت اليوم الوسيلة المثالية ــ ان لن تكن الوحيدة ــ للتربح واستغلال النفوذ وقاعدة أساسية في النظرية الاجتماعية المصرية الخالصة والمعروفة باسم « خد الفلوس واجري ».

وبعد ان كانت الفهلوة مقصورة على الضعفاء والفقراء في المجتمع نجح النظام السابق في الارتقاء بها بحيث اصبحت شعار المرحلة يتمتع بها الكبير قبل الصغير ، فأصبحنا نسمع عن الوزير الفهلوي ، كما نسمع عن المسئول البلطجي ، والغريب اننا نصفق للاثنين معا ؟!

وطالما ان التقدم هو سُنة الاشياء ويفترض انه طبيعة الشعوب ، فمن المنطقي ــ طبقا لهذا التسلسل ــ ان نشهد رئيس «فهلوي» في المرحلة المقبلة ، خاصة أن كل الدلائل والمعطيات الموجودة على الساحة الآن تبشر بذلك الفهلوي القادم ، ما لم تبادر الاحزاب والتيارات السياسية القوية بطرح أجندات وشخصيات جادة تنقذنا من مطب الفهلوي الجديد ، وإلى ان يتغير هذا الوضع فليس امامنا سوى ان نتوقف امام المستشرق الفرنسى  جاك باركن الذي يرى « أن الفهلوة هى السلوك المميز للشخصية المصرية , وأن هذا السلوك مكن مصر من ألا تضيع أبدا لكنه جعلها تخسر كثيرا » ، ويصدق الدكتور حامد عمار عميد التربويين المصريين على مقولة المستشرق الفر نسى محاولا قطع شوط طويل فى المسافة الشائكة بين كون الفهلوة سلوكا أنقذ مصر على طول تاريخها من الضياع , والخسارة التى ما زالت مصر تتكبدها بسبب الفهلوة , ووصل دكتور عمار فى رحلته إلى عمق رأى فيه أن الفهلوة قد توحشت في مصر وأصيبت بالسعار .

[email protected]