رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الإخوان بين الانتحار .. وخيار «زنجبار»!

هناك نظريات مختلفة تشخص الانتحار السياسى أو الاجتماعي، لعل أشهرها النظرية النفسانية لفرويد التى تقول إن المنتحر يقع فريسة لغريزة أو انفعال عدائى «سادي» أخفق فى التعبير عن نفسه فانعكس على الداخل «الذات نفسها ليقتلها»، وأيضا نظرية زلبورغ الذى يعتبر غريزة الموت غير خطرة ويرى أن أية عواطف عدائية إذا لم تجد لها طريقاً للتعبير عن نفسها قد تؤدى إلى الانتحار, فإذا القى الفرد لا شعورياً أن القوى الخارجية الاجتماعية قد اعتدت عليه وأنه لا يمكن رد الاعتداء فإنه يرتد على نفسه ويقتلها وبذلك يصبح الموت وسيلة للشهرة والخلود.

أما النظريات الاجتماعية فى تفسير الانتحار فتتصدرها نظرية «دوركهايم» التى تصنف الانتحار إلى انتحار أنانى ينشأ بين الجماعات الاجتماعية الأولية وخاصة الأسرة والجماعات الدينية والسياسية والمصدر الأساسى له انحلال لكامل هذه الجماعات وتصدع تماسكها بسبب تفكك الروابط بين الأفراد وانتشار النزعات الفردية المغالية ومعاناة الأفراد من قسوة الوحدة وسيطرة العزلة الاجتماعية على حياتهم.
وهناك ايضا الانتحار الفوضوى عند دوركهايم، ومصدر هذا الانتحار هو ما يطرأ على المجتمع من اضطراب نواحى النشاط فيه وما يسوده من اختلال فى نظامه بسبب التغيرات الجادة المفاجئة كالأزمات السياسية والقومية والاقتصادية أو حالات الرخاء, أو انهيار التكامل الأسرى وانقلاب وسائل الإنتاج.
والتاريخ الحديث، وبالذات فى السنوات الثلاثين الأخيرة، عرف الكثير من حالات الانتحار الجماعي، خاصة بين المنتمين إلى الجماعات الدينية، سواء لأسباب خاصة أو سياسية، وربما كانت هناك حالات مماثلة قديما ، كحركة الحشاشين التابعة لحسن الصباح وغيرها من الفرق الانتحارية. وأول حادثة موثقة من هذا النوع وقعت فى أواخر عام 1978، وكانت محصلتها 909 أمريكيين بين رجل وامرأة وطفل، من أتباع شعب المعبد الذين قضوا انتحارا فى مدينة جونستاون بجويانا الأمريكية الجنوبية، بعد أن أقنعهم جيمس جونز بتناول شراب يحتوى على سم السيانيد للتخلص من حياتهم بعد رفض روسيا، التى كان شعب المعبد يتفاوض معها، هجرتهم الجماعية لها، وبعد تورطهم بقتل عضو كونجرس وآخرين قرب معبدهم.
وكان أتباع هذا المعبد يؤمنون بأن أرواحهم ستغادرهم للحاق بـ«قوارب أجسادهم البشرية» التى ستنقلهم فى رحلة على متن سفينة فضاء يعتقدون بأنها ستلحق بالمذنب «هال بوب»! كما قام بعض هؤلاء بالتخلص

من أعضائهم التناسلية، قبل الإقدام على الانتحار، استعدادا لحياة تنتظرهم بلا ذكر ولا أنثى .
هذه الأمثلة وغيرها الكثير تبيّن أن الموت فى سبيل عقيدة أو مبدأ دينى أمر لا يقتصر على شعب أو دين معين، أو حتى على زمن محدد، فالهوس الدينى كاف ليس فقط لأن يقدم البعض على قتل نفسه، بل وأيضا السعى لتوقيع أكبر عدد من الضحايا، بصرف النظر عن كونهم أبرياء أو غير ذلك، وكل ذلك نتيجة رؤى أو خيالات معينة.
أقول هذا لأن المشهد الإخوانى أخذ يتبدل فى التركيبة الذهنية للمصريين من العمل الدعوى قبل ثورة 25 يناير إلى العنف الدموى بعد انتفاضة 30 يونية، فهناك استباحة للتعذيب والقتل وهدم المعبد على الجميع بما فيهم الجماعة ذاتها، إنه أمر يتعدى إطار الانتحار السياسى لفرد أو جماعة الى محاولة هدم دولة حسب تصريحات أنصار الجماعة الذين ربطوا استقرار البلاد بعودتهم واستقرارهم على كرسى الحكم؟!
وتصريحات قيادات معتصمى رابعة العدوية النارية تفتقر الى الخبرة السياسية وقواعد اللعبة التى تعتمد على «الكر والفر السياسي» وتجديد الطاقات وتغيير الخطط والبرامج  بين المتنافسين لضمان البقاء فى حلبة المنافسة، أما خيار «مشون» الدموى الذى تنفذه الجماعة فيصلح تطبيقه على دولة بحجم جزيرة زنجبار التى اختفت من الخريطة العربية بين عشية وضحاها منذ نصف قرن تقريبا، لكنه أبدا لا يصلح مع دولة عريقة مثل مصر، لأن الدول الكبرى هى من تستوعب الحركات والجماعات ولا تتأثر باختفائها، أو انتحارها. 

[email protected]