رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إسرائيل.. هل تخطف الثورة المصرية؟

 

كشفت في مقالي السابق »الفتنة الطائفية.. هدية إسرائيلية« جانبا من تحركات الموساد علي الساحة العربية، ولأن الصورة اليهودية »سداسية« الأبعاد شأنها شأن نجمة داود، فلابد من تجميع بقية جوانبها، كما وردت في وثائقهم ومخططاتهم، حتي نحدد خطواتنا ونعرف ما يحاك لنا ومن يتربص للانقضاض علي ثورتنا.

ولا شك ان انتفاضة الشارع  في تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن هي انتفاضة عربية خالصة وضعت لبنتها وشيدت قواعدها بسواعد شباب الامة، لا نختلف علي ذلك ولكن لا نختلف في نفس الوقت علي أن اسرائيل وأعوانها في الغرب والشرق لن يقفوا موقف المتفرج امام هذا التسونامي الجديد الذي يجرف الانظمة والايديولوجيات الموالية لها ويعيد ترتيب وصياغة اوضاع المنطقة.

وأكثر ما يهم اسرائيل وحلفاءها هنا هو جغرافية المنطقة، وتحديدا الجغرافيا السياسية.. هل تذكرون »الشرق الأوسط الجديد«؟ ذلك المصطلح الذي طرحته الادارة الامريكية بعد اجتياحها للعراق، لم يكن مجرد شعار يردده الاعلام الغربي وانساق خلفه الاعلام العربي الرسمي الذي لم يتحرر بعد من تبعية النظم السلطوية، وإنما الحقيقة المرة التي تكشفها وثائق الخارجية الاسرائيلية، التي سبق ان حصلت عليها جامعة الدول العربية ورفعتها الي الحكومات العربية ووضعتها الأخيرة بدورها في الادراج، هذه الحقيقة تقول ان حرب الخليج لم تكن سوي مرحلة غير مكتملة من السيناريو الصهيوني الجديد لتفتيت المنطقة العربية بعد مؤتمر مدريد للسلام.

وإذا كانت حرب الخليج قد قسمت العراق والسودان علي طبق من الصمت والخنوع العربي، إلا ان هذه الحرب لم تفلح في تنفيذ ما كان مدبرا لكل المنطقة ومن ثم تعتبرها اسرائيل وأعوانها مهمة لم تكتمل، من هنا نقول إن تل ابيب لن تقف موقف المتفرج مما يجري حاليا في الشارع العربي، ولن ترضي أن تكون الخاسر الاكبر من رحيل الانظمة العربية المستسلمة لأطماعها، بل ربما تكون اسرائيل الفائز الاعظم مما يجري وتنجح في تنفيذ ما فشلت فيه حرب الخليج بتفتيت باقي المنطقة  ونكون بذلك قد حققنا لها غايتها بأيدينا دون ان ندري.

علينا ان ندرك ان ثوراتنا العربية، وفي مقدمتها الثورة المصرية، تقف حاليا في مفترق طريق وعر وأن إثارة الفتن الداخلية وضبابية الافق وارتباك تحركاتنا كلها امور تصب في مصلحة اسرائيل التي لا تتواني في تصيدها واشعال نيرانها كلما خبت لتحقيق اهدافها في المنطقة، وحتي تتضح الصورة أكثر تعالوا بنا نستكمل ما ورد في وثائق الخارجية الاسرائيلية لندرك حقيقة ما تسعي اليه.

تقول الوثائق الاسرائيلية التي كشف النقاب عنها في أعقاب حرب الخليج نصاً: »إن العالم العربي أصبح الآن عالماً تعصف به التجزئة والانقسامات والخلافات التي تجاوزت حدود المواجهات الاعلامية الي حد المواجهات الساخنة بالسلاح، واذا كان العالم العربي قد شهد في الماضي مواجهات ساخنة من هذا القبيل كالمواجهة بين السعودية واليمن الجنوبي، وبين اليمن الشمالي واليمن الجنوبي وعمان ، وبين المغرب والجزائر، ومصر وليبيا سنة 1977 ونظام الملك حسين والفلسطينيين عام 1970 والمواجهة في لبنان بين مختلف  المعسكرات والجماعات (1975 ـ  1990) فإن المواجهة في حرب الخليج قد أدت الي حدوث

شرخ في جدار العالم العربي يصعب معالجته ورأبه، كما أن الصراعات الدامية العربية كثيرا ما حدثت في الماضي لاسباب أيديولوجية بين أنظمة راديكالية وأنظمة محافظة«.

تضيف الوثائق الاسرائيلية أيضا: »دارت هذه الصراعات في نطاق دولتين عربيتين أو اكثر، وكانت تأثيراتها محدودة حيث لم تسفر عن شطر العالم العربي وانقسامه الي معسكرين متحاربين، كما ان تلك الصراعات لم تؤثر علي الوحدة الجغرافية أو السكانية للدول المتداخلة في تلك الصراعات أو ما يعرف بالوحدة الوطنية والسلامة الاقليمية«.

وكانت مصلحة إسرائيل ـ طبقا للنص الحرفي لهذه الوثائق ـ تقتضي ان تكرس تلك الصراعات وتتعمق لأن العالم العربي يعني في نهاية المطاف إضعافه وتشتت قواه وطاقاته التي كان يمكن ان يعبئها ويحشدها في مواجهة اسرائيل، ولكن تلك المصلحة لم تتحقق بالشكل والحجم الذي كان كفيلا بإحداث خلل في علاقات القوي بين اسرائيل والدول العربية.

وتضع إسرائيل يدها علي الجرح العربي ليس بهدف تضميده وإنما من اجل تعميق آلامه وبتره، ألا وهو جرح الجماعات العرقية والطائفية حيث تري أنه ملعبها الاخير لتحويل المنطقة العربية الي كنتونات ودويلات صغيرة متصارعة تسهل السيطرة الاجنبية علي توجهاتها ومقدراتها، وتعترف اسرائيل انها واجهت صعوبات في هذا الملف من قبل، إلا ان هذه الصعوبات لن تجعلها تتخلي عنه وربما قد تجد ضالتها في استغلال الاحداث الجارية في غفلة من الشعوب العربية التي ثارت لكرامتها واستسلمت لفرقتها.

والحقيقة التي لا يختلف عليها اثنان أنه لا فرق عند اسرائيل ان ينفذ مخططها عبر ترسانة الجيوش الغربية في الخليج أو من خلال استغلالها لأوضاع مرتبكة في الشارع العربي، الكل عندها يتساوي طالما انه يحقق اهدافها.

لذا علينا ان نتحرك سريعا ـ جميعا وبلا استثناء ـ لنحمي ثوراتنا وديارنا وحريتنا واستقلالنا قبل أن يخطف الصهاينة حلمنا، ولن نتمكن من ذلك الا بتوحيد اهدافنا ومطالبنا، والحذر ـ كل الحذر ـ من العمل في أجواء ضبابية لأن ما سيعقبها هذه المرة قد لا يكون مطرا لإغاثة اللاهثين وإنما تسونامي صهيوني يجرف المسلمين والمسيحيين.

[email protected]