رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الفتنة الطائفية .. هدية إسرائيلية ؟

 

55 عاما واسرائيل تسعي جاهدة لتمزيق قلب مصر باعتباره النفق الوحيد للاستعمار اليهودي الجديد للمنطقة العربية، حاولت اسرائيل التسلل الي النسيج المصري مرات ومرات ـ هذا ليس كلامي وانما اعتراف صريح تضمنته وثائق الخارجية الاسرائيلية التي عثرت عليها اجهزة الجامعة العربية ورفعتها الي الحكومات العربية قبل عشر سنوات ووضعتها حكوماتنا في الادراج كعادتها ـ  نقول ان هذه الوثائق رفعت الي الحكومات العربية قبيل الاحتلال الامريكي للعراق والتسلل الاسرائيلي للمنطقة الكردية والتخطيط لانفصال جنوب السودان ولم تتحرك الانظمة العربية لا من قريب أو بعيد، واليوم جاء الدور علينا كشعوب وبدلا من ان نحمي وحدتنا ونصون ثوراتنا نهديها علي طبق من ذهب لاعدائنا بحيث اصبح الشعار الطائفي هو الحل الذي لم تنجح الحروب الاسرائيلية المتعاقبة في فرضه علي مصر تحديدا فلجأت تل ابيب الي السلام لإضفاء شرعية علي تحركاتها المريبة في البلاد ولم تتمكن ايضا في تفتيت الدولة المصرية، ولكنها وبدون سابق ترتيب وجدت ضالتها في خفافيش الفتنة الطائفية.

فقط سوف اصطحبكم في جولة سريعة داخل مقدمة هذه الوثائق لنعرف كيف تنظر اسرائيل لمصر والمنطقة العربية في حقبة السلام، والي اي مدي تصب فتنة امبابة في مصلحة المخطط الاستعماري الاسرائيلي لالتهام المنطقة ؟

تصنف الحالة العرقية أو الطائفية المصرية في المستوي الاخير بالنسبة للاستجابة للمخطط الاسرائيلي الرامي الي تفتيت المنطقة العربية الي 50 دويلة صغيرة يسهل السيطرة عليها واستنزاف مقدراتها، وتكشف الوثائق الاسرائيلية في هذا الصدد ان اتصالات علي نطاق ضيق مع بعض الشخصيات في مصر ـ قبل ما اسمته حملة "قاديش" عام 1956 واثناءها ـ ولكنها لم تتطور الي نتائج فعلية مثلما حدث في لبنان والعراق ، وتنوه الوثائق الي ان هذه الاتصالات تولاها "أريه ايلياف" وانها جرت في اليونان وقبرص وايطاليا، وتفيد التقارير المتعاقبة أن التحركات الاسرائيلية لم تهدأ منذ ذلك الوقت وأنها نشطت في الاونة الاخيرة للاستفادة من حالة الارتباك الامني والاجتماعي في المنطقة.

ووثائق الخارجية الاسرائيلية بلغت من الفجور مداها حينا تتحدث في اول سطر في المقدمة بلغة لا تعرف اي معني للسلام او الاستقرار لأية دول عربية بلا استثناء، فتقول الوثائق بالحرف الواحد: تبنت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة سياسة تقوم علي مبدأ دعم الاقليات غير العربية "العرقية" والعربية الطائفية في الشرق الاوسط وتأييد طموحاتها ورغباتها سواء فيما يتعلق بالمساواة في الحقوق وحق تقرير المصير أو اقامة كيانات مستقلة، وذلك انطلاقا من الحلف الطبيعي القائم بين اسرائيل وهذه الاقليات ـ علي حد وصف الوثيقة.

وتضيف الوثائق الاسرائيلية قائلة: نحن لن نجانب الحقيقة اذا قلنا ان مفهوم دعم حركات الطائفية العربية قد تم تبنيه ايضا من قبل الحركة الصهيونية واجهزتها بدليل ان الوكالة اليهودية بدأت اتصالاتها ببعض

الزعماء الدينيين السياسيين المارونيين في عهد الاستيطان اليهودي في فلسطين، اي منذ الثلاثينيات والاربعينيات من القرن الماضي، وقد اتخذ هذا الموقف انطلاقا من الادراك بأن هذه الاقليات وخاصة المارونيين في لبنان والاكراد في العراق والدروز في سوريا والجماعات الاخري في الاقطار العربية هي شريكة في المصير، ولابد من أن تقف مع اسرائيل في مواجهة ضغط الاسلام والقومية العربية ؟.

والذين يشككون في قدرات اسرائيل في استغلال الازمات لا يعرفونها حق المعرفة والدليل ان حالة الارتباك والتمزق التي يعيشها لبنان لم تكن وليد الصدفة، وان ما وصل اليه العراق لم يكن نتاج السياسات الصدامية وحدها، وان انفصال جنوب السودان لم يأت ترجمة استفتاء شعبي بقدر ما كانت كل هذه الامور، بما فيها نشأة اسرائيل ذاتها، افرازا لبروتوكولات صهيون التي وضعت قبل 100 عام، فالحالة العراقية الراهنة بدأت باعتراف الوثيقة الاسرائيلية في النصف الثاني من عقد الاربعينيات ـ اي قبل نصف قرن ـ عندما بدأ التنظيم السري في العراق بإجراء الاتصالات مع بعض اعضاء الحركة الكردية في شمال البلاد وقاد هذه الاتصالات كل من: رؤين شيلواح ومردخاي بن فرات وشلومو هليل.

وكان "بن جوريون" داعما بقوة لفكرة سيطرة المسيحيين علي لبنان ومن هنا كان الدعم المادي والمعنوي لحزب الكتائب، واستغلت اسرائيل طلب الرئيس كميل شمعون من الولايات المتحدة والدول الغربية ان تقف الي جانب المسيحيين ضد المحاولات التي تبذلها سوريا "الاقليم الشمالي" من الجمهورية العربية المتحدة التي تشكلت عقب إعلان الوحدة بين مصر وسوريا، استغلت اسرائيل ذلك في تحقيق أطماعها علي حساب استقرار لبنان وهو ما يجب ان نتنبه اليه كمصريين وعرب في التعامل مع الحالة الطائفية ومحاولة البعض الاستقواء بالغرب.

هذه قراءة سريعة في مقدمة وثائق الخارجية الاسرائيلية أما "الشيطان"  فيكمن في تفاصيل هذه الوثائق المخيفة.

[email protected]