رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إسرائيل تحكم الدول العربية برسالة الخرطوم!

فى أعقاب توقيع اتفاق أوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين ظن العرب أنهم فى مأمن من مخالب الصهاينة، ولتأكيد هذه الرؤية هرولت العديد من الأنظمة العربية قبل 15 عاما للانفتاح على تل أبيب طلبا لإقامة علاقات اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية معها «وكأنهم ما صدقوا أنهم تخلصوا من الصداع الفلسطينى»، والمفاجأة أن إسرائيل قابلت هذه الهرولة العربية بطلب غريب وهو انضمامها للجامعة العربية؟!

كان المبرر الإسرائيلى لهذا الطلب الذى فوجئنا به جميعا إعلاميين وسياسيين هو أن الأنظمة العربية باختلاف توجهاتها قادت العمل العربى المشترك لأكثر من أربعين عاما ولم تفعل شيئا، إذن اعطونا نحن اليهود فرصة مماثلة لقيادة العمل العربى خلال حقبة السلام وسترون الفرق «!!».
حينها التزمت الجامعة العربية الصمت لأنها كانت فى حرج بالغ من الهرولة العربية للتطبيع مع تل أبيب بصورة خرجت عن سيطرة، أو مجرد مناورة، الجامعة بهذه الورقة المهمة، وبعيدا عن تهذيب الألفاظ فإسرائيل كانت تريد أن تحكم المنطقة العربية وليس فقط أن تقودها كما ورد على لسان قادتها خلال مرحلة السلام أو بمعنى أدق «الاستسلام».
تذكرت هذا الموقف الذى عايشته عن قرب ورصدت انعكاساته السلبية على حركة الجامعة العربية آنذاك، تذكرته اليوم بعد العدوان الإسرائيلى ليل الثلاثاء الماضى على السودان الذى أدى إلى انفجار ضخم وحريق أصاب مجمعاً للصناعات العسكرية فى الخرطوم، وكعادة كل العرب، طلب السودان من مجلس الأمن الدولى إدانة تل أبيب «على الغارة التى شنتها» على المجمع، بينما وصف مسئول عسكرى إسرائيلى السودان بأنه «دولة إرهابية خطيرة».
من ناحيته، قال مندوب السودان لدى الأمم المتحدة، دفع الله الحاج على عثمان، خلال نقاش فى مجلس الأمن حول النزاع فى دارفور إن «٤ طائرات اخترقت مجالنا الجوى وشنت هذا الاعتداء الحاقد»، وطلب من المجلس «إدانة هذا الاعتداء»، مؤكداً أن إسرائيل «تهدد السلام والأمن فى كل المنطقة».
وفى المقابل، كشفت وسائل الإعلام الصهيونية أن العملية الجوية الإسرائيلية «كانت معقدة وتطلبت شهوراً عديدة من الاستعدادات وعشرات الطائرات»، لافتة إلى إغلاق السفارة الأمريكية بالسودان بعد وقت قليل من تفجير المصنع، الأمر الذى اعتبرته دليلاً محتملاً على أن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة بالعملية قبل تنفيذها.
السودان لم يكن هو الحالة الوحيدة لاستباحة إسرائيل للمنطقة، ففى أعقاب العدوان الأمريكى الغاشم على العراق، أعلن النظام الليبى طواعية تخليه عن نشاطات تطوير الأسلحة النووية فى خطوة فوجئ بها العالم، لكن ما شغل بال إسرائيل آنذاك هو تحركات الرجل الذى أشرف على بناء السلاح النووى الليبي، وهو خبير نووى باكستانى اسمه عبد القادر

خان.
وتمحور خوف إسرائيل حينها من توجه الرجل إلى بلاد عربية أخرى من أجل بيع معرفته بإنتاج السلاح النووي، ودارت الشكوك حول مصر والسعودية وسورية. وبما أن الأخيرة هى الوحيدة الواقعة خارج حرب الولايات المتحدة الأمريكية فإن الشكوك دارت حولها للانتفاع من خبرات خان.
لهذا قرر جهاز المخابرات الإسرائيلى «الموساد» القيام بتحريات حول تحركات خان وخلال تلك التحريات اكتشفت إسرائيل وجود علاقات سرية ووطيدة بين كل من سورية وكوريا الشمالية بدأت قبل ثلاث سنوات من تاريخ اكتشافها ولم تستطع إسرائيل إيجاد تبرير لهذه العلاقات فى إطار العلاقات العادية بين البلديين.
ولاكتشاف الأمر قام رئيس «الموساد» الإسرائيلى حينها «مير داجان» بمراسلة المخابرات الأمريكية والفرنسية يسألهم إن كانوا على علم بوجود علاقات تختص بتطوير الأسلحة النووية بين دمشق وبيونغ بانغ، لكن الرد جاء بالنفى من طرفين مؤكدين علمهما بوجود صفقات بيع صواريخ فقط، ومع ذلك قامت السلطات الإسرائيلية فى 6 سبتمبر عام 2007 بتوجيه ضربتها للمفاعل بواسطة ثمانى طائرات من طراز «إف 16» أطلقت صواريخها ونفذت العملية خلال دقيقتين.
ونفس السيناريو تتبعه إسرائيل قبل وبعد السلام ففى يونيو عام 1981 حلقت 8 طائرات إف 16 فوق بغداد ودمرت المفاعل النووى العراقى فى ثوان معدودات، دون أن نرصدها أو نلاحقها عربيا، لأن ذلك جرى بمباركة أمريكية أيضا.
تصوروا، طائرات إسرائيل تضرب السودان، ومن قبله سوريا ولبنان والعراق، كل ذلك فى دقيقتين أو ثلاث، ويكون رد الفعل العربى فى كل مرة هو «لطم الخدود» وكل أملنا هو طلب الشجب والإدانة الدولية، ألسنا بهذا الضعف نعطى الفرصة لغيرنا من الفاعلين والطامعين فى الشرق الأوسط لطلب قيادتنا خلال هذه المرحلة التى تعصف بالمنطقة؟
[email protected]