رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حرية الإعلام «رجس» من الشيطان.. في إمبراطورية الصمت!

فرق شاسع بين الثورات الفتية التي تشد علي سواعد أبنائها وتشحذ الهمم لتشيد نهضة تتسع للجميع، وبين الثورات «المرتجفة» التي لا تصمد شعلتها وتنطفئ سريعا أمام رياح الحرية، والمعروف أن حرية التعبير هي وقود التغيير في مختلف ثورات العالم، وعلي حكومة الإخوان أن تدرك ذلك جيدا حتي لا تتهم بأنها حولت البلاد إلي امبراطورية «الصمت» إذا ما تمادت الجماعة في ملاحقة الإعلاميين وتكميم أفواه الصحفيين علي النحو الذي شهدناه في الأيام الأخيرة، فالإعلام الثوري ليس «رجساً» من عمل الشيطان كما يردد بعض المتشددين، ولولاه لما قامت ثورة «الفيس بوك» ووصلنا إلي ما نحن فيه الآن.

وهناك عرف دولي علي أن قوة ثورات الشعوب من قوة إعلامها، وهشاشتها من هشاشته، ولعل هذا ما جعل منظمة مثل منظمة «فريدوم هاوس» الأمريكية تطير تقريرا في أعقاب ثورة يناير تقول فيه إن منطقة الشرق الأوسط حققت مكاسب جديدة لحرية الصحافة، وإن كانت «عابرة»، مشيرة إلي أن مصر احتلت المركز 123 بين دول العالم في مؤشر حرية الصحافة، بعد أن كانت في المركز الـ146 عام 2010، وبعدها الكويت وأوغندا.
ومسح التقرير أوضاع الصحافة في 197 دولة خلال عام 2011، وتواجدت 66 دولة في تصنيف «حرة تماماً»، و72 دولة «حرة جزئياً»، و59 دولة «غير حرة»، وأن 14.5% من سكان العالم يعيشون في مجتمعات تتمتع بصحافة حرة، في مقابل 45% يواجهون صحافة «حرة جزئياً»، و40.5% من سكان العالم لا يتمتعون بصحافة حرة علي الإطلاق.
الأخطر هو ما أظهره التصنيف السنوي لحرية الصحافة الذي أصدرته منظمة مراسلون بلا حدود بعد ذلك، والذي أكد تراجع حرية الإعلام في دول عربية ومنطقة الشرق الأوسط، وذكر التقرير أن الحريات التي حققها المواطنون في بعض الدول خلال الثورات العربية «بدأت تنجلي هشاشتها» ووصفها بأنها «حريات يمكن محوها بسهولة».
واعتبر التصنيف أن القمع كان عنوان العام الماضي وأن حرية الاعلام «لم ترتبط يوماً بالديمقراطية إلي هذا الحد، ولم يتعرّض عمل الصحافيين يوماً للمضايقة إلي هذا الحد، ولم تكن الإجراءات الرقابية والاعتداءات علي سلامة الصحفيين الجسدية يوماً كثيرة إلي هذا الحد».
ولم يخفِ التقرير خيبة الأمل التي منيت بها حرية الاعلام في مصر ما بعد مبارك حيث تراجعت الي المرتبة 166، وجاء تعليق تقرير المنظمة كالتالي «ولا يختلف الوضع في مصر التي خسرت 39 مرتبة (المرتبة 166) ومُنِيَ المطالبون بالديمقراطية فيها بخيبة أمل من المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي تسلّم مقاليد السلطة في فبراير 2011 من دون أن يضع حداً لممارسات كانت سائدة في ظل ديكتاتورية حسني مبارك».
وما يجري الآن يضعنا مجددا أمام تقرير آخر صادر عن لجنة حماية الصحفيين - والذي يهدف إلي تحديد اتجاهات أوضاع حرية الصحافة خلال الفترة بين عام 2002 و2007 - عدد من الدول في قائمة أسماها «العشر الأسوأ في حرية الصحافة»، احتلت فيها مصر المركز السابع بعد باكستان وقبل المغرب، والتقرير صادرٌ عن منظمة (إيفكس)، ويصف الدول العشر بـ «قائمة المتقهقرين»!!
وعمدت لجنة حماية الصحفيين إلي إصدار هذا التقرير إحياءً لليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يوافق يوم 3 مايو، لجذب الانتباه في هذا العام للتراجع طويل الأمد في أوضاع حرية الصحافة.
وكان موظفو اللجنة قد حدَّدوا طبيعةَ أوضاع الصحافة في البلدان المعنية استنادًا إلي مقارنة سبع فئات، وهي: الرقابة الحكومية، والمضايقات والملاحقات القضائية بتهمة التشهير، حالات موت الصحفيين، اعتداءات العنف ضد الصحافة، حالات سجن الصحفيين، والتهديدات ضد الصحافة.
وقد استثني موظفو لجنة حماية الصحفيين من الاعتبار مناطق النزاعات الكبري، مثل العراق والصومال، والتي تفتقر إلي هياكل الحكم المعتادة ووسائل التغطية الإخبارية.
وجاءت قائمة «أسوأ 10 متقهقرين» كالتالي: أثيوبيا، جامبيا، روسيا، جمهورية الكونغو الديمقراطية، كوبا، باكستان، مصر، أذربيجان، المغرب وتايلاند.
وتعكس مجموعة المتقهقرين خليطًا من الدول المنفتحة نسبيًّا، والتي تحوَّلت بصفة مضطردة نحو القمع والدول القمعية، والتي ساءت فيها أوضاع الصحافة بصفة لافتة للنظر، فقد كانت بعض الدول مثل تايلاند والمغرب تُعتبران من الدول القيادية في مجال حرية الصحافة في مناطقهما، ولكنهما شهدتا تراجعًا شديدًا خلال السنوات الخمس الماضية.
وأظهر التقرير أن مصر تعاني من قيام عملاء حكوميين بمهاجمة صحفيين أثناء تغطيتهم لتظاهرات احتجاجية، مشيرًا إلي أن المحرر رضا هلال اختفي خلال عام 2003م، كما تعرَّض المحرر الصحفي عبدالحليم قنديل للاختطاف في عام 2004م وتم الاعتداء عليه، كما يشير التقرير إلي أن استخدام المضايقات القضائية يتزايد، فقد تم فتح 85 قضية جنائية ضد الصحفيين خلال الفترة بين عامي 2004 و2006 وهو ما أكدته أيضا المنظمة المصرية لحقوق الإنسان.
أتمني ألا تعود عقارب الساعة بنا إلي الوراء، فالشعب الذي تصدي لبلطجية مبارك وضحي بأبنائه من أجل «حرية وكرامة وعدالة اجتماعية» ليس مستعدا للتنازل عن هذه المكاسب، والتقييد الذي سبق أن عاني منه الإخوان يجب أن يكون حافزا لمزيد من الديمقراطية وتحصين الحريات وليس قصف الأقلام، لأنه في النهاية لن يكون في صالح الإخوان ولا مصلحة الشعب أن توصم البلاد بــ «إمبراطورية الصمت» في زمن كنا - ومازلنا - نظنه زمن الحرية!

[email protected]