عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

قراصنة الثورة.. هل يختطفون دستور «مصر الجديدة»؟!

كل من ساهم فى ثورة 25 يناير يطالب بحصة فى مصر الجديدة، وخصوصا فى دستورنا الذى أصبح «مهلهلا» قبل أن يوضع، وقد يكون هذا المطلب حقا مشروعا للقوى الوطنية التى حاربت ظلم وفساد النظام السابق، ولكن الخوف كل الخوف أن تقفز بعض القوى المنتفعة على دستورنا الوليد كما فعلت واختطفت الثورة من أبنائها الشرعيين.. والكارثة الكبرى أن يغتصب أصحاب الأجندات الخارجية الدستور المرتقب.

أقول هذا ويساورنى القلق من الأذرع الإقليمية التى تسعى للتواجد فى الشارع المصرى والتأثير على خياراته وقراراته المستقبلية، هذه الأذرع المتمثلة فى إيران وحزب الله وحماس، وليس خافيا الدور الذى لعبته فى اختراق صفوف الثوار المصريين واقتحام السجون والمعتقلات المصرية فى مهد الثورة، ناهيك عن الذراع الطولية للأخطبوط الأمريكى الذى نصب نفسه وصيا على مصر، ولا أدرى من أعطاه هذا الحق ليتحدث عن طوائف الشعب المصرى بكل هذه «البجاحة» وهذا «العهر» السياسي.
المارد الأمريكى لا يعترف بأن مصر مهد الحضارة يمكنها أن تستوعب وتحتوى كل التيارات والأطياف، وأنها عاشت منذ الآف السنين واحة السلام للجميع «وادخلوها بسلام آمنين»، ولأنه لا يدرك ذلك، أو يتجاهله لغرض دنىء يسعى إليه، نجد الخارجية الأمريكية تستبق الدستور المصرى بحديث لا يليق عن إهدار حقوق البهائيين الذين يقدر عددهم بألفى شخص، وغيرهم من الأقليات فى مصر.
لقد اعترفت الإدارة الأمريكية بهذا التدخل صراحة فى تقرير الحريات الدينية الصادر عن خارجيتها عشية قيام الثورة المصرية وكأنها كانت تجهز الساحة المصرية لهذا التحول، كما سبق أن فعلت فى العراق، حيث جاء فى التقرير الأمريكى نصا: أن قانون 263 لعام 1960، السارى العمل به فى مصر، يحرم المؤسسات والأنشطة المجتمعية البهائية ويجردهم من الاعتراف القانوني، وبالرغم من هذا الحظر، فإنه يمكنهم الاشتراك فى أنشطة مجتمعية مثل احتفال ناوروز، رأس السنة البهائية. ويضيف التقرير الأمريكى أنه أثناء حكم الرئيس عبد الناصر، قامت الحكومة بمصادرة كل أملاك البهائيين، بما فى ذلك المراكز البهائية والمكتبات والمدافن.
وينوه التقرير الأمريكى إلى أن السلطات المصرية دأبت على تصنيف كل المواطنين على أنهم إما مسلمين، مسيحيين أو يهود على بطاقات الهوية. وفى حالات نادرة، قامت وزارة الداخلية بإصدار وثائق تذكر ديانة المواطن على أنها «أخرى»، أو لا تذكر الديانة، إلا أنه ليس من الواضح متى تنطبق هذه الشروط. وقد اضطر البهائيون والمجموعات الدينية الأخرى غير المرتبطة بالديانات الثلاث المعترف بها، أما إلى تعريف أنفسهم بصورة غير صحيحة أو الحياة بدون وثائق هوية صالحة.
وفى عام 2008 حسبما ورد فى التقرير ولا أدرى ما الذى يهم أمريكا فى ذلك حكمت محكمة القاهرة الإدارية فى ثلاث دعاوى رفعها البهائيون أنه ينبغى على الحكومة إصدار وثائق هوية رسمية تحتوى على خط فاصل أو أى علامة أخرى فى خانة الديانة، وقد ذكرت المحكمة أن الغرض من ملء خانة الديانة بخط فاصل أو علامة مميزة أخرى كان حماية

المنتمين للديانات الموحى بها (اليهودية والإسلام والمسيحية) من الاختراق البهائى وتجنب المخاطر الكامنة فى سلوك هؤلاء الأشخاص والعلاقات معهم. وقد نص الحكم على أنه لا يمكن تسجيل الديانة فى وثائق الوضع المدنى أو أى وثائق رسمية أخرى، لأن هذا سيتعارض مع النظام العام.
لكن فى إبريل 2009، أصدرت وزارة الداخلية قرارا يصف الإجراءات الخاصة بأعضاء الجماعات الدينية غير المعترف بها للحصول على بطاقات الهوية القومية التى تحوى الخطوط الفاصلة فى خانة تحديد الديانة. ووفقاً لأعضاء الطائفة البهائية، فإنه خلال النصف الأول لعام 2010، قامت الحكومة بتنفيذ الأمر وأصدرت أكثر من 180 شهادة ميلاد ومن 50-60 بطاقة هوية قومية للبهائيين، وجميعها تحمل خطوطاً فاصلة فى خانة تحديد الديانة.
ونظرا لأن الحكومة المصرية لا تعترف بالزواج البهائى وبما أنه ليس هناك آلية مدنية للزواج، ترفض السلطة التنفيذية إصدار وثائق هوية للبهائيين المتزوجين، إلا إذا وافقوا على تحديد الوضع العائلى على أنهم «غير متزوجين».
ويواجه أولئك الذين ليس لديهم بطاقات هوية صالحة صعوبة فى تسجيل أطفالهم فى المدارس، وفتح حسابات البنوك، وتأسيس الأعمال التجارية. تقوم الشرطة من حين لآخر بإجراء تفتيش على أوراق الهوية ويمكن احتجاز من لا يحمل أوراق هوية إلى حين الإتيان بالوثيقة.
إلى هنا لم ينته التدخل الأمريكى فى الشأن المصري، إنما راحت أيضا تنبش عن حقوق اليهود فى مصر والذين لا يزيد عددهم على 125 شخصا من كبار السن، وهناك وأيضا ما تسميهم بـ «شهود يهوه» وعددهم يتراوح ما بين 800 و1200 شخص، بالإضافة الى عدد صغير من أتباع طائفة المورمون، لكن الحكومات المصرية لا تعترف بأى من الجماعتين الأخريين.
أعتقد أن هذا الاعتراف الأمريكى كافٍ ليبين لنا حجم الخطر الذى يحيق بمصر «الجديدة» التى نتمنى أن تتسع للجميع وتحتضنهم بعيدا عن أية تدخلات إقليمية أو دولية، وعلى اللجنة التأسيسية للدستور أن تجنب خلافاتها جانبا وتفطن إلى «فخ» التقسيم الذى يتربص بنا.
[email protected]