رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الكتابة على السطر

كانوا دائما يشددون على ألا ننحرف عن السطر، ويؤكدون كتابة جميع الأحرف عليه، فى حصة الخط كانوا يعلموننا أن السطر هو نقطة الارتكاز،

جزء من بعض الأحرف يرتفع فوق السطر، مثل الطاء، والظاء،  والألف، واللام، وجزء منها ينزل عن السطر، مثل الراء والزان، وبعض الحروف عندما تأتى فى نهاية الكلمة يصبح جزء منها فوق السطر وآخر أسفل السطر، مثل العين والغين والقاف والواو، كانوا يأمروننا أن نبدأ بالسطر، وحسب رسم الحرف نرتفع أو نهبط عن السطر، أذكر أن أبلة هدى (مدرستى حتى الصف الثالث الابتدائى) كانت تقول لنا: حروف الباء والتاء والثاء من الحروف التى تفرد جسدها على السطر وترتفع نبرتها عنه، بعضنا كان يبدأ من النبرة، وبعضنا كان يسحب أولا جسدها على السطر.

حاولت كثيرا أن اكتب على السطر، أفرد جسد بعض الأحرف، أرتكز وأرتفع وأهبط حسب رسم الحرف، لكن دائما ما كان حبر الخط أظهر من قلمى الحبر، فكانت الكلمات تبدو وكأنها خلفية للسطر، فى مرات كثيرة كنت أحسن فى الحروف أوعيد عليها لكى تظهر ويختفى السطر، وفى مرات كتبت بين الأسطر مثلما كانوا يعلموننا فى كتابة أحرف اللغة الإنجليزية.

عندما كانت أبلة هدى تعيد كراسات الخط بعد تصحيحها أكتشف اننى حصلت على درجة متوسطة مع اننى من التلاميذ الذين كانوا يحسنون الخط، سألت الأبلة، قالت لى: لأنك لا تكتب على السطر، أنت تصنع لنفسك سطرا وهميا وتكتب عليه.

عندما كبرت اكتشفت ان ابنى لا يكتب على السطر، سألته:

ــ ليه ما بتكتبش على السطر؟

ــ قال: لأننى أرى سطرين.

طبيب العيون أكد لى أنه يعانى من مرض يسمى السجماتيزم، وهو عيب فى العدسة، لا تجمع الصورة فى نقطة واحدة، أهم أعراضه الزغللة، ترى الأشياء وظلها.

فى الكلية حاولت أن ألتزم بالكتابة على السطر، وبعد عدة محاولات اتضح لى صعوبة قراءة الكلمات المكتوبة على سطر، حبر السطر وسمكه أظهر وأسمك من حبر القلم الجاف، أيامها قررت أن أستبعد

الورق الفولسكاب، أحباره وسمكه يطبعان على ما نكتبه، أفكارنا وكتابتنا تضيع على السطر، اشتريت الورق الأبيض، نفس أبعاد الفولسكاب، الطول والعرض والسمك، لكنه يختلف عنه كثيرا، أهم ما يميزه عن الفولسكاب أنه مساحة بيضاء عليك أن تصنع سطرك وتكتب عليه، وأخطر ما تكتشفه مع الأيام انك صرت فى مواجهة مع الكلمات التى تكتبها، فلم تعد منشغلا بإظهار ما تكتبه على السطر لكى تتمكن من قراءته، بل أصبحت منشغلا بما تكتب: ماذا أكتب؟، ولماذا اكتب؟ وهل صغت ما أكتبه فى أسلوب رشيق ورصين وجميل وبسيط؟.

عندما اشتغلت بالكتابة اكتشفت أن السطر مازال حاضرا، فى داخل بعضنا أو لدى بعض المسئولين أو فى الأجهزة المتابعة، واتضح أن السطر لم يعد خطا مستقيما وسميكا، حبره أظهر عما تكتبه، بل إن السطر يمكن أن يميل ويحيد، يصعد ويهبط ويتلوى حسب الظرف والمناخ والثقافة والبيئة والجغرافية والتاريخ والحاجة، واتضح أيضا أن حبره يجب أن يلون أغلب أو بعض ما تكتبه، وفى أنظمة كثيرة أصبحت الكتابة على السطر مشكلة، إما ان تكتب على السطر أو تمنع عنك الفولسكاب، وللأسف هذه المشكلة لم تعد فى بعض الصحف، بل امتدت إلى الفضائيات، وأصبحت أبلة هدى هى مالك الفضائية أو رئيسها، وفى أغلب الأحوال يكون المذيع نفسه هو السطر.

‏Alaaalaa321gotmail.com